السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت مصابة بالوسواس القهري قبل عدة سنوات، وكان الوسواس يطلب مني تجاهل كل الأفكار القهرية، وأصبحت أفضل حالا -بفضل الله- وبعدها أصبحت متساهلة في الأمور الشرعية.
فمثلا عندما أغتاب أحدهم أشعر بالخوف الشديد من الذنب، فأقول لنفسي أن هذا من الوسواس، ولكنني فعلا اقترفت ذنبا (الغيبة)، أقصد بأن إلحاح الفكرة علي يشبه الوسواس تماما.
وأيضا في فترة سابقة أصبحت أشك في أمور العقيدة واليوم الآخر، ولم أعرف إن كان هذا بسبب الوسواس أو من الشك الحقيقي مخرجا من الملة، فتلك الشكوك بدأت منطقية لي، أعلم أن كره الخواطر دليل على أنها من الوسواس، ولكنني كنت أخاف من كون الشك قد استقر في قلبي.
وكوني متخبطة ومتشككة، ولكن الشكوك كانت منطقية حتى بدأت رحلة البحث والقراءة في أمور العقيدة، ووصلت للحقيقة، واطمأن قلبي -الحمد لله-.
حاليا أنا أفكر كثيرا في ناقض الإسلام الخامس، أشعر حقا بأنني أصاب بالحرج من بعض الشرع، فأراجع نفسي وأذكرها بأن هذا لا يصح، وأن شرع الله كله حكمة، حتى وإن لم نعرف ما هي، ولكن شعور الحرج يراودني كثيرا، وأحاول دفعه وأنجح بعد عدة محاولات، ثم يأتيني الحرج في تشريع آخر، وهكذا.
أصبحت أجلس بالساعات أفكر وأسعى إلى تذكير نفسي بحرمة ذلك.
ما يحدث لي يشبه تماما حالتي مع الوساوس، وأشعر أن علي تجاهل هذه الأفكار، ولكنني أخاف حقا من التساهل في تقصيري بحق الله، أريد أن يكون إيماني بالله حقيقيا حتى وإن لم أسلم وأنقاد لله، لا أريد أن يتمكن مني الوسواس، فقد جربت ذلك من قبل، ولا أريد الخروج من الملة، ولا أدري ما أفعل؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ ماجدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وسواس الشك هو من أكثر أنواع الوسواس شيوعا وألما في نفس الوقت، لأنه يجعل الشخص يشك في أي شيء، وبالذات إذا كان وسواس الشك في المسائل الدينية كمثل حالتك -أختي الكريم -.
أنت تعانين من الوسواس، ومن وسواس الشك بالذات، وتشكين في أي شيء، وهذا ما يجعلك أحيانا تتألمين، ويشعرك بالضيق والقلق، وأحيانا للتخلص من الضيق والقلق تحاولين تصديق هذا الشك لمحاولة إيقاف القلق والضيق الذي تشعرين به، وهذا طبعا لا يحل المشكلة، بل تعود الشكوك مرة أخرى، وهكذا.
أنا متفهم الألم والضيق الذي تمرين به -أختي الكريمة-، والحمد لله نجحت لوحدك في التغلب على ذلك بدرجة كبيرة، و-إن شاء الله- تواصلين في هذا العمل، وإن كنت تستطيعين التواصل مع معالج نفسي لإعطائك مزيدا من المهارات السلوكية للتعامل مع هذا الوسواس، فهذا يكون أفضل، فضلا عن خوضك المعركة بمفردك.
التواصل مع معالج نفسي بصورة مستمرة لإعطائك نصائح ومهارات سلوكية تقومين بها للتغلب على هذا الوسواس الذي أرق حياتك وأضرك بدرجة كبيرة.
وهناك أشياء أيضا يمكن أن تفعليها في حياتك، مثلا: كممارسة الرياضة يوميا في المنزل، أيضا الانشغال بروتين محدد في المنزل، لكي لا تخلو بنفسك، وحتى لا تواصلي في هذا التفكير، أيضا تكون لك صديقة مثلا تتواصلين معها ولو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا أيضا يساعدك ويدعمك في حياتك.
وفقك الله وسدد خطاك.
-------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ العزيز أحمد عمر ......استشاري الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د/ مراد القدسي .........مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
--------------------------------------------------------------------------
مرحبا بك -أختي الكريمة- في موقعنا، ونسأل الله أن يمن عليك بالصحة والعافية، والجواب على ما ذكرت:
بداية لقد بذلت جهدا مشكورا في الخلاص من الوسواس، ونجحت في ذلك، وهذا فضل من الله عليك، ولكن يظهر أنه عاد إليك مرة أخرى، وتحتاجين إلى العودة إلى المعالجة له ومن غير تأخير.
والوسواس حتى يزول عنك لابد من معرفة أسباب وجوده في النفس، وأنا أذكر لك تلك الأسباب مع كيفية الخلاص منها.
من أسباب الوسواس البعد عن الله تعالى، والتقصير في الطاعات، فإن وجد هذا عندك، فعليك أن تكثري من طاعة الله، وأن يكون لك ورد يومي من القرآن الكريم، وتكثرين من ذكر الله والاستغفار.
سبب آخر للوسواس وهو الجهل بعلوم الشريعة، فتحتاجين إلى طلب العلم الشرعي بما يعرفك كيفية التعامل مع الوسواس وترك التفكير فيه، وأنصح بقراءة كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي.
ومن الأسباب احتمالية وجود مس أو عين أو سحر، وهذا لا يذهب عن المبتلى به إلا بكثرة الأعمال الصالحة والمدوامة على الرقية الشرعية.
ومن الأسباب عدم التقيد بالمعالجة الشرعية للوسواس ومن تلك المعالجات، ترك الالتفات إلى ما يدعو إليه الوسواس الشيطاني من أفكار وتصورات مثل كثرة التفكير في الحكم من التشريعات، أو حول مسائل العقيدة ونحو ذلك، فإذا أعطيتي لنفسك التعاطي مع هذه الأفكار زاد الوسواس وتوسع وسيطر أكثر على النفس يريد أن يفسد عليك دينك وحياتك، ولكن مع قطع وإهمال التفكير فيما يدعو إليه، والاستعاذة بالله من شره، وعندما يشكك في أمور العقيدة وهي تشكيك ليس منطقيا مطلقا، فأكثري من قول: (آمنت بالله ورسله أو ورسوله).
وأخيرا أنصحك بالأخذ بوصايا المستشار النفسي فهي نافعة بإذن الله تعالى.
كان الله في عونك.