السؤال
السلام عليكم.
عمري 22 سنة، لدي ماض مخجل يعرف عنه الكثير من الناس، وتبين لي بعد ذلك بأني ممسوسة، والمس هو السبب في التصرفات التي صدرت مني، لكني لا أستطيع نسيان الماضي، ولا أظن أنه بإمكاني الزواج حتى وإن توفرت لي الفرصة، فالناس لن ينسوا ذلك الماضي.
مشكلتي الثانية أني شخصية ضعيفة، ولا أعرف كيف أتحدث مع الناس أو أتعامل معهم، وبالنسبة للصداقات لدي صديقتان علاقتي معهما سطحية، أشعر بأني قد كبرت ولن أستطيع تكوين علاقات عميقة مع الناس، فهل أنا بحاجة لزيارة طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي؟ هل هناك حلول أخرى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maram حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
استشارتك فيها شيء من الغموض، فالماضي المخجل الذي تتحدثين عنه غير واضح بالنسبة لنا، والذي ينبغي أن تكون الاستشارة فيها الوضوح والشفافية من أجل أن تكون الإجابة كافية وشافية.
صحيح أن الناس قد عرفوا بعض تصرفاتك التي ترين أنها غير مرضية بالنسبة لك، ولكنهم لا يعلمون أن تصرفاتك تلك كانت لاإرادية فإذا تبين لهم أنك مصابة بالمس فعلا كما ذكرت فإن الناس سيعذرونك ولا محالة كون تصرفاتك كانت لا إرادية، ولذلك ينبغي أن يعرف الناس ذلك حتى تعذري أمامهم.
يتوجب عليك حاليا أن تباشري الرقية الشرعية، ولتكن عند راق أمين وثقة وبحضور أحد محارمك، ولا تتركي الرقية حتى تشفي -بإذن الله تعالى-، وبجانب رقية الراقي أوصيك أن ترقي نفسك صباحا ومساء بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة وغير المأثورة.
أوصيك بالاستقامة على أمر الله تعالى والمحافظة على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها، والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك راحة وطمأنينة للقلب وحرز من الشيطان الرجيم ومن حسد الحاسدين.
الحياة الطيبة لا تشترى ولكنها تستجلب بالعمل الصالح وقوة الإيمان، فأوصيك بأن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
تضري بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وتحيني أوقات الإجابة وسلي الله أن يلطف بك وأن يستر عليك وأن يجعل الثناء عليك على ألسنة الناس.
جاهدي نفسك في طاعة الله، فذلك من أسباب استجلاب هداية الله ودفاعه عن أوليائه واستجلاب معيته قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ۚ وإن الله لمع المحسنين) ويقول: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا ۗ إن الله لا يحب كل خوان كفور) وقال: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
احذري من الرسائل السلبية فإن لها تأثيرا على حياة الإنسان؛ لأن العقل يستقبل الرسائل التي ترسل إليه ويتفاعل معها ومن ثم يعطي أوامره لبقية الأعضاء للتفاعل معها، فقولك إنك ضعيفة الشخصية رسالة سلبية ويجب عليك أن تغيري هذه الرسالة برسالة إيجابية فتقولي لنفسك إنك قوية، وإنك قادرة على اجتياز العقبات والصعوبات.
ينبغي ألا تتأثري بكلام الناس مدحا أو قدحا، فكلام الناس لا نهاية له، فكم من الناس من تكلم فيه بغير وجه حق، ومع هذا تجاهل ذلك الكلام ومضى في حياته يحقق ما يصبو إليه، وكم من الناس من تكلم فيه بحق، فاستفاد من نقد الناس وتلافى أخطاءه، وهذا ما ينبغي عليك فعله.
اختلطي مع الصالحات من بنات جنسك وتفاعلي معهن واستفيدي منهن أدبا وأخلاقا، واستفيدي من تجاربهن في الحياة، واستفيدي من كبار السن واطلبي مشورتهم ذكورا وإناثا، فالاستشارة تعني ألا تسلكي الطريق المجرب الذي لا يوصل إلى الهدف، والاستشارة تعني قطع المشوار بأقل وقت وجهد.
اجعلي لسانك رطبا من ذكر الله والزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
لست مطالبة بنسيان الماضي، ولكن المطلوب منك أن تستفيدي منه، فما كان سلبيا فتلافيه وما كان إيجابيا فاستمري عليه وحسنيه وكمليه، واحذري من اجترار الماضي لحياتك الحالية؛ فإن اجترار الماضي تكبيل للمرء فلا يستطيع أن ينجز شيئا.
نصيبك في الزواج سيأتيك ولن تستطيعي الهروب منه؛ لأن الزواج لا يفوت بالترك ولا يأتي بشدة الحرص، وعليك أن تكثري من الدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة؛ فإذا جاءك النصيب ورأيت أنه قد توفرت فيه الصفات المطلوب توفرها في شريك الحياة فاستخيري الله تعالى، فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والشفاء وأن يسمعنا الله عنك خيرا.