السؤال
تقدمت للزواج من زميلة في الجامعة، متفوقة في دراستها، وتريد الاستمرار في تحضير الماجستير والدكتوراه (في الخارج)، أختلف معها في أمور ثلاثة:
أولا: أحد أهم أهدافها هو السفر خارج البلاد، للدراسة، أو العمل، ولكني في الوقت الحالي لا أستطيع السفر؛ لأن والدتي تحتاج أن أبقي بجانبها لرعايتها، ووالدي لديه مشروع جديد، ويريد أن نقف بجانبه، أحاول أن أقنعها أن نستمر هنا، ونحاول أن ننجح، لكن دون جدوى.
ثانيا: هي تضع الزواج والعمل والدراسة في مرتبة واحدة من الأولويات، سألتها لو البيت احتاجك هل تتركين العمل فترة؟! (أنا ليس عندي مشكلة أن تشتغل أو تدرس، لكن تتواجد في البيت وقتا أكبر للاهتمام بأمور البيت)، لكن هي ترى أن هذا الأمر عاديا ممكن تتأخر.
ثالثا: أمور البيت: هي ترى أنها تنقسم بيننا بالنصف هي تطبخ يوما وأنا يوما وهكذا ...، أنا وضحت لها أني سأساعدها في أعمال البيت، لكن لا ينفع أن نكون في ذلك يوما فيوم، ومن الفطرة أن الزوجة تقوم بأعمال البيت، وأقول لها: أنا سأكون معك وأساعدك.
هذه الأمور الثلاث أمور مهمة نختلف فيها، (مع العلم أنه هناك إعجاب وحب بيننا موجود، وهذا الذي كان دافعا للتقدم).
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يهيء لك الحلال، وأن يحقق لك السعادة والآمال هو ولي ذلك والقادر عليه.
نحن سعداء جدا بهذا السؤال الذي جاء مبكرا، وننصحك بعدم التقدم في هذا المشروع حتى تحسم هذه النقاط التي تتشاور عليها مع خطيبتك أو زوجة المستقبل، كما أرجو أن تكون هذه العلاقة رسمية بعلم أهلك وأهلها حتى تأخذ الطابع الشرعي، وهذا أيضا مما يعينكم على حسم هذه الخلافات التي بينكم فهي بحاجة إلى أن ترجع إلى أهلها لتنقل مثل هذه القناعات؛ لأن وجود هذه القواسم المشتركة والاتفاق على مثل هذه الأمور من أهم المؤشرات التي تؤكد بحول الله وقوته على النجاح في هذه الحياة.
ومرة أخرى أكرر نصحي بأن لا تتمادوا في العلاقة العاطفية قبل أن تتأكدوا من أن الأمر سيتم؛ لأني لا أريد للإنسان أن يتعلق بشخص، ثم يحال بينه وبين إتمام هذا المشروع، خاصة في مسألة الزواج لوجود الارتباطات العاطفية، والأهم من ذلك هو أن هذه العلاقة ينبغي أن تكون محكومه بقواعد وضوابط الشرع، حتى لو فرضنا أن هذا التقدم لها تحول إلى خطبة رسمية، فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب التوسع في التعامل مع المخطوبة، ولا الخلوة بها، أو الخروج معها، لكنها مؤشر مهم في الاتجاه الصحيح، ومن حق كل طرف أن يسأل عن الشريك، ويتعرف على أهله وأسرته، ولا بد من حسم هذه الأمور، خاصة مسألة السفر، ومسألة القواعد التي سيقوم عليها البيت.
نحن نشكر لك هذا التواصل، ونتمنى أن تكون هذه العلاقة أيضا يتقدم فيها العقل على العاطفة حتى توضع في إطارها الصحيح، وينبغي بداية أن يكون هناك تحديد إن كان هناك اتفاق على إتمام هذا المشوار، والأمر يحتاج إلى تنازلات من الطرفين حتى تصلوا إلى نقاط متفق عليها في منتصف الطريق، ولا شك أن رأي أهلك وأسرة الفتاة من الأهمية بمكان.
نحن نقدر حاجة الوالد لك، لكن الوالد يمكن أن يوافق على أن تكون معها، كذلك نقدر حاجتها إلى أن تكون تكمل دراستها أو تكون مع أهلها أو تعمل في الخارج، لكن من الذي يرجح، في هذه الحالة عندما تشاور العقلاء من محارمها سيصلون -إن شاء الله- وتصلون معا إلى نقاط متفق عليها؛ لأن الاهتمام بمثل هذه الأمور أيضا من المعينات الكبرى على النجاح.
أرجو أن تقدموا الدين والأخلاق، وتدركوا أن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، ولكنه علاقة بين أسرتين، بين بيتين، بين قبيلتين، وسيكون ها هنا أعمام وعمات، وهناك أخوال وخالات، فهي علاقة متينة عميقة الجذور، وهذا يدعونا إلى مراعاة مثل هذه الأمور منذ البداية.
لا يخفى على أمثالك أن الإنسان إذا تحير في أمر فإنه يسارع إلى الاستخارة، ولأهميتها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، وأتمنى أن تكون لوالدتك دور كذلك في التواصل معها أو أخواتك، حتى يصلوا معها إلى نقاط مهمة جدا فيما يتعلق بالمحور الاجتماعي من حيث العلاقات الأسرية، والطبيعة التي سيكون عليها البيت، والأدوار التي سيقوم بها كل طرف ينبغي أن تكون واضحة، والوضوح هنا نقصد به ما يقبله المجتمع والثقافة السائدة في المجتمع، وأعتقد أنك أشرت إلى أن المرأة هي صاحبة الدور الأكبر، ولا مانع من أن يكون للرجل دور في المساعدة والمعاونة، أما أن يكون الأمر مناصفة، فهذا قد يصعب على أسرتك، ويصعب على مجتمعك تقبل مثل هذا الأمر.
أنا أريد أن أقول البيوت تقوم على معاني كبيرة، وهي الدين؛ فإذا وجد الدين، فإن مثل هذه الأمور الأخرى يمكن التسامح فيها والتجاوز فيها والتفاهم حولها، ولكن أرجو أن تكون الأساسيات واضحة، وأرجو أن يحدد الآن مصير هذا المشروع، فإما أن تقبلوا ببعضكم وعندها تستمر العلاقة، وتحددوا بعد ذلك موعد الزواج، الذي نتمنى أن لا يكون بعد مدة طويلة، وإما أن تظل نقاط الخلاف موجودة، وهنا ندعوكم إلى أن تتوقفوا وتوقفوا أي علاقة حتى تحسم هذه الأمور، كما ذكرنا حتى لا يحصل تعلق، ثم بعد ذلك يحال بينكم وبين إتمام هذا المشروع لأي سبب من الأسباب؛ لأن هذا يجلب الأتعاب، وأنا أقدر هذا الميل المشترك بينهم وبينكم، وهو في الحقيقة إلى الآن إعجاب، ولكن يمكن أن يتطور في التعاون على البر والتقوى، وبالتنازلات التي يقدمها كل طرف حتى يكون الملتقى بينكم في منتصف الطريق.
وصيتنا لكم هي تقوى الله تبارك وتعالى في السر والعلن، الاحتكام إلى قواعد الشرع، مراعاة ضوابط الشريعة في هذه العلاقة، الحرص على إشراك الأهل، مشاورة العقلاء هنا وهناك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لكم ما فيه الخير ثم يرضيكم به، ونكرر لك الشكر، ونسعد بالاستمرار في التواصل مع موقعك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.