السؤال
السلام عليكم..
كنت أتناول دواء 20 Estikan ودواء10Olazine للوسواس القهري، وكثرة التفكير والتشكك الدائم في الدين والصحة؛ فقد مرت فترة بدأت أقرأ فيها عن الأديان الأخرى، وإذا أتاني أحدهم بدليل صدقته، ولكن لا ألبث أن أعود للتشكك ليس لأني أشك في ديني، ولكن لأني أريد أن يكون إيماني مبنيا على عقيدة راسخة سليمة لا تقبل الشك.
وكنت قد عانيت من بعض الوساوس القهرية مثل: إن لم أنظر لشخص خمس مرات فلن أرتاح أو لن أنجح، أو غير ذلك من الأفكار القهرية السخيفة! ولكنني قررت أن أوقفها، ولكنني أعلم أن هذا ليس هو الحل.
ولكن منذ ما يزيد عن 15 يوما أوقفت دواء estikan بدون استشارة طبيب، وأبقيت على أولازين، أتناول نصف قرص يوميا، ولكنني لم أشعر بتحسن حتى الآن، علما بأنني أتناوله منذ ما يزيد عن السنة وثلاثة أشهر تقريبا، وقد سمعت من طبيب ما أن الأدوية النفسية لا تعالج الوسواس، ولكنها فقط تخفف من أعراض القلق المصاحبة، وأنا لا آخذ علاجا سلوكيا معرفيا لظروف المادية، وأنا الآن أريد إيقاف الدواء، لكنني بإذن الله أنوي أن أبدأ في ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء، فأنا لا أشعر بتحسن بتاتا مع الدواء، فأطلب نصيحتكم هل أوقف الدواء وألجأ لممارسة أشياء أخرى؟
ولو نصحتموني بإيقافه؛ فما هي التمارين السلوكية التي يجب علي أن أفعلها غير الرياضة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوسواس القهري هو اضطراب نفسي معروف، وكما ذكرت يتمثل في أفكار مستمرة ومتكررة، يحاول الشخص مقاومتها ولكنه لا يستطيع، وتسبب له قلقا وتوترا، ودائما الوسواس القهري يكون في الأشياء الدينية أو الجنسية أو في العنف، وطبعا في حالتك معظم الوساوس هي في المسائل الدينية، وهو اضطراب نفسي، ويعالج بالأدوية النفسية وبالعلاجات النفسية.
الأدوية النفسية ليست أدوية مهدئة، ولكنها تعالج الوسواس القهري، وهنالك الآن أدوية معروفة تعالج الوسواس القهري، وبالذات مشتقات الـ (SSRIS)، مثل الـ (استيكان estikan) فهو فعال في علاج الوسواس القهري، وأحيانا يتم إضافة مضادات الذهان كالـ (أولانزبين Olanzapine) أو الـ (ريسبيريدون Risperidone) أو الـ (أريبيبرازول aripiprazole/ إبليفاي Abilify) لمساعدة مضادات الوساوس القهرية.
فيجب أن ترجعي إلى الاستيكان، وتواصلي في ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء: (2136015)، والتمارين السلوكية أهم شيء فيها تجاهل هذه الأفكار، ليس مصادمتها، ولكن محاولة تجاهلها والانصراف عنها بأن تفكري في أشياء أخرى، المصادمة ومحاولة مقاومتها تأتي بالتوتر، ولكن التجاهل ومحاولة الانصراف عنها والانشغال بأشياء أخرى، وحاولي ألا تكوني وحدك معظم الوقت، تكوني مع الناس – الأسرة، الصديقات عبر الفيسبوك أو الواتساب – والانشغال بأشياء حركية.
إذا حاولي تجاهل هذه الوساوس والتفكير في شيء آخر، كلما جاءت هذه الأفكار الوسواسية حاولي أن تفكري في أشياء أخرى، أشياء حصلت في الماضي، أشياء جميلة فعلتها.
