السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم على هذا الجهد المتواصل، وأسأل الله أن يزيدكم في ميزان حسناتكم.
المشكلة التي وقعت بها حساسة، وهذا سبب ما أنا عليه الآن.
باختصار، كدت أن أقع في شهادتي زور، لم يكن لدي شهود للشهادة، فأشار على رجل بالشهادة لشخصين منفصلين ويشهدوا لي، صرف الله أحدهم عني بعنايته، والآخر شهدنا لبعضنا البعض (كلانا عزوبة).
في بداية الأمر، شهادة الزور تلك أرقتني كوني لم أتوقع يوما أن أرتكب كبيرة كهذه بسبب غبائي وعدم التفكير، لاحقا امتدت المشكلة من مشكلة زور إلى الخروج بعشرات الأخطاء، حتى امتد الموضوع للخروج بأفكار لم تحصل وقاتلة، وهي سبب دماري الآن.
الفكرة التي راودتني هي لو أن ذلك اليوم جاء رجل وقال لي، تعال اشهد معي في جريمة قتل أو سرقة كنت سأقبل، كل ذلك في ذهني.
حاولت تجنب التفكير بهذا الموضوع، لكن سرعان ما سيطرت هذه الفكرة علي، وإلى هذا اليوم أنا في صراع مع نفسي، فقدت الثقة بنفسي، فلا أستطيع النظر في أعين الناس، وأشعر بالغباء.
حاولت أخذ الأمور من باب إيجابي، كأن أقول بأنه يجب أن أعتبر من هذه الحادثة، وأتصالح مع نفسي أني كنت غشيما حينها، وهذا درس ولطف بي دون فائدة.
هل أنا مضخم للأمور؟ وهل ما يراودني من أفكار هي وساوس قهرية أو شيطانية؟ وهل من سبيل للعلاج والعودة لحياتي الطبيعية بثقة وحزم كما كنت سابقا أم أن ذلك مستحيل، وأستحق ما أنا عليه للأبد كون أن هذه الفكرة على ما أعتقد قد تكون صحيحة؟
ساعدوني بارك الله فيكم، فأنا طريح الفراش، واستنفدت كل محاولات التخطي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة.
لا شك أن مستوى الضميرية والفضيلة لديك مرتفع جدا، فالحمد لله على ذلك.
بين ما تعتقده وتراه وما اقترفته، ونفسك اللوامة تسلطت عليك بدرجة كبيرة جدا، والنفس اللوامة نعتبرها نفسا ضابطة، نفسا طيبة، مطلوبة حقيقة أن تكبح جماح النفس الأمارة بالسوء. في حالتك أعتقد أن الأمر قد تعدى ما هو مطلوب، وأصبحت تعيش هذا الشعور المتكرر بالذنب، وبالفعل أرى أن هنالك بعض النسق الوسواسي في طريقة تفكيرك، طريقة الاجترارات للأفكار، وإلحاح هذه الأفكار عليك، واستحواذها السلبي يوضح أن هنالك جانبا وسواسيا في طريقة تفكيرك.
فيا أخي الكريم: تذكر شيئا واحدا، وهو: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وعليك بالاستغفار والتوبة النصوح. هذا هو المطلوب وليس أكثر من ذلك.
قناعتك يجب أن تقوم على أن التوبة والاستغفار يجب ما قبله، نعم شهادة الزور أمرها عظيم ومغلظة، لكن رحمة الله أوسع وأكبر وأعظم، وأرجو أن تجلس مع أحد المشايخ الفضلاء، لتناقش معه هذا الأمر، هذا سوف يكون فيه متنفس طيب جدا بالنسبة لك.
أرجو أن تقتنع بتوضيحي هذا لك، وأن تنطلق في الحياة بكل إيجابية، وبكل أمل وبكل رجاء، ورحمة الله تسعنا جميعا.
أنا أرى أنه سيكون أيضا من الجيد أن تتناول دواء بسيطا يساعدك في الخروج من هذه الأزمة النفسية. دواء بسيط مثل عقار (بروزاك) والذي يسمى (فلوكستين) أراه جيدا ومفيدا، ربما تجده تحت مسمى تجاري آخر في بلادكم، الدواء لا يسبب الإدمان، وليس له آثار سلبية كثيرة. تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجراما) يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها كبسولتين يوميا لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة واجعلها كبسولة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.
أنا أعتقد أن الدواء سوف يساعدك كثيرا جدا، وأراك بخير، وبارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.