تعرفت على شاب يقول بأنه يحبني، ولكنه يماطل، فما رأيكم؟

0 38

السؤال

السلام عليكم...

أنا فتاة عمري 25 سنة، متدينة أخاف الله، مشكلتي أنه طول عمري لم يتقدم لي شاب مثلما أتمنى، فكل من تقدموا لي كانوا متشددين، ويهينون قيمة المرأة، ويريدون التحكم بي وبدراستي وحتى بملابسي، وقد آلمني هذا كثيرا، وأجمعت ان الرجال كلهم مثل بعضهم.

ولكني في يوم تواصل معي شاب له صلة قرابة بصديقتي، من الأول لم أرد عليه حتى سألت صديقتي عنه، فقالت إنه رجل ذو خلق ودين تحدثي معه، وقلت حسنا سوف أتحدث معه بالرسائل فقط، ولكنه قلب موازين أفكاري، فهو حقا ذو خلق ودين وفيه ما أبحث عنه، إلى أن اعترف لي بمشاعره، وقال إنه يريد أن يتزوجني، لكن قال أمهليني بعض الوقت.

أنا حقا في مشكلة كبيرة ما بيني وبين نفسي، أحس أنني أقوم بالخطأ عندما أكلمه، أعرف أن نيتي صادقة ولم أتجاوز حدودي في الكلام معه وأصده إن تجاوز الحد، لكن لا أعرف ما يمنعه من التقدم لي؟

أنا أعرف أن من يحب أحدا ويريده في حياته يتقدم له من الباب، قلت له هذا حرام أخاف من ربي، وأحس أنني أخدع والدي وأخون ثقته، لا أعرف ماذا أفعل؟ فقد جربت تركه ولم أقدر، صليت صلاة الاستخارة، سألته ما خططك ما عذرك؟ قال انتظري!!

أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل؟ لا أريد الابتعاد خوفا من أن أخسره، أنا أحبه وفيه كل ما أتمنى، لا أعرف ما يعيقه، لا يريد الإفصاح، مرات أقول هل هو متلاعب؟ لكن قال لي إنه أخبر عائلته أنه يحب فتاة، ماذا أفعل؟ يؤنبني ضميري ورأسي يؤلمني من التفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الفاضلة-- وردا على استشارتك أقول:

اعلمي -أختي الكريمة- أن الزواج رزق ونصيب يسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يمكن أن يتخلف شيء منه عن قدر الله، ولذلك لا يستطيع أحد أن يتحكم به سواء في الوقت، أو الشخص وإن كان الإنسان له رغبات سواء كان ذكرا أم أنثى لكن هذه الرغبة والمشيئة لا يمكن أن تتحقق مالم تتوافق مع مشيئة الله تعالى كما قال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).

الزواج لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك، فمهما حرص الإنسان على تعجيله أو تأخيره لا يستطيع، بل متى جاء الوقت الذي قدره الله وأتى الشخص الذي قدره الله ليكون شريكا للحياة يسر سبحانه الأمور وتم الزواج.

إنني أقدر إحساسك ومشاعرك، لكن لا يجوز أن تعممي أحكامك على كل الرجال الملتزمين أنهم يتحكمون بالمرأة ويحبون السيطرة عليها، فهذه الصفات لا يمكن أن تكون هي صفات المتدين الحق الذي اتبع منهج رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كرم المرأة وأعطاها حقها كاملا غير منقوص، وما يفعله البعض ناتج عن جهلهم بسماحة دين الإسلام.

رسم صفات معينة في الذهن لشريك الحياة غير سليم، وإن كان هذا مجرد تمن، لكن الكمال عزيز في الرجال والنساء، ومن هنا فلا بد من شيء من التنازل عن بعض الصفات خاصة الصفات التي يمكن أن يكتسبها الزوج فيما بعد من خلال حسن سياسة المرأة مع زوجها، لكن يجب أن تحرص المرأة على تحقق الصفات التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

من الخطأ أن تبني المرأة وكذا الرجل علاقات خارج إطار الزوجية حتى ولو كان عن طريق الكلام وهذا ما قلته بنفسك أنك تشعرين أن هذه خيانة لوالدك الذي يثق بك وقبل هذا خيانة للعهد الذي عهده الله لك وإن كان الكلام ليس فيه تجاوز لأنه لا حاجة لذلك الكلام كون الرجل لم يتقدم حتى لخطبتك لأنه يمكن أن يعطى الرجل وقتا للتحدث مع مخطوبته لمدة محدودة فقط والذي يخشى أن يكون البعض إنما يريد أن يشبع نفسه من التحدث مع النساء ويتحجج بأنه يريد الزواج، ومن أراد الزواد فليأت البيوت من أبوابها ولا يتسلق من السقوف؛ لأن ذلك إنما هو فعل اللصوص.

من سلبيات التحدث مع الرجل أن يقع حبه في قلب المرأة وتتعلق به، ثم يأتي وقت يختفي ذلك الرجل ويذهب في سبيله حين يجد من هو أحسن منها، وتبقى تلك المسكينة في حزنها وكآبتها.

الذي أنصحك به أن تقطعي تواصلك مع هذا الرجل، وأن تكتفوا بما قد حصل مع استغفار الله تعالى، فإن كان يرغب في الزواج فليأت البيوت من أبوابها، وإن أتاك شخص فيه الصفات التي نبهنا عليها نبينا صلى الله عليه وسلم فلا تتردي في قبوله، ودعي هذا الرجل وشأنه فلست ملزمة أن تنتظريه، والله أعلم ماذا يريد؟ وهل سيوافق أهله على طلبه أم أنهم سيلزمونه بفتاة معينة؟

إذا كان قد تقدم لك من وصفتهم بأنهم متشددون فأوصيك ألا تتشددي في مواصفات شريك حياتك، فهنالك صفات يمكنك تعديلها بعد الزواج بحسن سياستك وتعاملك مع زوجك.

أكثري من التضرع بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك من أسباب استجابة الدعاء ومن أسباب جلب الحياة السعيدة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

اطلبي من والديك الدعاء؛ فدعوتهما مستجابة، وأكثري من تلاوة القرآن والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، فذلك يجلب لقلبك الطمأنينة كما قال ربنا جل في علاه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات