الموقف من تعب الوالدة لتجاهل الوالد وإهماله أمر أهله

0 377

السؤال

السلام عليكم.

أرجو الإفادة عن حدود نصيحة أحد الوالدين مع برهما.
باختصار: والدي -جزاه الله خيرا- لم يستكثر علينا شيئا، فالحمد لله؛ درسنا، وأمي كذلك جزاها الله عنا خيرا تحملت تربيتنا وخدمتنا ولم تشتك من ثقل الحمل.

المشكلة التي دفعتني لأطلب المساعدة أن الأمور تغيرت، فكبرنا ومررنا بأزمات، وذات يوم كنا نتحدث: والدي وأنا، فأمي تعبت لأن أبي لا يعينها في نقاش وحل المشاكل، وأبي يؤاخذها على اتخاد القرار وحدها، وهي تقول: إنها أجبرت على هذا لأن أبي يقول: لقد كبرتم، أو أحيانا أنه لا داعي للتدخل أو الحديث مع أخي مثلا، فأبي لا يقحم نفسه في أمورنا ولا يواجهنا بنصيحة أوعتاب، وعلى العكس فهو كثير الكلام عن أحوال الناس، وأمي تكره ذلك.

أنا في حيرة تامة، فتراكم هذا يعاني منه الكل في صمت، والجو مشحون لأن أمي أعصابها تعبت، المهم أن هناك خللا لكن أظن أن الزمن كفيل بتعويدنا تحمل المسئولية، ولكن والدي أتمنى أن يرتاحوا ويرضوا عنا، فهل من علاج؟ ومن يجب علاجه؟ وكيف إقناع الوالدين إن كان ضروريا، خصوصا أمي التي تحملت كثيرا ومرضت؟ وهل يكفي الدعاء لنا ولوالدينا بالهداية؟
أرشدوني وفقكم الله.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Oum حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد:

فإن رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما، والسعيد هو الذي يطيع ربه ثم يعرف حق والديه ويجتهد في إدخال السرور عليهما، ويحاول رد الجميل إليهما، وذلك بالعمل على راحتهما وتحمل بعض مسئولياتهما.

وقد أعجبني اعترافك بالفضل لوالديك، وهكذا ينبغي أن تكون المسلمة، فإن الوالدين هما سبب وجودنا بعد الله، ولذلك فإن الشريعة أمرت بالإحسان إليهما، بل والصبر على أذاهما وجفوتهما وخاصة في كبرهما، فقال سبحانه: (( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ))[الإسراء:23-24].

والمسلم يطيع والديه ويسارع في تلبية رغباتهما؛ فإن أمرهما بالمندوب يصيره واجبا، ولكن إذا أمرنا أحدهما بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومع ذلك أمرنا بحسن صحبتهما، قال تعالى: (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ))[لقمان:15].

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء رضي الله عنها بصلة أمها حين جاءتها وهي راغبة، وكانت يوم ذاك على الشرك؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم صلي أمك)، فكيف إذا كان الوالدان مسلمين لا يأمران إلا بالخير؟!

وحتى لا يشعر الوالد أنكم تهملونه أرجو أن تشركوه همومكم، وتخبروه بأحوالكم؛ حتى لا يفاجأ بالأمور التي تكون في البيت؛ لأن ذلك يحزن الوالد، ويدفعه للابتعاد عن أمور ومشاكل المنزل، ولا يندم من يشاور والده ويعرض عليه المشاكل، ولن يعدم عنده نصحا، كما أننا مأمورون بالإحسان للأب والأم جميعا.

وليس صحيحا ما تفعله بعض أمهاتنا من تكوين مجموعة مع أولادها لإدارة أمور البيت؛ لأن هذا التصرف يدفع الأب إلى عدم الرضا عن زوجته وأولاده، والأم لن تستطيع ذلك خاصة في حالة وجود أولاد ذكور يخرجون ويدخلون ويصادقون الشباب ويخوضون التجارب في الحياة والمنتديات، وهذا ميدان لا خبرة للأم ولا معرفة لها بأحواله، ومن هنا تتجلى أهمية وجود رجل في كل بيت يستشار ويطاع ويحقق التوازن في البيت.

ولا بأس من تقديم النصح للوالد أو الوالدة إذا راعينا الآداب الشرعية في ذلك، وقدمنا بين يدي نصحنا لهم ألوانا من البر وصنوفا من الإحسان، مع ضرورة اختيار الكلمة الطيبة والعبارة اللطيفة الحانية، ثم اختيار الوقت المناسب، ويفضل أن يكون النصح للوالد أو الوالدة بعيدا عن الأعين والآذان؛ لأن ذلك يغلق الباب على الشيطان، ويعينهما على قبول النصيحة، ويحفظ لهما مكانتهما وكرامتهما.

ولا مصلحة في الصمت الذي يصاحبه غضب وعدم وضوح؛ لأن ذلك يهدد بالانفجار في أي لحظة، كما أرجو تصبير الوالدة والتخفيف عليها، ولا شك أن تحملكم للمسئولية يخفف على الوالدة ويفرح الوالد.

أما الوالدة فمن الضروري الثناء على ما تقوم به من مجهودات، ولا أظنها ترتاح أو تفرح بكثرة الكلام واقتراح الحلول، بل إن ذلك يتسبب في انزعاجها.

وأرجو أن تحرصوا جميعا على طاعة الله، والصلاة، وتلاوة القرآن، مع المواظبة على أذكار الصباح والمساء، فإن البيوت التي فيها ذكر الله وطاعته أهلها سعداء، ولابد من التوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات