الشعور بالبرود في القلب والخمود في المشاعر عند اللقاء بين الخطيبين

0 461

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع، وجزى الله القائمين عليه خيرا.
أنا فتاة مخطوبة لشاب أعمل وإياه في شركة إسلامية معروفة، وقد تم التعارف بيننا منذ فترة وجيزة، وتمت الخطوبة تحت مباركة الجميع لأننا نشكل ثنائيا مناسبا كما يقولون، فأنا وهو ـ ولله الحمد ـ لدينا ذات الأهداف في خدمة الدين، ولدينا أفكار مشتركة في الحياة، وأنعم الله علي وعليه بقدر كبير من الجمال والنسب والعائلة الكريمة.
وأنا أحمد ربي أن جعلني ألتقي بهذا الشخص وهو كذلك، ما يشغلني ـ يا سيدي ـ هو البرود الذي يصيب قلبي فجأة تجاهه، أنا أشعر بميل نحوه وهو كذلك، ولكني في بعض الأحيان ونتيجة لكثرة احتكاكي به في العمل أشعر ببرود في قلبي وخمود في المشاعر، وأشعر بذات الشيء عنده ولا أدري لماذا؟ وعند ابتعادنا عن بعضنا تقوى مشاعرنا وتعود إلى الحياة من جديد ونشتاق لبعضنا.
هو لا يبوح لي بهذا، ولكني أشعر به، وهذا يضايقني كثيرا لأنني أخشى أن نكون متقلبي المشاعر وأن ما بيننا ليس إلا وهما سيزول بعد الزواج، أعلم أن لا دواء تستطيع وصفه لي فهذه مسألة قلوب في يد بارئها يقلبها كيف يشاء، لكني خائفة من أن يستمر هذا بعد الزواج وينتهي زواجنا بسرعة.

أحاول يا سيدي أن أحبه بعقل، وهو كذلك رجل يتحكم بعواطفه ويسيره عقله، وهذا ما أعجبني فيه منذ البداية أنه أعجب بي لديني وعقلي وليس لشكلي فقط، ولكن لابد لي أن أحدد مشاعري تجاهه وأن لا أتكلف بودي ومحبتي له ولا هو أيضا.

هل من نصيحة أو هل من تشخيص لهذه الحالة؟ وهل يمكن أن يقوى الحب بيننا أكثر بعد الزواج أم أنه سيزول أكثر لكوننا سنرى بعضنا أكثر؟ ولم يا سيدي يبرد ما بيننا عندما ألتقيه وأتحدث معه ويقوى عند ابتعادنا عن بعض؟ فما الذي سيحدث إذن بعد زواجنا ورؤيتنا لبعض طول الوقت؟ أرجو أن تفيدوني، أعلم أني لن أتركه لهذا السبب ولكن هل من طريقة لأبعد هذه المسألة عن تفكيري؟ وهل من أسباب لهذا البرود في المشاعر؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Muna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يجمع بينكما على خير، وأن يلهمكما السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وبعد:
فإن خير البر عاجله، ولا داعي لإطالة فترة الخطوبة، فلا مصلحة في ذلك، كما أنها عبارة عن وعد بالزواج لا تتيح لكما التوسع في إظهار المشاعر العاطفية، ولا ينبغي أن يخلو بك؛ لأن الشيطان هو الثالث، وليس للمتحابين مثل النكاح، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وأكثر الزواج بركة ما كان يسير المهر، وفيه بعد عن كل ما يغضب الرب سبحانه وتعالى.

وأرجو أن أفيدكم بأن المشاعر الحقيقية والعميقة لا تكون إلا بعد الرباط الشرعي، أما فترة الخطوبة فهي فترة مجاملات وإظهار للجوانب الإيجابية فقط، والتوسع في المشاعر والعلاقات العاطفية في هذه الفترة يعتبر خصم من رصيد السعادة الزوجية، وقد يصيب الحياة الزوجية بالجفاف العاطفي والشيخوخة المبكرة.
أما مشاعر الحب الحلال فهي التي تبدأ بالرباط الشرعي، وتزداد مع الأيام والأزمات قوة ورسوخا، والحياة الزوجية أخذ وعطاء، وواجبات قبل الحقوق.
وقد جرى على ألسنة الناس بعض الأمثال، كقولهم: (زر غبا تزدد حبا) ولعلكم تلاحظون أن الشمس بكثرة وجودها ومرورها لا تلفت الأنظار كما يفعل البدر ليل التمام.
وأكرر لكم نصحي بضرورة الإسراع في إتمام مراسيم الزواج؛ لأن ذلك يسعد الله ويبعدكم عن الأمور التي تغضب الله، فالخطبة ما هي إلا وعد بالزواج ((فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم))[النور:63].
واعلموا أن طاعة الله هي خير ما يؤلف للقلوب؛ لأن للحسنة نورا في الوجه وبسطة في الرزق وسعة في الصدر، بخلاف المعاصي التي لها شؤمها وظلمتها.

وهذا الذي يحدث طبيعي، فإن المشاعر تفتر بكثرة المشاهدة، ولكن البيوت لا تبنى على الحب وحده ولكن على الإيمان وطاعة الرحمن وتربية الولدان، ولذلك كان من حكمة الشريعة أن تجعل الرجل يضرب في الأرض بحثا عن الرزق وقد يسافر وهو مكلف بحضور الجمع والجماعات، فإذا رجع للبيت كان مشتاقا لأهله وهم كذلك، وهنا لابد أن نبين الخطأ الذي تقع فيه كثير من الزوجات حين تمنع زوجها من الخروج من عندها، وهذه تدفع زوجها إلى الملل الذي يجلب الصمت أو الهروب الكثير، وكلاهما يغضب المرأة، فمن طبيعة الرجل أن مشاعره تتجدد بالبعد ثم الاقتراب، أما مشاعر الزوجة فخير ما يؤثر عليها إيجابيا الثناء المفصل على طعامها وترتيبها وثيابها وزينتها، ولا داعي للقلق ولكني أدعوكم للمسارعة في إتمام مراسيم الخير.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات