الخشوع في الصلاة والأسباب المعينة عليه.

1 539

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أسأل عن سبب عدم تركيزي في الصلاة، فأنا كنت -والحمد لله- أصلي في الجامع دائما، ولكن للأسف أصبحت من حوالي 5 سنوات لا أصلي في الجامع، والحمد لله رجعت ثانية إلى الصلاة من حوالي سنة في الجامع، وأيضا أصبحت أصلي الفجر دائما، وأحيانا أقوم الليل وأقرأ القرآن تقريبا يوميا.

والمشكلة هي عدم تركيزي في صلاتي؛ فيجب أن أقرأ السورة مرتين أو ثلاث مرات حتى أركز فيها وأفهم معناها، ولكن الحمد لله أحيانا كثيرة أركز في ما يقوله الإمام، وأحيانا أسرح مع أنني لا أشغل تفكيري بأي شيء في صلاتي، وأيضا أنا كنت في السابق أتلذذ بقربي إلى الله، ولكن الآن أحس للأسف وكأني أعمل تمرينات رياضية وليس أكثر، مع أنني لا أعمل أي شيء آخر مثل النظر إلى الأعلى والالتفات يمينا وشمالا وطقطقة الأصابع، فأرجو مساعدتي لأن هذه المشكلة هي أكبر مشكلة لدي في حياتي، وهي عدم تركيزي في الصلاة وعدم الإحساس بتقربي إلى الله سبحانه وتعالى.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد،،،

فإن المواظبة على الصلاة في جماعة يعين على الخشوع، كما وأن المداومة على الصلاة هي أهم وسائل الخشوع فيها، ولذلك قال تعالى: ((قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون))[المؤمنون:1-2]، ثم عدد سبحانه خصال المؤمنين، حتى قال سبحانه: ((والذين هم على صلواتهم يحافظون))[المؤمنون:9] كما أن الإنسان قد لا يرزق الخشوع إلا بعد مجاهدة واجتهاد واستعانة بالله رب العباد، ونحن نشكرك على اهتمامك بأمر الخشوع، وهذا دليل على أن فيك خير كثير، نسأل الله أن يديمه ويزيده، كما أن الاهتمام بأمر الخشوع هو أهم وسائل الحصول عليه، وهو كذلك أول الدرجات في سلم الخشوع الذي هو روح الصلاة، فإن الصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح، وإنما يتفاوت الناس في ثواب صلاتهم بمقدار ما فيها من الخشوع، ويكون بين المصلي وبين من يقف إلى جواره كما بين السماء والأرض تفاوت ما بينهم من الخشوع والحضور في الصلاة، والخشوع المطلوب يبدأ في القلب ثم تظهر آثاره على الجوارح، ولكن خشوع النفاق هو أن ترى الجسد خاشعا والقلب يهيم في أودية الدنيا.

ولابد أن نعرف أن عدونا الشيطان يجتهد في صرفنا عن الصلاة، فإن عجز عن ذلك وأصر المؤمن على المواظبة على الصلاة دخل عليه العدو من طرق أخرى، فربما جاءه من باب الرياء وطلب منه إطالة الصلاة؛ لأن الناس ينظرون إليه، وذلك والعياذ بالله شرك السرائر، وإما أن يدخل عليه بالوساوس ليذهب خشوعه فيقول له: أذكر كذا وكذا.

والمؤمن لا يستسلم لهذا العدو؛ لأنه يعرف أن كيده ضعيف، فيظل في جهاد مستمر من أجل الخشوع، وهذا يؤجر على جهاده للشيطان وعلى خشوعه للرحمن، فإذا كنت أحيانا تخشع وتركز فهذه نعمة من الله فاشكره عليها واسأله المزيد، واعلم أن الخشوع الكامل ينال بعد توفيق الله بطول المجاهدة وكثرة الإصرار عليه، واتخاذ الأسباب المعينة، وهي كما يلي:

أولا: الأسباب التي تكون خارج الصلاة:

1- الحضور للصلاة من مجلس طاعة لله وليس من أمام الشاشات أو من صحبة أهل الشر والفساد والغفلات.

2- الاستعداد للصلاة قبل حضور وقتها.

3- قضاء حاجات النفس الملحة كالذهاب للحمام وأكل الطعام، فلا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان.

4- اتخاذ ملابس للصلاة تتميز بالنظافة والسعة والعطر.

5- متابعة المؤذن وترديد الأذان بتركيز وتدبر، وخاصة عند قولنا: لا حول ولا قوة إلا بالله.

6- استحضار مغفرة الذنوب مع قطر الماء، وقول كلمة التوحيد عقب الوضوء لتكتمل طهارة الظاهر بالماء والباطن بالتوحيد.

7- الذهاب للمسجد بسكينة ووقار، والوقار هو عدم الالتفات؛ لأن حفظ البصر من أهم الأسباب التي تعين على الخشوع.

8- المواظبة على أذكار الخروج من المنزل وذكر الدخول إلى المسجد.

9- الاشتغال بالصلاة أو الدعاء أو قراءة القرآن حتى يحين وقت الصلاة، وعدم مس السجاد أو فرقعة الأصابع أو الالتفات بمنة ويسرة، أو الحديث بكلام الدنيا.

ثانيا: الأمور التي تعين على الخشوع في داخل الصلاة:

1- الحرص على الصف الأول؛ حتى لا تشتغل بالنظر إلى أظهر وثياب المصلين، وإزالة التصاوير والكتابة، وكل ما يشغل، والنظر إلى موضع السجود.

2- تسوية الصفوف وسد الفرج التي يتسل من خلالها الشيطان.

3- استحضار عظمة من نقف بين يديه.

4- فهم معنى التكبير، واليقين بأن كل ما في الدنيا صغير وحقير.

5- متابعة القراءة إذا كانت الصلاة جهرية.

6- فهم دعاء الاستفتاح، واستحضار عظمة الله عند التعوذ من الشيطان الحقير.

7- الاشتغال بالتلاوة والذكر والتسبيح، وعدم ترك فراغ في الصلاة، مع ضرورة أن تكون القراءة في مواضعها، وكذلك التسبيح والأذكار لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
8- الحرص على متابعة الإمام، وعدم مساواته أو سبقه أو التأخر عليه.
9- الاجتهاد في مجاهدة الشيطان، أو العودة للصلاة بسرعة كلما أخرجك منها، والاستفادة من تكبيرات الانتقال في العودة إلى رحاب الصلاة.
أما بالنسبة لتكرار قراءة السور، فالأفضل عدم الاعتياد عليه، ومعاندة الشيطان حتى لا يتحول ذلك إلى نوع من الوسواس.
وقبل كل ذلك وبعده لابد من الدعاء والتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واحرص على الإخلاص له وتقواه، وابتعد عن معاصيه، فإن الإنسان يحرم لذة العبادة بعصيانه لله.
وأبشر فأنت بإذن الله على خير، فجدد العزم، وواظب على صلاة الجماعة، واختار لنفسك أصدقاء يذكرونك بالله ويعينوك على طاعته.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات