السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن نشكر الشبكة الإسلامية باعتبارها أول شبكة استعملناها عبر الإنترنت، ونسألكم عما يلي:
1_ لماذا غابت جمعيات خيرية إسلامية عنا وبادرتنا جمعيات تبشيرية نصرانية خيرية بما تملك؟
تنبيه:
التعريف بالموقع الجغرافي:
نحن نعيش بشمال جمهورية مالي الإقليم الثامن (كيدال) ادرار، كلنا مسلمون بحمد الله ويطلق علينا اسم (الطوارق)، ونطلق على أنفسنا (كالتماشق)، ويرجع أصلنا إلى أصلين عرب وبربر وننقسم من حيث الثقافة إلى ثلاثة أقسام:
1- مثقفون بثقافة عربية إسلامية، وهم قلة الآن بسبب غياب الدعم المعنوي والمادي من قبل الدولة أو جمعيات خيرية.
2- مثقفون بثقافة فرنسية علمانية، وهم كثرة بسبب حضور دعم معنوي ومادي من قبل الدولة والجمعيات التبشيرية النصرانية، حتى تحولت أفكارهم إلى أفكارهم واعتنق بعض منهم عقيدتهم وللأسف.
3- اللاثقافية بسبب عدم وجود مراكز تعليمية وثقافية.
وننقسم من حيث الفرق الإسلامية إلى ثلاثة:
1- التصوف: وهم الأكثرون، لهم بعض البدع كالتوسل بالصالحين، ودعائهم لهم أثناء الشدائد، وخوفهم منهم، وغير ذلك من المحدثات التي لا أصل لها.
2- جماعة التبليغ: وتاريخ دخولها المنطقة من 7 سنوات تقريبا، ووجدت فراغا في المنطقة واستغلته وبدأت بزعماء القبائل، والعلماء أكثرهم قبلوها والآخرون رفضوها، ومن سلبياتهم أنهم يقللون شأن من لم يخرج معهم ثلاثة أيام.
3- أتباع منهج أهل السنة والجماعة من خلال الكتب والمجلدات ووسائل الإعلام، وهم قلة بسبب انتشار التصوف والمقلدين تقليد الأعمى، أشيروا علينا ماذا نفعل جزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الكيدالي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فشكرا لكم على هذا التواصل مع موقعكم الشبكة الإسلامية، وثقوا بأننا سوف نكون -بحول الله وقوته- عند حسن ظنكم، فمرحبا بكم مع إخوة يشاركونكم هموم الدعوة وقضايا الدعاة إلى الله.
ولا يخفى على أمثالكم الظروف التي قعدت بالمنظمات الخيرية، ولكن للدين رب يحميه، وقد نصر الله هذا الدين حين كان هناك رجلان فقط ((إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا))[التوبة:40]^، ونصره حين قال قوم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (( إنا لمدركون ))[الشعراء:61]^ فرد عليهم بقوله: (( كلا إن معي ربي سيهدين ))[الشعراء:62]^.
وأرجو أن تكونوا من الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس، واعلموا أن لحظة الفجر تأتي بعد أشد ساعات الليل ظلاما، وأن نصر الله وتأييده يأتي بعد أصعب اللحظات وأحرجها (( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ))[البقرة:214]^ عندها يأتي الفرج ((ألا إن نصر الله قريب))[البقرة:214]^ وحينها لا ينسب الفضل لأحد سوى الله الواحد القهار المتفضل بالنصر والفلاح.
وأذكركم يا إخواني بأن الداعية مصباح والمصباح لا يقول ما بال الدنيا مظلمة، ولكن حسب المصباح أن يقول هاأنذا مضيء، فالعمل العمل، ولأن يضيء الإنسان شمعة خير من أن يلعن الظلام؛ لأن لعن الظلام والتحسر على الحطام سلبية، والمسلم إيجابي يبدأ بإصلاح نفسه ثم ينطلق في دعوة الآخرين؛ لأنه يعلم أن النجاة لمن كان صالحا مصلحا، طاهرا في نفسه ساعيا في طهارة غيره، والمؤمن يفعل ذلك إعذارا إلى الله ورغبة في هداية الناس ((معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون))[الأعراف:164]^.
وليست العبرة بالكثرة، وأرجو أن يبارك الله في القليل، واحرصوا على تحريك الهمة في النفوس، والاجتهاد في معرفة المداخل المناسبة لمخاطبة كل فئة من الفئات، والداعية مثل الطبيب الحاذق الذي يعرف الداء ثم يصف الدواء، والطبيب الناجح لا يعير مرضاه بما فيهم، ولكنه يلاطفهم ويبدأ بعلاج الأمراض الخطيرة، وكذلك يكون الداعية في لطفه وحكمته وتدرجه في الإصلاح، مع ملاحظة الفروقات بين فئات المدعووين، ولا يخفى على أمثالهم أهمية إصلاح العقائد وترسيخ معاني الإيمان في النفوس، مع ضرورة أن يصبر الدعاة إلى الله، وأن يخلصوا في دعوتهم، فإن الله يبارك في كلام المخلصين وأعمالهم ويعطف قلوب الناس إليهم.
والداعية الناجح يعرف أحوال المدعو، ويتقن فقه الدعوة وفنونها، ويعرف ما يدعو إليه، ويجتهد في أن يبدأ بنفسه.
وإذا أعطينا دعوتنا أوقاتنا، وسخرنا لها إمكاناتنا، وبذلنا في سبيلها أموالنا فسوف تكوهن الثمار بإذن الله عظيمة .
وهذا نبي الله نوح استنفذ كل الوسائل وقدم دعوته في سائر الأحوال، فدعاهم ليلا ونهار، سرا وجهارا، وأعلن لهم، حتى قال القرطبي: كان يذهب لهم في بيوتهم ليلا، وذلك عند تفسير قوله تعالى: ((أسررت لهم إسرارا ))[نوح:9]^.
ولا شك أن الهداية بيد الله، ولكن واجب الدعاة أداء ما عليهم، والاجتهاد في نشر الحق ونصره، ولأن يهدي الله بكم رجلا واحدا خير لكم من حمر النعم.
والله ولي الهداية والتوفيق.