أصبحت شخصية مهزوزة بسبب تسلط زوجة والدي علينا!

0 24

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة جامعية، أعيش مع والدى وزوجته، وكان والدي يحبنا جدا، ولكن كانت زوجته تكرهنا، وظلت تسلطه علينا، وكانت دائما تشعرني بأني قبيحة.

كنت متفوقة طول سنواتي الدراسية، إلى أن بدأت بممارسة العادة السرية، فهي التي دمرت حياتي، وفقدت الثقة بنفسي.

مشكلتي الآن أني أصبحت شخصية مهزوزة، دائما أشعر بأني أقل من الآخرين، وذهبت لطبيب نفسي ولكني لا أستطيع التحدث معه، وأحكي له.

عندما أتحدث مع أي شخص أشعر بالتوتر، وأشعر أنه لن يصدقني، وفعلا يحدث ذلك! أنا تعبت كثيرا، أريد أن أكون قوية وواثقة بنفسي، وأتحدث مع الجميع دون أن أشعر أني دونية أو أقل منهم، وبسبب توتري يشعر الجميع بأني غير محترمة.

أنا تركت العادة السرية منذ أكثر من عام، ولكن آثارها ما زالت تلاحقني، حاولت كثيرا أن أتخيل بأني قوية واثقة بنفسي، ولكني لا أستطيع.

أشعر بأني استهلكت كل خيالاتي في هذه الممارسة القبيحة، أنا كرهت حياتي كلها، أريد منكم المساعدة.

وشكرا كثيرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Shimaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك - يا ابنتي- على صدقك وصراحتك في طرح مشكلتك، والحمد لله الذي هداك إلى الطريق الصحيح، فتوقفت عن ممارسة العادة السرية، وأسأله عز وجل أن يثبتك على الطاعة.

بالفعل -يا ابنتي- الإنسان بفطرته يميل إلى التعايش مع الآخرين، ويبحث عن الرضا والقبول منهم، وهذا يعتبر مصدرا هاما للسعادة، وبالتالي فإن تعرض الإنسان للظلم وسوء المعاملة وتواجده باستمرار في أجواء مشحونة سيترك آثارا سلبية على نفسيته عاجلا أو آجلا.

يبدو لي بأنك شخصية مسالمة وحساسة، وقد شاء الله أن تكوني مضطرة للتعامل مع زوجة أبيك التي يبدو أنها شخصية تتصف بالأنانية وحب السيطرة -حسب وصفك-، وبالتأكيد فليس بإمكانك تغيير هذه الظروف التي فرضت عليك، لكن المهم هو أن تحسني التعامل مع هذه الظروف، فلا تتركيها تؤثر على نفسيتك، ولا على علاقتك بوالدك.

أود أن ألفت انتباهك -يا ابنتي- إلى أن الناس كثيرا ما تسيء فهم تصرفات الشخص الخجول أو الحساس، أو الذي يعاني من الاكتئاب، فالشخص الخجول أو الحساس أو الذي يعاني من الاكتئاب يحب العزلة، وقد يتفادى التحدث والجلوس مع الآخرين، وهذا ما قد يفسره الناس على أنه غرور أو كره ونفور منهم، أو قد ينام كثيرا فينظر إليه الناس على أنه شخص كسول ولا مبال، ولا يحب المساعدة، وهكذا، ولذلك أريدك أن تأخذي هذا الأمر بعين الاعتبار، وأن تراجعي نفسك، فقد تكون تصرفات زوجة أبيك عبارة عن سوء فهم لتصرفاتك كونك خجولة وتعانين من حالة من الاكتئاب، وهنا وحتى يرتاح ضميرك أقترح عليك أن تحاولي أولا التحدث مع زوجة أبيك في مثل هذا الأمر، واختاري وقتا يكون مناسبا لظروفها، فيمكنك مثلا بعد خروج والدك للعمل صباحا أن تتوجهي إلى غرفتها وتبادريها بالتحية بوجه بشوش، وقولي لها على سبيل المثل: أنت أيتها الخالة بمثابة والدتي، وأريد أن أتحدث معك في موضوع مهم، فهل تسمحين لي بذلك؟ فإن تجاوبت مع طلبك فاشكريها بحرارة ثم ابدئي الحديث بهذا الشكل: أنا أحبك وأحترمك وأعتبرك مثل والدتي، وأتمنى أن نكون صديقتين، لكن ألاحظ بأنك غير راضية عني، فأرجو منك أن تصارحيني بما يضايقك مني، حتى أتمكن من توضيحه أو تغييره، وأعدك بأن أفعل كل ما بوسعي حتى تكون العلاقة بيننا كعلاقة الأم بابنتها، فإن قالت لك مثلا بأنك لا تساعدينها في أعمال البيت، فقولي لها: معك حق قد أكون مقصرة لكن سأبذل جهدي في ذلك، ثم اطلبي منها أن تحدد لك بالضبط ما تحتاجه من مساعدة، وحاولي القيام به بانتظام، وإن قالت لك أنت لا تتعاملين معي باحترام، فاطلبي منها توضيح التصرف الذي تعتبره عدم احترام لها، فوضحي لها بأنك لا تقصدين ذلك أبدا، ثم اعتذري لها، وهكذا.

