السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 27 سنة، منذ 6 سنوات أصبت بصدمة تبعها إصابتي بمرض الوسواس القهري والخوف المفرط من الموت والانتحار أو الجنون.
ذهبت لطبيب نفسي ووصف لي أدوية ساعدتني في تخطي محنتي وتعافيت في ظرف سنة والحمد لله، لكن بعد ثلاث سنوات تقريبا بدأت تعود لي أعراض وسواس الأفكار كالموت بسكتة قلبية أو الانتحار أو إيذاء أحد من أفراد عائلتي أو الجنون أو الإصابة بمرض خطير في كل مرة تأتيني فكرة مختلفة أحاول في كل مرة التعاطي مع الحالة بأنها مجرد أفكار وأني سأتجاوزها كما فعلت سابقا، وبالفعل أتجاوز ذلك في كل مرة لكن ذلك يجعلني مكتئبة وخائفة دائما.
المشكل لدي هو خوفي من تحول الوسواس لدي لمرض فصام أو جنون أو أني قد أفقد السيطرة على نفسي في أحد الأيام وأقدم على شيء مجنون، وهذا يجعلني تعيسة ومكتئبة أو أن أنجب في المستقبل طفلا مصابا بالوسواس أيضا ويعاني ما أعانيه.
خوفي من ما قد توؤل إليه حالتي يجعلني متوترة فأفكار الوسواس حاليا أتجاوزها في أسبوع أو أقل ولكن هل مرض الوسواس قد يتحول لفصام أو جنون؟ ومتى يحدث ذلك؟
كما أني أحس بأني مرهقة بسبب وأخاف أن أكمل حياتي هكذا، ومنذ يوم تأتيني وساوس بأني إذا ختمت قراءة القرآن فإني سأموت، وعندما أصلي تأتيني وساوس وأشياء غريبة جدا تجعلني أصاب بالدوار من كثرة الخوف، فلا أستطيع النوم أو التفكير أو تجاهلها فأحس بأني سأجن وأن رأسي سينفجر من كثرة الأفكار، وكأن هناك أحدا ما يتحكم بدماغي ويجعله كالبركان من شدة التفكير، ولا أستطيع النوم لكثرة الأفكار والكوابيس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنت لديك استشارات سابقة عن الوسواس، وعليه أبدأ بأن أسدي لك نصيحة مهمة جدا وهي: يجب ألا تتعايشي مع مرض الوسواس، لا تجعلي الوسواس أبدا جزء من حياتك، عدم علاج الوسواس بصورة حاسمة يجعله يتمادى ويكون مستحوذا ويكون ملحا، وهذا قد يوصل الإنسان لما نسميه بالوسواس القهري مع افتقاد الاستبصار، وهذا لا نريده لك أبدا.
الأفكار التي تأتيك هي أفكار وسواسية حقيقية، تتولد منها أفكار مخاوف، قلق توقعي، والحمد لله تعالى الأفكار الوسواسية تستجيب للعلاجات الدوائية بصورة ممتازة جدا، فيجب أن تحسمي أمر علاج هذه الوساوس، تستمري على العلاج لفترة طويلة، والآن أدوية سليمة جدا، وبعد أن تختفي الأعراض تماما إن شاء الله تعالى تنتقلي للجرعة الوقائية، وهذه غالبا تكون جرعة صغيرة.
بالنسبة للوسواس ومرض الفصام والعلاقة بينهما: العلاقة ضعيفة جدا، حوالي 2% من مرضى الفصام ربما يتحول مرضهم إلى ما نسميه بالفصام الوسواسي، وهو أن لا يكونوا قد افتقدوا الاستبصار بصورة كاملة.
إذا العلاقة علاقة واهية، علاقة ضعيفة، صاحب الوساوس دائما مدرك ومرتبط بالواقع ومستبصر، ويعرف أن الوساوس أفكار سخيفة لكنها متسلطة عليه وقد يجد صعوبة في ردها.
أنا أنصحك بتناول عقار (فافرين Faverin) الـ (فلوفوكسامين Fluvoxamine) دواء رائع جدا لعلاج هذا النوع من الوساوس، تبدئي بخمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم تجعليها مائة مليجرام ليلا لمدة أسبوعين آخرين، ثم تجعلي الجرعة 200 مليجرام ليلا، وهذه هي الجرعة العلاجية لمثل حالتك، علما بأن الجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى 300 مليجرام، لكن لا أراك في حاجة لها.
تستمري على جرعة الـ 200 مليجرام على الأقل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تخفض إلى 100 مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تجعليها 50 مليجراما لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقفي عن الدواء.
المتابعة مع الطبيب مهمة، لأنها تمثل دعما نفسيا كبيرا، وفي ذات الوقت يجب أن تحقري الفكر الوسواسي، تصرفي انتباهك تماما عنه. الخواطر الوسواسية في بداياتها يجب أن تحقريها وتتجاهليها، لأن التمادي في الخاطرة يجعلها فكرة، والفكرة تتحول إلى صورة ذهنية، وهذا يعني أن الوسواس قد أطبق واستحوذ. فاطمئني تماما، ولا تترددي في العلاج أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.