هل ما يفعله الرهبان الصينيون في علاج الأمراض المستعصية صحيح؟

0 35

السؤال

السلام عليكم.

شيوخنا الأفاضل

كثيرا ما نسمع عن رهبان الشاولين الصينيين الذين وصلوا إلى مراحل بعيدة في التحمل، لدرجة أنهم يستطيعون المشي على الجمر والقفز فوق الرماح دون أن يصيبهم أذى؟ هم يتحدثون عن الطاقة، وقدرات العقل البشري وما شابه، وهناك أيضا رجل يدعى "جو ديسبنزا" هذا الشخص يقوم بتعليم الناس كيفية الشفاء الذاتي، وطرائقه مثبتة ومجربة لدرجة أنه قام بتعليم أعداد كبيرة من الناس مصابين بالسرطان أو الشلل أو العمى... إلخ، فتمكنوا من علاج أنفسهم. الموضوع أيضا يدخل فيه الحديث عن خزعبلات الطاقة، ولكن الأمر اللافت أنهم يتحدثون عن القدرات غير المحدودة للعقل البشري، فهل هي صحيحة؟

وكيف يقوم هؤلاء الرهبان الصينيون، وهؤلاء الذين عالجوا أنفسهم بهذه المعجزات؟ وهل لهذه الأمور أصل في الإسلام؟ وكيف نصل لمثل هذه القدرات؟

أجيبونا، بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
إن ما ذكرته نوع من أنواع السحر يضللون به على عباد الله تحت مسمى الطاقة، ولعلهم يستخدمون كذلك محاليل ومساحيق هي التي تجعلهم في نظر الناس يفعلون الخوارق، ولقد حصل مثل هذا في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فعلم حيلهم، وقال أمام الناس أنا مستعد أن أدخل في النار مثلهم، ولكن لي شرط أن يغتسلوا أمامي قبل أن يدخلوا فأبى أولئك السحرة أن يفعلوا قيل لشيخ الإسلام، ولم طلبت منهم أن يغتسلوا فذكر أنهم يستخدمون زيوتا ومساحيق لا تجعل النار تصيبهم بلفحها قيل له، وهل ستدخل معهم قال: نعم، قيل: كيف؟ فقال إن الذي قال للنار كوني بردا وسلاما على إبراهيم؛ قادر على أن يجعلها بردا وسلاما علي.

ليس هنالك شيء اسمه الطاقة، أو قدرات العقل البشري، بل هذه مجرد مسميات ليمرروا من خلالها ما يقومون به من السحر وليجروا الناس إلى تعلمه.

معروف أن هؤلاء الرهبان، ومن سلك مسلكهم لا بد أن يمروا عن طريق الديانة البوذية، وما علمنا عن مسلم أنه تمكن من الدخول معهم وهو على ديانته، ولعلك تدرك السبب في ذلك وهو أن هؤلاء المشركين تتلبس بهم الشياطين من خلال ممارسة السحر، فتظهر عليهم بعض القدرات كالوقوف على السيوف، وعدم تأثير السكاكين الحادة في أجسادهم وكسرهم للزجاج برمي إبرة، والرجل القوي جدا منا لو لكمه بيده أو ركله برجله لما قدر على تكسيره، بل بعض الزجاج مضاد للكسر بل وللرصاص، وفي هذا إلغاء لطبيعة الأشياء التي أودعها الله فيها، وذلك لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى كما جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم.

ربنا جل في علاه جعل لكل شيء سببا، فما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، وهؤلاء كما ذكرت أنهم يعلمون المرضى كيف يقومون بشفاء أنفسهم بأنفسهم من أمراض مستعصية كالسرطان والشلل والعمى، فهل يصدق عاقل هذا الكلام، عجز العالم عن إيجاد علاجات لبعض الأمراض كالإيدز، وهؤلاء يدعون أنهم يدربون الشخص كيف يشفى نفسه بنفسه بقي أن يقولوا أنهم يدربون الإنسان على أنه لا يموت، وأنه يبقى شابا لم يحصل هذا طالما وهنالك طاقة، وقد رأينا بعضهم صار شيخا كبيرا ضعيفا مترهل الجسم.

صحيح أن للرياضة أثرا طيبا في صحة الجسم، ودفع الأسقام والتماثل للشفاء أكثر من الأجساد التي لا تتريض، ولكن ليس الأمر إلى حد هذا الزعم منهم، فذلك محض كذب وافتراء.

أفضل البشرية هم الأنبياء، ومع هذا مرضوا وماتوا، وما ترك نبينا من خير إلا ودلنا عليه، ولا من شر إلا وحذرنا منه، ولم يدلنا على شيء اسمه الطاقة، وما شاكل ذلك من الخزعبلات، ورحم الله الإمام الشافعي حيث قال: (إذا رأيت الرجل يطير، أو يسير فوق ماء البحر، ثم هو مخالف للشرع فإنه مستدرج أو بدعي) فكيف بهؤلاء الكفرة عبدة الأصنام.

مهما كانت قدرات العقل البشري فستبقى محدودة، ولعل من عجائب قدرة الله ما أودعه في العقول البشرية، فما نراه من الاختراعات المتوالية التي خدمت البشرية، وغيرت من نمط حياتها، لكن مع هذا يجب أن تبنى الأمور على مقدمات ومسببات، وليس على الخيالات والخزعبلات، فأنا مثلا لو سألت كيف ترسل الرسالة الإلكترونية عبر أي وسيلة من وسائل التواصل من البلد الفلاني في مشرق الأرض، فتصل في جزء من الثانية إلى البلد الآخر في مغرب الأرض لوجدت الإجابة على سؤالي بطريقة علمية منطقية، أما ما يفعله هؤلاء السحرة، فلا يمكن أن نفسره بأكثر من كلمة (السحر).

الوصول إلى قدراتهم لا يكون مع المحافظة على دين المسلم، ولا يمكن الوصول لما يفعلوه إلا عن طريق الكفر بالله سبحانه والعياذ بالله، وقد أخبرني بعض العوام عن شخص كان يري الناس أنه يطير، وأنه يمشي في الجبال الشديدة الانحدار من القمه إلى الهاوية التي قد تكون مسافة كيلو متر وأكثر، وهم يرونه ولا يسقط، فكانوا يظنون أنه من أولياء الله، ولم يدروا أنه من أولياء الشيطان.

أنصح بعدم الإيغال في التعرف على ما يفعله هؤلاء لما في ذلك من ضياع الوقت في غير ما ينفع، ولما في ذلك من ترويج لهم، كما أنصح بالتحذير منهم ومن صنائعهم.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات