السؤال
السلام عليكم.
أبي عمره 76 عاما، ولي أخ وأخت يكبراني، ووالدتي 68 عاما، أصيبت بسرطان منذ 4 سنوات وتعافت بأمر الله ولكنها الآن تخرج البراز عن طريق فتحة بالبطن متصلة بكيس طوال مرضها، وللآن والحمد لله كنا لها نعم الأبناء بشهادتها وشهادة أبي، وهي أغلى عندنا من حياتنا، لم نكلف آباءنا أي عناء، قمنا بكل دور لها ولم يذهب معها لطبيب مرة رغم أنها طوال 44 عاما زواج تحرص على راحته وتخدمه وتخدمنا بكل قوتها، ما من أحد يعرفها إلا وحزن لمرضها، فهي ملاك على الأرض، كان بيتنا يعج بزوار ورأت حب الجميع لها في شدتها، أما أبي كلماته كانت طيبة أحيانا لكن لم يفعل شيئا!
هي الآن في فترة متابعة نخشي جدا عودة السرطان، فاجأنا أبي في رمضان بحديث بالساعات على الهاتف حتى الفجر مع فتاة تصغره بـ 50 عاما، ومكالمات فيديو، هي مطلقة ولها ابن، واجهناه وأنكر ثم أقر بأنه سوف يتزوجها، مع أنه أقسم كذبا أنه لا يوجد شيء من هذا في رمضان وهو صائم.
تحدثنا معه بهدوء وبانفعال وبكاء أن هذا لا يصح وأمي ستموت قهرا هكذا وممكن أن يعود لها المرض، فهو مرتبط بحالتها النفسية، لا جدوى! يقول لي 4 سنوات لم أشعر بأني أعيش وأريد أن أرى الدنيا، وكأنه يعاير أمي بمرض ابتلاها الله به، ويقول: أنتم لستم رضع، أنا وأخي الأكبر متزوجان، أختي الوسطى لم تتزوج كانت تخجل يوميا من سماعه ليلا وهو يهمس لها، واجهته واتهمها بالتنصت وشتمها بأقذع الألفاظ حتى مرض قلبها، وأنا الآن في كرب أنا وإخوتي بسبب تلك السيدة التي طمعت في أبي، وهو الآن يريد بيع أملاكه حتى يتزوجها في بلد أخرى.
أشعر أن أمي تقتل عمدا من أجل فتاة عابثة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحاب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك ومرحبا بك -أختي العزيزة-، وشكر الله لك ولإخوانك اهتمامكم بوالدتكم الكريمة شفاها الله وعافاها، وجزاكم خيرا على حسن خدمتكم وبركم بوالديكم وزادكم من فضله وتوفيقه.
وأما بصدد رغبة والدكم في الزواج من الفتاة الصغيرة المذكورة، فالذي أنصحكم به التلطف في نصحه وإقناعه بالمنطق والحجة بالتي هي أحسن عملا بواجب البر بالوالدين، وهو من أعظم الواجبات الشرعية، فقد صح أن (رضا الله تعالى من رضا الوالدين)، إضافة إلى ما في ذلك من الحفاظ على المصلحة لكم والوالدة والأسرة.
من الحكمة توسيط بعض أهل الفضل والعقل والأمانة ممن يحضون بالقبول لديه والتأثير عليه في تنبيهه إلى المحاذير والمخاطر التي تكتنف هذا الزواج؛ كون الفارق بينه وبين الزواج كبيرا، مما يغلب تعريضها للفتنة لعدم قدرته على الوفاء بإشباع جانبها العاطفي ونحوه، كما تواصلها معه بطريقة غير شرعية مدعاة للاشتباه بضعف دينها وأمانتها حيث يحتمل رغبتها في ماله، لا سيما مع عزمه ببيع بعض أملاكه وكذا الفارق العمري الكبير بينهما، كما أن رغبته بالسفر معها ومفارقة أولاده يقوي جانب الحذر من هذا الزواج؛ حيث يظهر مدى ضعفه وتأثيرها حد إقناعه بترك زوجته المريضة وأولاده.
فإن أبى الوالد -حفظه الله- إلا الزواج بأخرى ورفض الوسائط ونصحكم، وتمسك بحقه الشرعي لما ذكر من مصالح وحقوق، فلا شك أن ذلك من حقه الشرعي، فمن المهم طاعة لله وكسب وده أولا، شكره على فضله وإقراره بحقوقه وتذكيره بحقوق زوجته وأولاده بلطف ورفق وحكمة.
ثم من المهم تذكيره باختيار الزوجة المناسبة والتي يتوفر فيها حسن الدين والخلق والأمانة والعفة والسن المناسب الملائم بينهما، وتذكيره بواجب الاستشارة لمن يثق به من أهل الفضل والعقل، والاستخارة لله تعالى وعدم التفريط في حقكم وحق والدتكم -عافاها الله-، وذلك بعدم لزوم السفر والبعد عن أولاده لغير ضرورة شرعية،؛ لما في البعد عن زوجه وأولاده من تأثير سيء عليكم وعلى الوالدة -عافاها الله-حيث لا تستغنون عن حضوره ودعمه المادي والمعنوي وعلى خصوص الوالدة المريضة - عافاها الله - والتي من لوازم الوفاة لعشرتها البقاء معها ومؤاساتها بحضوره، فإن أبى الوالد في قبول النصح في ترك هذا الزواج وإدراك محاذيره أو الاعتبار بشروطه عند الضرورة إليه؛ يمكن أن يكون هذا الزواج سرا؛ بحيث لا يصل إلى الوالدة ويؤثر على صحتها النفسية والبدنية ما أمكن.
فإن تنامى خبر الزواج إلى الوالدة خلافا لما نرجوه فمن المهم محاولة إقناع الوالدة عند اللزوم والضرورة -شفاها الله- بالصبر والحلم والتحمل واحتساب ثواب الصبر على البلاء والإيمان بالقدر والرضاء بالقضاء ومؤاساتها بحسن الوقوف معها وتذكيرها بحق زوجها الشرعي في الزواج لتحقيق مصالحه الدينية والدنيوية، وتذكيرها بأن هذا الزواج لا يستلزم عدم المحبة والتقدير لها والاعتراف بفضلها والتعاطف مع مرضها -شفاها الله وعافاها-.
أوصيكم باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء وكثرة الذكر والاستغفار والدعاء للوالدة بالشفاء، وللوالد بالهداية والتوفيق للخير، ولكم بالصبر والثواب من الله تعالى، والله الموفق والمستعان.