السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب، أبلغ من العمر ثلاثين عاما، متزوج منذ سنة ونصف تقريبا، زوجتي أصغر مني ب ٩ سنوات،
مشكلتي والتي أريد حلا لها أنني أتعارك معها دائما على نفس الأسباب، ودائما ردودها واحدة (آسفة) أنا لا أقصد ذلك الفعل، مع العلم أن الخطأ متكرر، والخطأ ذاته في كل مرة، والردود ذاتها في كل مرة،
هددتها بأنني سأرسلها لبيت أهلها وبالطلاق، ولكن بدون فائدة، فعقلها صغير، فماذا أفعل معها؟
حيث آخر شجار حصل بيننا كانت قد نشرت فيديو لها على الواتس أب وهي بشعرها، فأنا مانعها من هذا الفعل وهو عدم نشر أي صورة لها أو أي شيء على الإنترنت أكثر من مرة ومع ذلك فعلت، وعند اكتشافي بدأت تتأسف كالعادة وتقول أنها ندمانة وكلام من هذا القبيل.
قولوا لي ماذا أفعل معها بالله عليكم؟ لأنها ليست الغلطة الأولى، ولا الثانية، ولا الثالثة، ولا العاشرة،
الرجاء أفيدوني فماذا أفعل معها حتى لا تفعل هذه الأخطاء وترجع تقول إنها ندمانة، وآسفة وكل الكلام،
فهل أرسلها لبيت أهلها لكي تتعلم، أم أهجرها، أم أطلقها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الكريم وأخانا الفاضل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يهدي النساء والرجال، وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال.
نحن لا ننصحك بالاستعجال في طلاق هذه الزوجة، ونؤكد لك أن وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- توجهنا نحن معشر الرجال بقوله: ((استوصوا بالنساء خيرا))، والنبي عليه الصلاة والسلام علمنا أن المرأة تحتاج إلى كثير من النصح لكونها تتصرف بطريقة عاطفية، ولذلك العوج والخلل سيستمر، والإنسان عليه أن يجتهد في تقويم ذلك الخلل، ويجتهد في الصبر عليها.
ما تفعله زوجتك من أخطاء في حقك لا يقبل من الناحية الشرعية، ولكننا نؤكد أيضا أن الخطأ لا يقابل بالخطأ، وأن المسألة تحتاج إلى دراسة ونظر إلى المسألة من كافة الجوانب، فإذا كان في زوجتك سلبيات ففيها إيجابيات، والنبي عليه الصلاة والسلام يعطينا معيارا ويعطينا ميزانا في قوله: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلق رضي منها آخر)).
كذلك ينبغي أن تفرق بين الأخطاء، فهناك أخطاء صغيرة نحن لا ننصح بالتوقف عندها طويلا، ولكن هناك أخطاء فعلا تحتاج إلى وقفات، كالخطأ الذي ذكرت وأشرت إليه، من إرسال صورتها وإنزال صورتها على مواقع التواصل، هذا الأمر له خطورة كبيرة، ولذلك مثل هذه المواقف ينبغي أن يكون لك فيها نوع من التأديب بالنسبة لها، وعليك أن تبدأ بالوعظ، ثم الهجر، كما هو الترتيب الشرعي، وغير ذلك من الوسائل التي تؤدي إلى التأديب.
ولا نريد أن تلجأ للضرب، لكن قد يتعين حلا، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يضرب، الكمال ألا يضرب الرجل، ولكن ينبغي أن تتخذ من الحلول ما تصون به عرضك، ونحن في هذه المسألة نقترح عليك – طالما كان الجوال هو سبب نشر الصورة – أن تحجز عنها الجوال، وأن تمنعها من وسائل الاتصال الحديثة، حتى تتأدب، وترتدع عن نشر صورها، وهذا يسموه (العلاج المنطقي)، وهو أن تكون العقوبة على علاقة بالخطأ.
أما إرسالها إلى أهلها فنحن لا نؤيد الاستعجال بهذه الخطوة، لأنها قد تكبر المسألة، وتفتح آفاق للتدخل من أهلها، وتجلب لك مشاكل أنت في غنى عنها، الرجل يبدأ فيؤدب زوجته بنفسه، يتخذ من الإجراءات المؤثرة، لابد أن تظهر غضبك لله تبارك وتعالى، وتحاول أن تمنعها من الجوال أو من الإنترنت أو من الأشياء التي كانت سببا لنشر هذه الصور، ثم بعد ذلك عليك أن تجتهد في تذكيرها بالله تبارك وتعالى، وتخويفها من عواقب مثل هذا التصرف على سمعتها وعلى شرفها وعلى بيتكم، يعني: مثل هذه المسائل تحتاج إلى مثل هذا الوعظ.
وطبعا نحن أيضا نريدك أن تظهر أنك غاضب هذه المرة لأن المخالفة أكبر من تلك الأشياء الأخرى، وإذا كانت هي تعتذر فإن الاعتذار ينبغي أن يقبل، ولكن أيضا نحن نقول الاعتذارات المتكررة لا توصد الباب في وجه أخطاء جديدة، ولذلك ينبغي أن تغير أسلوبك في التعامل مع الأخطاء، ولا مانع من أن تستخدم وسائل التأديب المناسبة، فالرجل مسؤول عن أهله، {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}، ومسؤول عن صلاتهم وعن صلاحهم، وعن تأديبهم، وعن وضع الزوجة في الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى، وتحرى في ذلك الحكمة، وتواصل مع موقعك.
ومعلوم أن الكلام والوعظ، وأن الإرشاد والهجر، وأن الضرب والتأديب، وأن المنع والحرمان من بعض الأشياء: وسائل ينبغي للإنسان أن يستخدمها في المعالجة، ولا نريدك أن تصل إلى الطلاق، لأن الطلاق لا يفرح به سوى عدونا الشيطان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يصلح الأحوال، وهذه وصيتنا لك ولزوجتك بتقوى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعا على كل أمر يرضيه.