السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي تعمل، وأنا أثق بها ثقة تامة، ولكن تحدث أشياء في العمل أتضايق منها، ولا أريد ظلمها، فمثلا قد يأتي أحد الزملاء ويقوم بتوصيلها إلى المنزل بحكم الزمالة، وهذا يضايقني، أو قد يذهب معها وحدهما إلى مكان اجتماع أو للجامعة، فأرجو أن تفتوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا وأخانا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والغيرة على أهلك والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم الاستقرار والطمأنينة والسعادة والآمال.
لقد سعدنا جدا بثقتك في زوجتك، وهذا الذي ينبغي أن تثبت عليه، فأنت اخترتها من بين النساء، وهي -إن شاء الله- على مستوى الثقة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم بينكم الألفة والمحبة.
هذا الذي يحدث ينبغي لزوجتك أيضا أن تأخذ الاحتياطات، فإن الشريعة وضعت قواعد لمثل هذه التعاملات، وعليها أن تبذل جهدها في ألا تخلو بأي رجل مهما كان، لأن الشريعة تريد هذه القواعد رغم وجود الثقة التي منك ومنها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم هذه الثقة، إلا أن الشريعة لها ضوابط ولها قواعد، وهذا الضيق الذي عندك في محله، خاصة إذا صحبت معه حسن الظن، ولذلك أرجو أن تتفهم الزوجة ويتفهم الجميع مثل هذه الأمور.
على المرأة التي تعمل مع رجال أن تجتهد في أن تبتعد عن الرجال، وتجتهد في المحافظة على نفسها، وإذا اضطرت التعامل مع الرجال فينبغي ألا يكون فيه خلوة، وألا يكون فيه توسع في الكلام، وألا يكون فيه تجاوزات، أن تكون هذه العلاقة في حدودها، لأن الشريعة وضعت قواعد لكلام المرأة - مثلا - مع الرجل الأجنبي، حيث قال سبحانه: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}، أول شيء: لا يكون في الكلام خضوع. والأمر الثاني: يكون الكلام قليلا. والأمر الثالث: يكون الكلام في المعروف.
إذا الشريعة تضع قواعد للكلام مع الأجنبي، تضع قواعد للتعامل مع الأجنبي، وترسم لذلك حدودا، والأجنبي للمرأة هو: كل إنسان يصلح أن يتزوجها، كل من ليس لها محرم هو إنسان أجنبي عنها.
لذلك نحن نتمنى لزوجتك -بل نتمنى كمجتمعات- أن تراعي مثل هذه الأمور، عندما تتعامل المرأة مع الرجال أو الرجل مع النساء ينبغي أن تراعي هذه الضوابط، تتجنب الخلوة لأن الشيطان هو الثالث، وتجنب التوسع في الكلام لأنه يفتح آفاقا وأبوابا إلى ما لا يرضى به الله تعالى، نجتهد أصلا في مكان العمل أن يكون للنساء مكان وللرجال مكان، نجتهد في أن تكون العلاقة الأصلية بين النساء والنساء وبين الرجال والرجال، ولكن إذا تعذر الوضع واضطرت المرأة للتعامل فينبغي اصطحاب مثل هذه الضوابط والقواعد الشرعية.
أرجو أن يؤخذ الأمر ليس على أنه ثقة أو عدم ثقة، لكن يؤخذ على أنه شريعة ودين أنزله الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم، يؤخذ على أنه أمر ونهي من الله تعالى، وسمع وطاعة لله تعالى، فالشريعة بحكمتها باعدت بين النساء والرجال في أطهر بقعة وفي أعظم عبادة، في صفوف الصلاة، فجعلت خير صفوف النساء آخرها؛ لماذا؟ لأنها الأبعد عن الرجال، وجعلت خير صفوف الرجال أولها؛ لماذا؟ لأنها الأبعد عن النساء.
نسأل الله أن يعيننا جميعا في مجتمعاتنا على التخلص من مثل هذا الذي يحدث من خلل، وهو بلا شك خلل، ولذلك ينبغي أن يكون السعي في أن نجتهد في إصلاح هذه الأوضاع، وعلى زوجتك أيضا أن تحرص على حجابها الكامل وعلى سترها الكامل، وأن تحرص على أدبها الكامل، وهي إن شاء الله كذلك.
نحن نريد أن ندعوها - طالما أنت تثق فيها، وهذا دليل على أنها على الخير - أن تقوم أيضا بالنصح لزميلاتها حتى يبتعد الجميع عن الرجال، وتكون النساء دائما مع النساء، حتى في مؤسسات الدولة والمؤسسات الحكومية الرسمية، نحن نتمنى أن ينتبه القائمون على أمر أمتنا فيضعوا لهذه الأمور حدودا وقواعد وضوابط، ففي ذلك المصلحة للجميع، وفي ذلك عون على طاعة ربنا سبحانه وتعالى.
هذه وصيتنا للجميع بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم بمراقبته، ثم بالاجتهاد في الاحتكام لشرعه سبحانه وتعالى، لأننا إذا تركنا شيئا من شرع ربنا نوشك أن نندم عليه، لأن الذي شرع هذه الشريعة وأنزله هو خالق الإنسان وهو يعلم ما يصلحه، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} بلى {يعلم ما تسرون وما تعلنون}.
زادك الله حرصا وزادك الله ثقة في أهلك، وزادهم ثقة فيك، وألف بين قلوبكم، وحفظ أعراضنا وأعراضكم، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.