أشكو من الوسواس وأخشى من عدم استجابة الدعاء، فما الحل؟

0 29

السؤال

السلام عليكم.

أنا الحمد الله لدي إيمان بالله كبير، لكن منذ فترة أصبت بالوسواس القهري، صرت أدعو الله وأنا خائفة من عدم الاستجابة؛ لأن هنالك مرة دعوت الله ولم يستجب لي، وكانت المرة الوحيدة، أنا أؤمن بأن هذا خير لي، لكن المشكلة أني كلما دعوت أتاني الوسواس يقول لي: إنه لن يستجاب لك مثل تلك المرة.

صرت أخاف، وصارت تلك الأفكار تراودني، علما أني عندما أقرأ القرآن فإن هذا الخوف يزول، لكن أريد حلا لهذا الوسواس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك في موقعنا، ونسأل الله أن يمن عليك بالعافية، وأن يصلح شأنك، والجواب على ما ذكرت:
- يجب أن تعلمي أن الوسوسة من أقل مكائد الشيطان، وكونك تكرهين ذلك وتتمنين زواله، فهذه علامة على قوة الإيمان بالله، وأن هذه الوسوسة آيلة إلى الزوال -بإذن الله تعالى-، قال بعض الصحابة -رضي الله عنهم- للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: " وقد وجدتموه؟!" قالوا: نعم. قال -صلى الله عليه وسلم-: " ذاك صريح الإيمان " رواه مسلم، وفي رواية: " سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوسوسة. قال: " تلك محض الإيمان " رواه مسلم.

- ومما يمكن أن ندلك عليه للخلاص من هذا الوسواس أن تعلمي أن للخلاص منه طريقان: طريق عام: وطريق خاص:

1- أما الطريق العام فيكون: بكثرة الذكر وقراءة القرآن والاستغفار وحضور مجالس العلم، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة، قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى:" إن كيد الشيطان كان ضعيفا" [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه".

ومن العلاج العام للوسوسة أيضا: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصدق وإخلاص، كي يذهب عنك هذا المرض.

2- أما العلاج الخاص للوسوسة: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد: ورسله " رواه مسلم.

ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:
- قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.
- ثم قولي آمنت بالله ورسوله، أو قل آمنت بالله ورسله. 
- اتركي الاستطراد في الوسواس فلا تلتفي لما جاء فيه، وخاصة بما يدعوك إليه من الله لا يستجيب دعائك.
قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك، لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها". راجعي الاستشارة رقم: 2319982.

- وينبغي أن تعلمي أيضا أن الوسواس قد يكون مشاكل أو قلق نفسي، فلا بد أن تعالجي هذا الأمر إن وجد، كما أن من أسبابه مرض العين أو الحسد أو المس، فعليك بالملازمة للذكر والرقية الشرعية.

- وأما مسألة استجابة الدعاء، فبما أنك أدركت أن تخيل عدم الاستجابة هو الوسواس، فلهذا بعد الخلاص منه، ادعي الله فيما تريدينه من الخير، وأكثري من الدعاء ويكون قلبك حاضرا خاشعا لله، وأن توقني وتحسني الظن بالله، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" رواه الترمذي، ومعنى اليقين في الدعاء: أن نعتقد أن الله لا يخيب رجاءنا وأنه يستجيب لنا لسعة كرمه وكمال قدرته وإحاطة علمه، ولا تستعجلي في إجابة الدعاء، فالله أعلم بما هو خير لك، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي " رواه البخاري.

وفقك الله لمرضاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات