هل الوسواس الديني وما يصاحبه من بكاء وضيق وتعب ألم أم وهم؟

0 27

السؤال

السلام عليكم

هل يمكن أن يكون الشعور بالألم النفسي المتواصل اليومي لمدة أكثر من سنتين الذي سببه الوسواس الديني الشديد بالدرجة الأولى ثم أذى الأسرة النفسي؟ يرافقه ما يرافقه من البكاء والكتمة والغثيان وفقدان الراحة والتلذذ بالعبادات، والتعب المستمر رغم سلامة الفحوصات إلا نقص فيتامين د، واضطرابات الدورة، وانتفاخ المعدة الدائم، هل يمكن أن يكون كل هذا وهما؟ وأن هذا الشخص يتدلل فقط وما به شيء؟ كيف نعرف الوهم من الألم الحقيقي؟

علما أن هذا الإنسان كان ولا يزال شغوفا محبا للعلم والحياة وعنده طموحات، لكن هذا الألم النفسي حال بينه وبين حياته الطبيعية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ.ر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبعض الناس يكون لديهم علل جسدية بسيطة جدا، لكن نسبة لوجود قلق نفسي مركب تتضخم الأعراض، وتؤدي إلى ما نسميه بالحالات الجسدية، وهذا ليس توهما، وليس ادعاء للمرض، أو تمثيل، أو دلع، هذه علة وهي ظاهرة وليست مرضا نفسيا حقيقيا. الجسد والنفس متلازمتان، يعتمد بعضهما على بعض، والله تعالى ركب هذه الأنفس في الأبدان بصورة عظيمة وعجيبة، وما يصيب هذا يصيب ذاك. فما تحدثت عنه لا أعتبره وهما ولا أعتبره دلعا، ولا أعتبره تمثيلا أو اصناعا للأعراض، هي علة كما ذكرت لك، ولكن المجتمع قد يفهمها –كما تفضلت– بمفاهيم خاطئة.

انتفاخ المعدة شعور سخيف ولا يمكن أن يكون وهما أو تمثيلا، لكنه ليس عضويا، بمعنى أن المعنى يمكن أن تنتفخ مثلا للالتهابات شديدة، أو لاضطرابات في إفراز الأنزيمات، ولكن في ذات الوقت يمكن أن يشعر الإنسان بالانتفاخ، الأول نعتبره مرضا عضويا والثاني نعتبره مرضا نفسوجسديا وليس توهما.

فهذه الحالات حالات بسيطة، وبعض الناس لديهم هشاشة نفسية، قابلية لظهور هذه الأعراض، فالمشاكل الأسرية مثلا –كما تفضلت– الإصابة بشيء من الوساوس الدينية، عدم تنظيم الحياة وترتيبها، سوء إدارة الوقت، عدم الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، هذا كله كثيرا ما يؤدي إلى هذه الأعراض النفسوجسدية.

ومن أفضل الأشياء التي تعالج نوعية الأعراض التي تحدثت عنها هي: حسن تنظيم الوقت وتدبيره، وأن يحرص الإنسان على عباداته بصورة صحيحة، وأن يكون هنالك تواصل اجتماعي، وأن يكون هنالك اجتهاد حقيقي في الدراسة، والمشاكل الأسرية –أيتها الفاضلة الكريمة– يجب ألا نضخمها، ويجب ألا نجسمها، وكل عضو في الأسرة مسؤول أن يساهم مساهمة فاعلة من أجل إسعاد نفسه وأسرته، الأسرة شركة، كل فرد فيها يحمل أسهما معينة، قد تتفاوت في حجمها وكميتها، لكنها أصلا هي مساهمات، هذا أمر مهم جدا، وبر الوالدين من الأبناء يساعد كثيرا على استقرار الأسرة. ولا تدخلي أبدا في صراعات نفسية داخلية أو مع أفراد أسرتك.

إن شاء الله حياتك طيبة، وأمورك كلها طيبة، وهذا ليس وهما وليس دلعا، هي حالة ظاهرة نفسية جسدية بسيطة جدا، تعالج من خلال ما ذكرته لك.

وأريد أن أضيف –أيتها الفاضلة الكريمة-: تجنبي الكتمان، لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية شديدة، عبري عن ذاتك في حدود ما هو مقبول وما هو معقول، كوني محاورة، اجعلي في وجدانك سعة لاستيعاب الآخرين حتى ولو أخطؤوا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات