كيف أتخلص من تضخيم الأمور البسيطة؟

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أريد أن أسأل عن الطريقة المثلى للتعامل مع الأخطاء البسيطة، فأنا كثيرا ما أفكر بكل كلمة تخرج مني، وهذا شيء يزعجني، كما أنني بت أسأل أمي وقليلا من صديقاتي ما إذا كان ما قلته مناسبا أم لا؟ وأشعر أن هذا سيؤثر على ثقتي بنفسي، علما أنني أحب أمي لكننا نختلف في الشخصية والتفكير قليلا، لذلك تختلف نظرتنا للأشياء أحيانا.

أقرب موقف حدث هو أن صديقاتي سألنني عن دعاء أحبه ليدعين لي قبل إفطارهن، فقلت لهن أن يدعين لي بالهداية والثبات، علما أنني أشعر أنني على هدى من الله عز وجل، لكن ليس هناك من لا يحتاج لهداية دائمة من الله عز وجل، فأجبنني بمحبة: (بدك ندعيلك بالهداية فوق اللي أنتي فيه ما شاء الله)، وذلك بفضل الله عزوجل سمعتي طيبة جدا، فأجبتهم: والله لولا ستر الله عزوجل، وما قصدت إلا أننا جميعنا نذنب وأننا بحاجة لهداية الله عز وجل، وقلت لأمي، فقالت لي: لابد للمؤمن أن يبعد ظنون الناس عنه، وأنا الآن أشعر بحيرة، هل يمكن أن يظنن شيئا سيئا، أم هذا غير مهم طالما أنا لم أقل ما يغضب الله؟ هذا موقف، وكثيرا ما تحصل معي الحيرة بسبب ما قلت.

أفيدوني بارك الله فيكم، وجزاكم كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يزيدك حرصا وخيرا، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يصلح الأحوال، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يحقق لنا ولك الهداية والثبات والآمال.

لا شك أن ما طلبته من الصديقات أمر في قمة الروعة، أن يسألن الله لك الهداية والثبات، كما أن الإجابة التي ذكرتها لهن بعد أن قلن أكثر مما أنت عليه ويمدحن أكثر مما أنت عليه من الخير، هذه العبارة كان السلف يرددونها، وهي: (لو كان للذنوب ريح لما استطاع أحد يجالسنا، لولا ستر الله لافتضحنا)، هي عبارات تدل على تواضع السلف – عليهم من الله الرحمة والرضوان - .

فما طلبته مناسب جدا، بل يدل على خير كثير، لأن الإنسان لا يحتاج أبلغ من الهداية والثبات عليها، أنت لم تطلبي الهداية فقط وإنما طلبت الهداية وطلبت الثبات، وهذه مطلوبات عظيمة ومطلوبات كبيرة، ودائما الإنسان هو الذي يعرف ماذا يريد، فلا تتأثري في مثل هذه المسائل بما تسمعينه من الآخرين، وما ذهبت إليه الوالدة مستبعد، ولو حصل هذا لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنك ستربحين، لأن الحسنات ستأتيك، ولا يضرك ظن الناس ما دمت على خير فيما بينك وبين رب الناس سبحانه وتعالى.

مهم جدا أن يستشير الإنسان أهل العلم، ولكن أن يتأثر بكلام كل إنسان وبرأي الناس الآخرين مهما كان هذا الرأي، فهذا الذي نريد أن تتخلصي منه، من حق الإنسان أن يسأل أهل العلم وأهل البصيرة، ثم يفعل ما يوجه به، لكن رضا الناس جميعا غاية لا تدرك، والناس تختلف في أمزجتهم، وفي طرائق تفكيرهم، وفي طلباتهم، {ولا يزالون مختلفين}.

ولذلك باختصار: هذا الذي طلبته فيه خير كثير، والطلب في مكانه، وما ذهبت إليه الوالدة مستبعد أن يظن بك سوء وهم الذين قالوا: (ما شاء الله أنت كذا وأنت كذا)، فلذلك الناس يحكمون على الإنسان بظاهره، والله هو الذي يعلم السرائر، وسلف الأمة – عليهم من الله الرضوان – فازوا ونجحوا وارتفعوا لأنهم كانوا يسيئون الظن بأنفسهم، وكان الواحد منهم إذا مدح، كما قال الصديق: اللهم اجعلني أكبر مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، يعني: هذا كلام جميل من صديق الأمة – عليه من الله الرضوان – وهكذا كان الواحد منهم إذا مدحه الناس يثني على رب الناس، ويعترف بأن رب الناس هو الذي ستر عليه، فما نراه من خير في أنفسنا هو من جميل ستر الله علينا.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك الهداية والثبات، وشكرا للوالدة على تجاوبها معك، لكن ينبغي أن تأخذي برأي أهل العلم، واقتربي من الوالدة، واحرصي على برها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم بينك وبين صديقاتك الألفة والمحبة، ودعاء الإنسان لأخيه بظهر الغيب فيه خير للكثير، فالملك يقول: (ولك بمثل)، فإذا دعت الزميلات الصديقات بالخير فاجتهدي أنت أيضا في الدعاء لهن، ونسأل الله أن يرفع الغمة عن الأمة، وأن يجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه، وقام رمضان إيمانا واحتسابا فغفر له ما تقدم من ذنبه، وكتب له ليلة القدر -بإذنه تعالى-، ونكرر لك الشكر، وهذه وصيتنا لكم ولأنفسنا بتقوى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله الثبات والهداية والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات