السؤال
السلام عليكم.
أخي الكريم أنا من سوريا، وهاجرت إلى تركيا، واشتغلت عاملا لمدة سنتين، إلى أن جاءني رجل يعمل بتجارة المواد الغذائية، وتعرفت عليه عن طريق أخي الذي يعمل في دكان.
المهم هذا الرجل عرض علي الشراكة في عمله ورفضت الفكرة، ولكن ألح علي حتى قبلت الفكرة، ولكن المشكلة أني لا أفهم بالأمور القانونية، ودخلت معه مشروعه، وأعطيته رأس مال بدون عقد، وأشهدت الله فيما بيننا.
الرجل أخذ يعطيني أرقام أرباح وهمية، ويأخذ مني المال ويرجعه، وأخذ يلح علي أن نكبر رأس مالنا، وأنا أخذت أكبر رأس مالي حيث آخذ من فلان ومن فلان أقاربي يعني بحكم وضعي الاجتماعي، وكان من ضمن شروطي على شريكي أن يفي بوعده متى أطلب منه، وأن لا يستهتر بأموال الناس، وأخذ الناس تعطيني حتى أصبح أكثر من مليون ونصف.
جاءت جائحة كورورنا وأخذ الرجل يميل إلى الكذب، ويعدني أن يعطيني ولا يفي حتى جن جنوني فالمال ليس مالي.
أحسست أنه نصب علي، وكان أسرع مني واختفى! وهنا وقعت في مشكلة عظيمة وهي دين مال الناس، فقد أعسرت ولم أعد أستطيع إيفاء الناس، وقد نزل علي هم لا أطيقه، وها أنا ذا أكتب كلماتي وأنا في ضيق ما بعده ضيق، حتى إنني لا أستطيع النوم من شدة الضيق.
والله إني لا أستطيع أن أتنفس، وأنا أخاف أن أموت من الهم ولا أعلم حالي
فأشيروا علي يرحمكم الله.
مع العلم -الحمد لله- أنا شاب ملتزم وأخاف الله ربي ولم أنغمس في الحرام ولا أزكي نفسي على الله.
عندي مشكلة أني استؤمنت على مال أيتام ومال فقراء، والله ما أخذتها لأتلفها بل كان قصدي نماءها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا -ابننا الفاضل- الطموح في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يذهب عنك هم الدين وقهر الرجال، وأن يلهمك السداد، وأن يغنيك بالحلال، وأن يكفيك شر كل ذي شر، وأن يعيد لك السعادة والطمأنينة والآمال.
لا نريد أن نؤكد على أهمية أن يكتب الإنسان ويقنن مثل هذه الشراكات، وأرجو أن تستفيد من هذا الدرس على مرارته مستقبلا، ولكن الآن نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على قضاء الدين، وأول ما نطالب به أن تكثر من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وتعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال.
كذلك نتمنى أيضا أن تتماسك أمام هذه المحنة رغم صعوبتها، ورغم ضخامتها، فإن حالتك النفسية وزيادة الهم لا تساعد في حل هذا الإشكال، ولكن نتمنى أن تستأنف حياتك بعزيمة جديدة، وتصدق مع الناس وتجتهد في أن تبدأ والله تبارك وتعالى يوفقك.
في مثل هذه الأحوال يجوز للإنسان أن يأخذ حتى من أموال الزكاة ليسدد الناس، وكن واضحا مع الناس حتى يعينوك على الخروج مما أنت فيه، فالمسلم ضعيف بنفسه لكنه قوي بعد الله تبارك وتعالى بإخوانه.
تواصل مع مؤسسات خيرية وأي جهة يمكن أن تعاونك في هذا السبيل، بالإضافة إلى الاجتهاد في البحث عن الشخص هذا المتهاون الذي نسأل الله أن يهديه ويرده إلى الصواب، وهو لن يكسب خيرا بفعلته الشنيعة هذه، لكن أرجو أن تتابع في كل الاتجاهات تبحث عن هذا الرجل قبل ذلك تلجأ إلى الله تبارك وتعالى، تتعوذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال.
عليك أن تصدق مع الذين أخذت منهم الأموال، وتعدهم بالوفاء متى ما يسر الله تبارك وتعالى عليك، تخرج وتستأنف حياتك، لأن هذا الهم والإنهزام والضيق وعدم النوم هذا كله لا يخدم القضية، الذي يخدمها هو أن تبدأ تتحرك من جديد مستعينا بالله تبارك وتعالى، ونتمنى أن تجد حولك من الفضلاء من الأخيار من يتفهم وضعك فيبحث لك عن عمل، من يتفهم وضعك فيساعدك بما يستطيع، من يتفهم وضعك فيجوز له أن يعطيك من الزكاة، بل يجوز لك أن تسأل لأنك أصبت بجائحة تسأل حتى تصيب سدادا من عيشك، كما قال النبي عليه صلاة الله وسلامه، الذي يهمنا هو أن تكون علاقتك بالله وثيقة، أن لا يقعدك الهم عن العمل، لأن الهم مطلوب وفعلا موقف محرج لكن ما ينبغي أن يكون هما مقعدا يمنعك من النوم ومن الحركة ومن العمل.
نسأل الله أن يعينك على الخلاص مما أنت فيه، وما كنت عليه من الثبات والخير والطاعة لله سيكون عونا لك، وهذا اختبار، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على النجاح فيه والثبات وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.