السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أعاني من مشاكل الزوجة والأهل، وكل منهم يدعي أنه هو المظلوم، وأسكن مع ولدي في شقة مستقلة بمرافقها، ولكن زوجتي لا تريد العيش فيها بحجة أنها تريد أن تأخذ راحتها بعيدا عن مشاكل أهلي.
في بداية الأمر وافقت، ولكني الآن غيرت رأيي، وهي الآن زعلانة وقد حرمتني من حقوقي الزوجية، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالهادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- بارك الله فيك -أخي العزيز - وأهلا وسهلا بك في الموقع، ونسأل الله تعالى أن يفرج همك وييسر أمرك ويشرح صدرك ويجمع شملك بأهلك وزوجتك على محبة وخير ويرزقك التوفيق والسداد.
- بالنسبة لمشكلة عدم التفاهم بين الزوجة والعائلة:
هذا أمر يكثر حين اجتماع كل منهم في بيت واحد مشترك، وتكون المشكلات أحيانا بسبب خطأ من كليهما أو من إحداهما، بسبب التعدي والغيرة ونحوهما.
- والواجب منك -حفظك الله ووفقك- حسن الإصغاء بتفهم وتجرد والحكم بالعدل بموجب التجرد في السؤال والبحث، فالعدل واجب من كل أحد مع كل أحد، والحق أحق أن يتبع، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا).
- فاحرص - ماأمكنك - على الصلح والتوفيق بينهما بتذكير كل من الطرفين على حدة وانفراد بواجبه وحقوقه وحقوقك أيضا، ثم بالجمع بينهما بشرط التزامهم لأدب الحوار والهدوء وإلا فلا؛ كون خلافهما يدمر البيت والأسرة والسكن النفسي، وكذا تذكيرهما بما يلزمهما من واجب التحلي بالصبر والحلم والحكمة وحسن الظن والرفق، وكون السعادة الزوجية والاستقرار الأسري مرتبط بالتحلي بمحاسن الأخلاق واحتساب أجرها عند الله تعالى؛ ذلك لأن الدنيا فانية ولاتستأهل منا التنافس عليها، وإرهاق الأنفس لأجلها، وإن الإنسان مسؤول يوم القيامة عن كلامه وسلوكه، قال تعالى في وصف المؤمنين:(والذين يجتنبون كبائر لإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون)، وقال جل جلاله: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
- فإن أمكنك الصلح بينهما، فذلك من فضل الله تعالى، وإلا فيمكنك توسيط بعض عقلاء الأهل ممن يحظون بالقبول والتأثير والحجة والحكمة في حل المشكلة وتحقيق الصلح.
- ويبقى الحل الثالث والأخير بضرورة توفير بيت مستقل مناسب للزوجة ولو متواضعا بحسب ظروفك المادية، وذلك من حقوق الزوجة الشرعية، وفيه حفظ لخصوصيات وأسرار كل منهم، كما وفيه حفظ لحقوقهم وتجنب لما قد يجري بينهما من تصادم وسوء ظن وتعايش وتفاهم.
- وتوفير البيت المستقل للزوجة ولو متواضعا من حقوقها الزوجية، ولو لم تشترطه عليك، وإلا جاز لها النشوز عنك وعدم الطاعة لك؛ كونه من حقوقها عليك، فحق الزوجة والأولاد له حق الأولوية عند الفقهاء على سائر الحقوق بعد حق المولى سبحانه وتعالى،
وأنصحك بتقديم مصلحة توفير البيت المستقل على مصالح كثيرة، فاجعل له حق الأولوية على كثير من رفاهية الحياة.
- ولا تعذر -وفقك الله - في عدم توفير البيت المستقل إلا في حالة عجزك المادي عن توفيره على الراجح من أقوال الفقهاء.
- فإن لم يمكنك، فالواجب عليك تشجيع زوجتك بلطف على الصبر ووعدها والتعهد لها بتوفيره حال توفر القدرة والاستطاعة، وذلك ليس من مصلحة الزوجة فحسب، بل ومصلحة الزوج والعائلة، - ويمكنك أن تستأجر المنزل قريبا من بيت عائلتك ليمكنك زيارة والديك-حفظهما الله - وخدمتهما وحفظ حقوقهما كاملة غير منقوصة، ذلك لحق والديك، وكذا أهلك عليك في البر والصلة والطاعة والخدمة حسب استطاعتك وحاجتهم.
- وفي سبيل الصلح، احرص على التحلي بالقدوة الحسنة والقيادة الصالحة والجمع بين أخلاق الحزم من جهة والرفق من جهة أخرى، وانتهاج العدل وتوفير الجو الإيماني في البيت وأفراد الأسرة، بتشجيعهم على استماع المحاضرات والبرامج العلمية والإيمانية المفيدة،وقراءة القرآن الكريم والأذكار، والبعد عن وسائل السوء المؤثرة على الأخلاق والدين من صحبة وبرامج السيئة في وسائل التواصل والإعلام.
أوصيك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء. وفقك الله لما يحب ويرضى، وأسعدك وزوجتك وعائلتك في الآخرة والأولى، والله الموفق. والمستعان.