السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة متدينة، دائما أفعل الخير وأحب إرضاء ربي، ولكن أبتعد عن سماع الرجال الدعاة عندما يتكلمون عن المرأة، أكثر الأوقات يبخسونها في الكلام ولا ينصفونها، ويحبون أن يستخدموا النصوص لموافقة لرأيهم، وكثيرا ما يتكلمون عن المرأة في حالة الزواج، مع أن هذه الحالة أصبحت قليلة بمقارنة الغير متزوجات والمطلقات والأرامل، يدورون حول حظ الرجل من المرأة ولا يهتمون كثيرا عن حظوظها هي.
أكره سماع محاضرة من رجل يتكلم عن المرأة، لأني متأكدة أنها لن تزيدني إلا تعصبا لجنسي بسبب عدم إنصافهم في كثير من الأحيان وفلسفتهم الكثيرة، قد قرأت كتاب المرأة بين الفقه والقانون وكان جميلا جزاه الله خيرا الكاتب، ولكن نسى عندما دعا أن يكون تعليم المرأة مختلفا ولماذا تتوظف وقد جعل الله من يعيل، وأنها تزاحم الرجال في الوظائف أليس رحمة من الله عندما علم وهو يعلم، ونحن لا نعلم قلة الرجولة والضعف الديني لدى الرجال، وكثرة التسلط والبخل، وحب الاستبداد والأنانية في زمن المادة.
جعل الله للمرأة طريقا لها للاستقلالية حتى لا تظلم ولا تفتتن في دينها وتساعد نفسها، ويجب إصلاح الرجال أولا فالصالحات في النساء كثر في هذا الزمان، والعاقلة منا لا تتسرع في الزواج لما تعلم ما سيلحقها من التعاسة إذا تزوجت الرجل الخطأ؛ لأن الزواج قيد للمرأة.
لماذا لا يفهم الكاتب أن هناك حظوظا للنساء وخير لهن في دينهم ودنياهم، كثير من المطلقات أصبحن أكثر سعادة وأكثر قربا من الله مقارنة قبل الزواج وهذة النسبة أكثر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وفتاتنا المتدينة الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال، ونسأله تبارك وتعالى أن يحقق لنا ولك في طاعته السعادة والاستقرار والآمال.
الخوض في أمور الحقوق والواجبات أمر حساس جدا، ولذلك لا يجوز أن يتكلم فيه كل إنسان، إلا من تفقه في الدين جيدا وعرف هذه الحقوق والواجبات، وليست العبرة بما قاله فلان أو علان من الناس، لكن العبرة في موافقته لشرع الله سبحانه وتعالى، وينبغي للعاقلات الفاضلات من أمثالك أن يتعرفن على الحقوق التي شرعها الله، والطريقة التي تعامل بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع النساء، فالمرأة شأنها عظيم؛ لأن المرأة هي امرأة الرجل، وأخت الرجل، وبنت الرجل، وليس بين المرأة والرجل نزاع، إلا في عقول بعض الناس؛ لأن المرأة من الرجل، " وخلق منها زوجها ليسكن إليها"، هي السكن، ولا يمكن أن نتصور الحياة ببهجتها بدون أخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وعماتنا وخالاتنا.
فلا تلتفتي إلى أي كلام لا يقوم على موازين وقواعد هذا الشرع، النبي -صلى الله عليه وسلم- احتفى بالمرأة والإسلام كرم المرأة أما فجعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وكرمها بنتا وأختا فجعل الجنة مكانا لمن أحسن للبنات والأخوات، وكرمها زوجة فقال خير الرجال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، فكرمها حفيدة فحملها النبي -صلى الله عليه وسلم- أمامة بنت زينب في صلاته يعلن ويعلي ذلك التكريم من محراب الصلاة، يرفعها إذا نهض ويضعها إذا سجد عليه صلاة الله وسلامه، بل حرج وخوف من التقصير في حق المرأة فقال: (أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة)، بل قال: ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)، بل قال للرجال: ( وخياركم خياركم لنساءهم).
فالمعول ليس على كلام هذا أو ذاك، وإنما على كلام النبي وهدي النبي عليه صلاة الله وسلامه، ونحن نصدقك في أن كثير من الرجال في طريقة كلامهم يقصرون وينتقصون، لكن العبرة ليس بهذا الكلام، وليس بنقصنا كبشر، ولكن الجمال والكمال في هذا الدين العظيم الذي ينبغي أن نتمسك به، ولا نوافق على هذه الأفكار السالبة التي تكونت عندك من أجل كلام هؤلاء، ولكن عليك أن تجتهدي مع الفاضلات من أخواتك في تصحيح الصورة، في القراءة والاستماع للفضلاء وللعلماء الذين يسيرون على هدي النبي عليه صلاة الله وسلامه في إكرام المرأة، والمرأة في تاريخها الطويل ما نالت تكريم ولا إحتفاء كما نالته في صحبة الأنبياء وخاصة في صحبة خاتمهم عليه صلاة الله وسلامه، ولئن كان بعض الرجال يمارس عادات الجاهلية وتقاليد الجاهلية مع المرأة فالعيب ليس في الإسلام ولكن في عقول هؤلاء الذين لا يعرفون هذا الإنصاف.
ولذلك أرجو أن يكون لك أيضا دور في تصحيح المفاهيم حتى عند بناتنا، نحن لا نريد لمثل هذه الأفكار السالبة أن تتمدد، فالمرأة بحاجة للرجل والرجل بحاجة للمرأة، وللمرأة حظ وللرجل حظ، وللمرأة حقوق وعليها واجبات، والرجل له حقوق وعليه واجبات، شريعة الله إنصاف، شريعة الله عدل، شريعة الله كمال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على إصلاح الرجال وإصلاح النساء، كلنا يحتاج إلى التوجيه وإلى الإصلاح، نحن نريد للرجال أن يعودوا إلى هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونريد لبناتنا أن يتعلمن شريعة الله وأن لا يكن على ثقافة المسلسلات والتفاهات والخارجات عن أمر الله تبارك وتعالى، ولكن عندما نعود جميعا إلى كمال هذا الدين العظيم فسنجد الجمال والكمال والعدل كل العدل، الهدى هدى الله تبارك وتعالى، نسأل الله أن يردنا إلى كتابه وإلى هدي نبيه ردا جميلا.
ولا تقفي عند كاتب أو كاتبين فهناك من وفق وهناك من لم يوفق فيما كتب، أو لم يصل إلى التصور الإسلامي الصحيح في التعامل مع المرأة، فنسأل الله أن يعيننا على إصلاح أنفسنا جميعا، وأن يردنا إلى كتابه وإلى هدي نبيه ردا جميلا، ونشكر لك هذا السؤال ونرحب بك وبأي تفاصيل تحتاجين أن نتكلم عنها، ونضع سويا معها النقاط على الحروف، انطلاقا من هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، هذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى وكوني داعية إلى الخير، وحذري الأخوات أن لا يتأثرن بأفكار سالبة نسبة لأخطاء الرجال أو نسبة لما يعمله أعداء الدين من تشويه، نسأل الله الهداية للجميع ونكرر لك الشكر والترحيب.