السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ ثلاث سنوات، وزوجتي تصغرني بثلاث سنوات، ورزقنا الله بطفلة تبلغ من العمر الآن زهاء السنتين، تتمتع زوجتي بشخصية قوية وتحب المجتمعات والاختلاط بالناس، وهي وحيدة أهلها ومدللتهم، وكانت جميع طلباتها تلبى من قبل والدها دون أي تذمر، وعندها نظرة في الحياة يصعب تغييرها، فهي تركز غالبا على الأمور الشكلية دون أي اهتمام بالمضمون.
والحق يقال أننا تعرضنا في بداية زواجنا لمحنة، وتمكنا بفضله تعالى أولا وبصبرها ثانيا من تخطيها وإلا لفشل هذا الزواج، بالنسبة لي فقد كنت في السابق شابا ملتزما لم أسلك أي سبيل يعرضني لطرق الحرام، فزوجتي هي أول إنسانة أخالطها في حياتي، وأنا لا أحب مخالطة الناس بل أفضل المكوث في منزلي مع زوجتي وابنتي، ونتيجة لهذا الاختلاف في الطبائع بيننا أصبحنا على خلاف دائم، ولكرهي الدخول في جدالات عقيمة من جهة، وعرفانا لصبرها في بداية حياتنا كنت دائما ما ألبي رغباتها، لكني -حسب ما تقوله- لم أغير أي شيء من طباعي التي تكرهها.
وبعد ثلاث سنوات أتت لتطلب الطلاق مني؛ لأن شخصيتي ليست الشخصية المثالية التي كانت تحلم بها، فمثلا: هي تحب الإنسان أن يكون قويا ونصابا..، إنني مندهش تماما منها ومن هذه الفكرة التي تراودها، فبعد ثلاث سنوات أتت تريد الطلاق لأن شخصيتي لا تعجبها! فما هو الحل الذي تقترحونه علي والذي يرضي الله سبحانه وتعالى؟ ودمتم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أبو نضال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.. وبعد:
فإن الرجل المسلم قوي أمين، غيور على عرضه، حريص على طاعة ربه، حفيظ للأسرار، عليم بما يقربه للواحد القهار، يخالط الناس ويصبر على الأذى، ويوازن بين حقوق أسرته ودوره في المجتمع؛ فهو يشهد الجمع والجماعات، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويبادر إلى الخيرات.
أما أن يكون الرجل قويا نصابا يأكل الحقوق، ويعتدي على الحرمات؛ فهذا ما لا يليق بمسلم يخاف الله ويرجو ما عنده، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلا تمش في طريق الظلم والعدوان حتى لو كثر أمامك الهالكون، واصبر على ما يرضي الله ولا توحشنك قلة السالكين، واعلم أن الله يمنعك من الناس ولكن لا يوجد من يحميك من غضب الله وانتقامه.
وقد أعجبني اعترافك بصبر زوجتك عند الأزمات، وأنت تشكر على الوفاء لها، ولكن أرجو أن تواصل الصبر عليها حتى تتغير، ولكن وفق ما يرضي الله، فإن المقياس الذي يحدد الصواب والخطأ هو الشرع الحنيف، فلا تفعل شيئا يخالف أمر الله مهما كانت مكانة من يطلب منك ذلك.
ويؤسفنا أن نقول: إن بعض الناس يعتقد أن الخديعة والكذب وجمع المال بأي وسيلة دليل على القوة والشجاعة والذكاء، ولكن هذا الأسلوب لا تقيم له الشريعة وزنا، وينتقم الجبار سبحانه ممن يفعل هذه الأشياء، وتنزع البركة من رزقه، ويحرم التوفيق في حياته، ويعاقب على ذلك في الدنيا مع ما ينتظره في الآخرة، وقد قال عليه صلاة الله وسلامه: (من اقتطع من مال أخيه شيئا من غير طيب نفس منه فقد حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار. فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وإن كان قضيبا من أراك).
واعلموا أنه لا خير في الحرام، وكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به، وأحسن من قال:
جمع الحرام على الحلال ليكثره دخل الحرام على الحلال فبعثره
وقد قال عليه صلاة الله وسلامه: (يأتي على الناس زمان لا يبالي فيه الرجل أمن الحلال جمع أم من الحرام).
وأرجو أن تعرف هذه الزوجة أن نساء السلف كان فيهن من تقول لزوجها إذا أراد أن يخرج من البيت: (اتق الله فينا ولا تطعمنا إلا من الحلال، فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار)، وهكذا ينبغي أن تكون الزوجة المسلمة، فإنه لا خير في زوجة أو ولد يدعو للعصيان ويشجع على الكذب والبهتان، وتذكر أن الله قال: (( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ))[التغابن:14]، ونحن ننصحك بالاجتهاد في إصلاحها وتعليمها أحكام الدين، ولا تتعجل في أمر طلاقها، وتذكر ما عندها من محاسن، واسأل الله بإخلاص فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، واعلم أن الشريعة جعلت الطلاق بيد الرجل لحكمة عظيمة، فلو كان الأمر بيد النساء لحدث الفراق لأمور تافهة.
واجتهد في تذكيرها بالعواقب وبمصير هذه الطفلة المسكينة وبواقع المطلقات في المجتمعات.
ثم حاول أنت من تغيير الجوانب السلبية في شخصيتك؛ فليس كل ما تقوله خطأ؛ فإن المرأة تسعد إذا كان لزوجها دور في الحياة، وحرص على المشاركة في بناء الأمجاد وخدمة البلاد والعباد، فكن سباقا إلى الخيرات مطيعا لرب الأرض والسماوات.
نسأل الله أن يصلح الأحوال والنيات.
وبالله التوفيق.