يا ابنتي: يجب أن تكوني قادرة على إدارة الحديث مع زوجة أبيك بلباقة واحترام، حتى توصلي لها رسالة مفادها أنك تحترمينها وراغبة في تحسين العلاقة بينكما، ومستعدة لتعديل التصرفات التي لا تتقبلها منك أو التي تكون قد فهمت من قبلها بشكل خاطئ، فأنت بذلك تكونين قد فعلت كل ما بوسعك لإصلاح العلاقة بينكما، لكنك حتما لن تتمكني من تغيير شخصيتها وطباعها، لذلك يجب أن تتعلمي كيفية تفادي المواقف التي قد يحدث فيها صدام أو اختلاف في الرأي بينكما، وهذه المواقف هي التي تستغلها زوجة أبيك لتحريضه ضدك.

أنصحك بشغل وقتك باستمرار، إما بالدراسة أو بهوايات مفيدة أو بنشاطات خيرية أو حضور حلقات الذكر، أو أي شيء مفيد تحبينه، ويناسب ظروفك، فهنا سيكون ذهنك مشغولا عنها وسيكون لديك مبرر مقنع لعدم قضاء وقت طويل معها، وإن اضطررت لذلك فحاولي أن يكون التقاؤك فيها في أوقات يتواجد فيها والدك معكما، كفترة الغداء أو العشاء أو عندما تكون الجلسة عائلية، فهنا لن تجرؤ على إيذائك بالكلام أو بغيره، وهكذا سيبقى التواصل بينكما موجودا بكل ود واحترام، وبنفس الوقت سيطلع والدك على ذلك، وستكسبين رضاه وحبه -بعون الله تعالى-.

حتى تتمكني من فعل ذلك فأرى أنك بحاجة إلى علاج للحالة النفسية التي أنت فيها الآن، فعلى ما يبدو لديك حالة رهاب اجتماعي وتشاركت مع حالة اكتئاب، وهذا يفسر سبب عدم قدرتك على التواصل مع الطبيب النفسي، وشعورك بالتوتر الشديد عند محاولة التحدث معه.

بما أن ظروفك تسمح بالذهاب إلى طبيب نفسي حسب ما ورد في رسالتك، ولا مانع عندك من طرح مشكلتك عليه، وتناول العلاج اللازم، فأرى بأن هذا هو الأفضل، أي الأفضل أن تراجعي الطبيب النفسي، لأن حالتك بحاجة إلى علاج سلوكي ودوائي.

لكي تتمكني من التحدث مع الطبيب النفسي وشرح مشكلتك له من دون الشعور بالتوتر والخوف، أنصحك بتناول حبوب الإنديرال عيار 10 ملغ، وذلك قبل الذهاب للطبيب بساعتين، فهذا الحبوب ستساعد في تخفيف الارتباك والتوتر والخفقان، وستجعلك قادرة على التحدث مع الطبيب بشكل مريح -إن شاء الله تعالى-، وأرى بأن تجربيها قبل الذهاب إلى موعدك بأيام؛ وذلك للتأكد من أن جرعة 10 ملغ ستكون كافية، وأيضا لتدريب نفسك على التحدث مع الطبيب وترتيب أفكارك بشكل جيد.

أنصحك بكتابة كل ما تريدين قوله للطبيب على ورقة على شكل نقاط، أي يمكنك قبل الموعد بأيام عمل ( بروفة)، وتدريب نفسك على لقاء الطبيب والتحدث معه، فتناولي( 10 ملغ ) من الإنديرال وبعد ساعتين أو ثلاث قومي بتمثيل الدور، وكرري ذلك بضع مرات حتى تصبحي واثقة من الموقف، فإن وجدت بأن ( 10 ملغ ) لم تعط المفعول المطلوب، أي بقي لديك التوتر والارتباك، فيمكنك زيادتها إلى (20 ملغ )، لكن لا تزيدي عن هذه الجرعة.

بعد أن تقابلي الطبيب من دون الصعوبات التي كانت تصادفك، وتشرحي له حالتك، ستشعرين بأن الأمر سهل ولا يستحق كل هذا القلق والتوتر، ولن تحتاجي في زياراتك القادمة ومتابعاتك لتناول الإنديرال؛ لأن الطبيب سيكتب لك العلاج النفسي المناسب لحالتك، والذي ستتناولينه تحت إشرافه، وسيحسن كل الأعراض عندك -بعون الله تعالى-.

أتمنى لك كل التوفيق -إن شاء الله تعالى-.

مواد ذات صلة

الاستشارات