السؤال
السلام عليكم.
منذ زواجي نحو خمس سنوات ونحن في مشاكل، صحيح أن السبب يكون غالبا مني، ولكني أبادر بالاعتذار دائما، حتى لو لم أكن أنا المخطئة، لا أحب أن يدوم الصمت بيننا.
مع مرور الأيام حدثت مشكلة بيني وبين أقاربه، وكنت أنا المظلومة، وكان شاهدا على ذلك، ويعلم جيدا أني لست مخطئة، وحين طلبت منه الإنصاف وقول الحق رفض، وبسبب ذلك الخلاف طلقني، وبعدها بشهر طلقني للمرة الثانية.
أنا أعلم أني كنت مخطئة حين تساهلت معه، فبعد طلاقي الأول صدمت؛ لأنني لم أتوقع منه، وأسرعت وتوسلت إليه أن يرجعني وأرجعني في نفس اليوم، ولكن بعد المرة الثانية اهتزت ثقتي فيه كثيرا، وفكرت في أبنائي وعدت أتوسل إليه، وكأني قد ارتكبت إثما في حقه، وبعد معاناة وافق ولم يعرف أحد بالطلاق حتى الآن.
استمرت حياتنا بعده، ولكني فقدت الثقة فيه وكرهت علاقتي معه، أخاف من غدره كثيرا، ولا أرتاح لفكرة إنجاب طفل آخر، فأنا خدعت به؛ فهو شخص غير مسؤول، ومع كل مشكلة يذهب ليترك المنزل ويهددني بالرحيل، وكأن الأطفال ليسوا من صلبه، كنت أحبه، ولكني اليوم أتمنى أن أكرهه بسبب عدم ثقتي فيه، وهو لم يحاول أن يطيب خاطري ولو لمرة.
الآن أنا متأكدة أنه لا يحبني، ومع ذلك أستمر بالعيش معه من أجل الأطفال، أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل، فأنا تائهة حقا؟ حتى الكلمات أبت أن تصف ما في داخلي لذا اعذروني، وأريد أن تنصحوني كيف أكون صبورة؟ وكيف أهذب من أسلوبي معه؟ لأني حين أغضب أفقد السيطرة على لساني، وهذا أسوأ ما في؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونحيي حرصك على الاستمرار في حياتك الزوجية، ونسأل الله أن يحقق لك السعادة والاستقرار.
لا شك أن الذي حدث من سرعة الزوج في مسألة الطلاق إشكال قد يحتاج أن يراجع فيه الجهة الشرعية، حتى يعرف الأحكام الشرعية وحتى يثبت له القاضي – أو الجهة الشرعية – ما حدث من الطلاق.
نرجو أيضا ألا تكرري الأخطاء، أنت ذكرت في البداية أنك كنت دائما تخطئين وتسارعين في الاعتذار، والاعتذارات المتكررة – كما يقال – لا توصد الباب في وجه خطأ جديد، فإذا ينبغي أن تنتبهي لهذا الجانب.
نحن أيضا نرفض مسارعته للطلاق، لأن هذا الرباط ينبغي أن يدرك أنه ميثاق غليظ، والطلاق لا يفرح به سوى عدونا الشيطان، وتزداد خطورة الطلاق عندما يكون هناك أطفال، ولذلك ينبغي أن تجلسي مع زوجك في هدوء لتفادي أولا أسباب المشاكل، ولتفادي الأمور التي تثير غضبه، ونتمنى أيضا ألا تذكري أهله إلا بالخير.
هناك أمور نحتاج إلى أن يتعلم كل طرف منكم ما يحتاجه الشريك، ونحن نوصيك ونوصيه بما يلي:
1. الدعاء لنفسك وله.
2. التعاون على البر والتقوى.
3. على كل طرف أن يعرف ماذا له وماذا عليه من الحقوق الشرعية.
4. عليك أن تركزي على ما في زوجك من إيجابيات، وأن تتحكمي في مشاعرك وغضبك، لأن الغضب من الشيطان.
5. نتمنى أن تجدي من زوجك الأمان، والزوجة تحصل من زوجها الأمان إذا وفرت له التقدير والاحترام، فحاجة الزوج إلى التقدير والاحترام، وحاجة المرأة إلى الحب والأمان، فإذا بذلت له ما عندها وفر لها ما عنده.
6. نوصي الجميع بتقوى الله تبارك وتعالى، وبرعاية هذه العلاقة، ومراقبة الله تبارك وتعالى فيها.
7. نتمنى أن تزول مشاعر الخوف التي تملأ نفسك، لأن هذه تؤثر على حياتك.
العاقلة مثلك تعرف الأشياء التي تغضب الزوج فتتفاداها، كما قالت زوجة شريح القاضي التابعي: (ماذا تحب فآتيه؟ وماذا تكره فأجتنبه)، هذه مهارة عالية في التعامل مع سائر الخلق، وخاصة مع الزوج.
أيضا ننصحك – ابنتنا – وأنت قد لجأت إلى موقعك، ونحن نشكر هذا التواصل: ندعوك إلى أن تطوري ما عندك من مهارات في العلاقة الزوجية، وتجتهدي في إرضاء الزوج ومداراته، والمداراة: هي أن تعاملي زوجك بما يقتضيه حاله، فأنت أعرف به منا، وأنت أعرف الناس بالأمور التي تضايقه، وبالأشياء التي تسره، والأمر يحتاج منكم إلى متابعة مع الموقع، ونحن بحاجة – وسنسعد جدا – إذا تواصل زوجك مع الموقع وعرض ما عنده.
نحب أن يستمر هذا التواصل – كما ذكرنا – وأرجو كذلك أن تتواصلي مع الموقع عند حصول أي إشكال، حتى تجدي المساعدة قبل أن تتصرفي، قبل أن تتصاعد الأمور، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ولا يفوتنا أن ننبه إلى ضرورة ألا تشعريه أنك لم تعودي تحبينه، مثل هذه العبارات ينبغي تجنبها، وتعوذي بالله من الشيطان، ولا تشعريه أنك من أجل الأطفال، ولكن من أجله أيضا، فهو الأساس وهو والد هؤلاء الصغار.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لكم السعادة والطمأنينة والاستقرار، وأن يعينكم على الخير، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.