السؤال
السلام عليكم
أود أن أشكركم على ما تقدموه من نصح واستشارات للمسلمين، فقد قرأت استشارات أسرية واجتماعية عن المشكلات الزوجية أوضحت لي الكثير عن الأفكار المغلوطة التي كانت تتملكني، والتي أحاول أن أصححها.
كنت أظن أن واجب الزوجة هي الطاعة العمياء للزوج، ويجب أن يكون الزوج مرتاحا في منزله لا يفعل شيئا، وعلى الزوجة أن توفر للزوج كل سبل الراحة والهدوء في المنزل بأي طريقة.
وعلى الزوجة أن تتعامل مع زوجها على أنه سيدها، ولا تغضبه ولا تتشاجر معه، وأن مجرد التأخر في تلبية طلب الزوج هو عدم تقديره واحترامه والاهتمام به، وإعطاؤه حق قدره، فقد كانت هذه الأشياء سببا لمشاكل بيني وبين زوجتي.
أقارن نفسي بأخي الذي كنت أرى زوجته تبجله ولا تعصي له أمرا، ولا تتشاجر معه، وهو من يغضب عليها، وكما نقول في مصر (سي السيد)، ولماذا لست كذلك، ولماذا زوجتي لا تعاملني كذلك، هل أنا ضعيف الشخصية، أم أنني غير حازم، وإن كنت حتى الآن لا أعرف معيار الحزم في لين التعامل مع الزوجة.
لقد كنت أرى زوجتي منهكة من التعب في المنزل، وبمجرد أن تطلب مني أي مساعدة أرى عدم تقدير.
إذا قلت نفعل كذا وناقشتني، أو أبدت معارضة، أرى عدم تقدير وأحتاج للمزيد من الحزم، وأطمع بالمزيد من التوضيح عن الحد الذي يعرف به الزوج من زوجته أن تقدره وتحترمه، وعدا ذلك هي طلبات غير واقعية، أو مبالغ فيها، وما التصرفات التي تصدر من الزوجة، وما الذي يجب أن يعلم به الزوج من أمور تحدث في كل البيوت.
هل طلبي يعتبر ضعفا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الأنصاري حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الثناء على وقعك، ونحن في خدمة أبنائنا والبنات، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يكتب لكم السعادة والاستقرار.
لا شك أن أفضل ما نجيب به على هذا السؤال وتذكيرك بهدي سيد الرجال رسولنا – عليه صلاة الله وسلامه – في تعامله مع أهله -صلى الله عليه وسلم- فقد كان في بيته ضحاكا، بساما، يدخل السرور على أهله، وكان في مهنة أهله، يعاون زوجه، ويشارك في الخدمة، يخدم نفسه، ويخيط ثوبه، ويقوم بيته -عليه صلاة الله وسلامه- ولا هدي أكمل من هدي رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه-.
وإذا أحسن الإنسان إلى زوجه وأكرمها فإنها تبادله الإكرام بالإكرام والاحترام بالاحترام، والشريعة تريد من الزوجة أن توفر لزوجها التقدير والاحترام، وتريد من زوجها أن يوفر لها الحب والطمأنينة والأمان.
فاجتهد في أن تكون في بيتك على ما كان عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- ولا تحاول أن تقلد المراسيم والعادات الموجودة عندنا، وهي خاطئة معظمها بكل أسف، نشعر الرجل أنه عنتر في البيت، صاحب الكلمة، وأنه لا ينبغي أن يجادل أو ينازع أو يناقش، هذا لم يكن من هدي رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه-.
وأرجو أن نعلم أن الكمال هو هدي النبي -عليه صلاة الله وسلامه- في تعامله مع أهله، ولذلك من المهم جدا أن نصحح هذه المفاهيم، أنت لست مطالبا أن تقلد فلان أو فلان أو الجيران أو الأهل أو العادات، لكنك مطالب أن تتأسى برسولنا -عليه صلاة الله وسلامه- الذي كان شفوقا على الزوجات، رحيما بالزوجات، وحذر وخوف من التقصير في ذلك، فقال: (إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة)، بل كان قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، وكان يقول: (خياركم خياركم لنسائهم).
وينبغي أن يفهم الرجال جميعا أن الرجل الذي يحسن التعامل مع زوجته ويعاملها كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلف الأمة الذين ساروا على دربه وخطاه في أن الزوجة ستكون أطوع له من بنانه، كما كانت زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – وكما كانت زوجات السلف الكرام -رضوان الله عليهم وعليهن- فإن المرأة -وهي كإنسان- جبلت على الإحسان لمن يحسن إليها، ولذلك بعض الذين يظلم الزوجة ويقسو عليها يظن أنها تطيعه، ولكن هذه ستقصر في حقه متى ما وجدت الفرصة، ولن تكون هذه طاعة لله، ولا في الله، ولا من أجل مرضاة الله، وقد تتحين الفرص، إلى غير ذلك.
هي إنسان في النهاية، ولذلك الإنسان ينبغي أن يدرك هذه المعاني، والمرأة لا تختلف عن الرجل في طبائعها، فالمرأة هي أم الرجل، وهي أخت الرجل، وهي بنت الرجل، {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، ولذلك ينبغي أن ندرك هذه المعاني، والرجل مطالب أن يعين أهله خاصة إذا كانت الخدمة صعبة، إذا طلبت المساعدة أو مرت عليها ظروف مرضية، وهي كذلك تعاونه وتساعده حتى في غير مهامها، إذا احتاج إلى بعض المساعدات وكان بالإمكان أن تساعده فإن عليها أن تعاونه، وهذا نوع من حسن المعاشرة التي يؤجر عليها كل من الزوج والزوجة.
فلذلك اجعل هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- هديا لك في بيتك، واجتهد في الإحسان لزوجتك، وعندها ينبغي أيضا أن تدرك الزوجة أن طاعة الزوج واجبة، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، وأنها لا تصوم تطوعا لله إلا بإذنه، وأن تعلم أن هناك حقوق لزوجها عليها لا بد أن تؤديها، وكذلك هناك واجبات ينبغي أن يدركها الزوج.
نحن سعداء بتواصلك، ونسعد بدخولك على الموقع وقراءة الاستشارات حتى تجد مزيدا من التوجيهات، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.