السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من الخوف والحساسية الزائدة، نقطة ضعفي هي أمي وأبي وأختي، أريد لهم كل الخير دائما، إذا هم حزنوا أو تألموا من شيء فأنا أتألم أكثر منهم، أخاف عليهم من الموت والمرض، عندما أدعو لهم في صلاتي بطول العمر وبركته وبالصحة وعافية البدن فعندي وسواس يخبرني دائما أني كفرت بالله والقضاء والقدر، فلم أعرف إن كان علي الدعاء أم لا خوفا من الله؟ دائما تحيط بي أفكار سلبية حول موت أحد أفراد العائلة نائما، وهو يصلي، سكتة قلبية، السرطان، فأسيء الظن بالله تعالى، فأشيروا علي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك التواصل والسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك العافية والتوفيق والسلامة لك ولأسرتك ولجميع المسلمين والمسلمات، وأن يصلح الأحوال وأن يجلب لك الطمأنينة ويحقق لك السعادة والآمال.
شكرا لك على اهتمامك وحرصك على مصلحة الوالد والوالدة والأخت، هؤلاء أغلى ما يملك الإنسان، واعلمي أنك مأجورة على الرغبة في الخير والدعاء لهم، فاستمري في الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فالدعاء سلاح عظيم يملكه المسلم، وما لنا لا ندعو ربنا والنبي يبشرنا بأنه ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعائه، وإما أن يكتب له من الأجر بمثله، وإما أن يرفع عنه من البلاء النازل مثله، فالدعاء فيه خير كثير، فأكثري من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وعودي نفسك على حسن الظن بالله.
واعلمي أن ما يقدره الله هو الخير، دائما ما يقدره الله تبارك وتعالى هو الخير، وما يختاره الله لنا ولوالدين ولإخواننا وأخواتنا هو الخير، حتى لو ظهر في غير ذلك، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فاستمري إذا في الدعاء وعودي نفسك الطمأنينة والثقة بالله تبارك وتعالى، واعلمي أن هذا الخوف والحساسية الزائدة مما ينغص عليك، وليس في دعائك أو لجوئك إلى الله تبارك وتعالى أمرا يخيف، فالإنسان ينبغي أن يكثر من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وأنت مأجورة على حزن من يحزن من أهلك ومن المسلمين والمسلمات، ولكن نريد للخوف أن يكون معقولا، والحساسية أن تكون في حدودها المعقولة، فإن الزائد يضر ولا ينفع، والرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره لا علاقة له بهذا، فالإنسان لا يتمنى البلاء ولكن عليه أن يصبر، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وما قدره الله تبارك وتعالى كما قلنا هو الخير، وما يقدره الله لا بد أن يحصل، ولذلك ينبغي أن نعود أنفسنا على الرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، ولذلك كان هذا ركنا من أركان الإيمان.
علينا فقط أن نفعل الأسباب، ثم نتوكل على الكريم الوهاب، ثم نرضى بما يقدره سبحانه وتعالى فهو الذي لا يسأل عما يفعل سبحانه وهم يسألون، الذي نشير إليه أن تستمري في الدعاء، أن تعمقي عندك معاني التوحيد والتوكل على الله والثقة في الله تبارك وتعالى، وأحسني الظن بربك فإنه يستجيب دعاءك، ويجلب الخير لك، فهو أرحم بنا من أمهاتنا، وما سمى نفسه رحيما ألا ليرحمنا، ولا سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، نسأل الله من فضله ورحمته، ونكرر لك الشكر على هذه الاستشارة، وندعوك إلى أن تغيري من خوفك ومن حساسيتك الزائدة فإن الزائد عن الحد هو الذي يحتاج إلى علاج، لكن أصل هذه الأشياء مما خلقه الله في الإنسان، وكل ما خلقه الله في الإنسان فيه الخير، شريطة أن لا يزيد عن حده، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.