احرصي على الصلاة في وقتها، واحرصي على النوافل، واحرصي على أذكار اليوم والليلة، واحرصي على تلاوة القرآن والدعاء، وإن شاء الله مع العلاج الدوائي والاستمرار عليه ومع التمارين الرياضية والاسترخاء تتخلصين من هذه الأفكار وتعودي إلى طبيعتك.
وفقك الله وسدد خطاك.
_______________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ عبد العزيز أحمد عمر-استشاري الطب النفسي وطب الإدمان-
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
________________________________________
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
قد أفادك الدكتور عبد العزيز بما ينفعك من الناحية الدوائية والتمارين السلوكية، للتخلص مما أنت فيه من وساوس، ونضيف من الناحية الشرعية – أيتها البنت العزيزة –:
أن علاج الوساوس والشكوك فيما يتعلق بالدين والعقيدة الحل لها، والعلاج لها، والتخلص منها لا يكمن في الإجابة على أسئلتها، ولا الاسترسال معها في مناقشتها، فهذا لا يزيد الوسوسة إلا تمكنا وتوغلا في قلبك، وليس معنى هذا أن العقيدة الإسلامية مبنية على غير يقين ومبنية على شكوك، فليس الأمر كذلك، فأدلة وجود الله تعالى بعدد مخلوقاته، فكل شيء يدل على وجود الله، وأدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم لا تحصى، والفطرة السليمة والعقل الصحيح لا يدلان على غير هذا، والله سبحانه وتعالى يضع علينا في كتابه هذا السؤال: {أفي الله شك فاطر السموات والأرض}، ويقول سبحانه وتعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}.
فالقرآن يخاطب العقل كما يخاطب القلب، والأدلة العقلية على صحة هذا الدين من ثورة في القرآن الكريم، وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقرب شيء إلينا يدل على حقائق هذا الدين، كما قال سبحانه وتعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، ولم يكن الاستدلال على صحة هذه العقائد بشيء يحتاج إلى جهد كبير لدى أئمة المسلمين، فقد كان الواحد منهم إذا سئل عن شيء من ذلك التفت إلى أقرب شيء بجانبه فاستدل به، وكلامهم في هذا كثير لا يحصى، سئل أحمد بن حنبل عن وجود الله وبجانبه بيضة، فأخذها وقال: (هذا القصر المليح المغلق بينما هو كذلك يخرج منه طائر مليح، فكيف عاش هذا المخلوق من وراء هذا الجدار المحكم الإغلاق؟ وكيف خرج إلى الوجود بهذه الألوان الحسنة والصورة الزاهية الجميلة؟) وكذلك فعل الشافعي – رحمه الله – فإنه استدل بورق التوت الذي كان بجانبه، إذا أكلته دودة القز خرج حريرا، وإذا أكلته النحلة خرج عسلا، وإذا أكلته العنز خرج بعرا، فالداخل واحد والخارج متعدد؛ فمن الذي فعل هذا؟!
إلى غير ذلك من كلامهم الطويل الذي يعزز هذه الحقيقة أن أدلة وبراهين صحة هذا الدين متناثرة بعدد المخلوقات من حولك، وبعدد المخلوقات في جسدك أيها الإنسان، فالقضية لا تحتاج منك كل هذا العناء والاسترسال مع هذه الوساوس والتتبع لها، فإذا أردت أن تخلصي نفسك منها فعلاجها الكف عنها وعن الاسترسال معها، وهذا وحده هو طريق الخلاص منها، وهذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فليستعذ بالله ولينته))، فاستعيذي بالله تعالى إذا هاجمتك هذه الوساوس، وأكثري من قراءة المعوذتين، وكفي وامتنعي عن الاسترسال معها واشتغلي بشيء ينفعك في أمر دين أو دنيا، وبذلك ستتخلصين منها بإذن الله.
نسأل الله لك الشفاء العاجل.