أدرس في الخارج ولا أدري أي مستقبل ينتظرني.

0 36

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، عمري 34 عاما، غير متزوجة، وأقيم مع والدي في الخارج، وأنا هنا للدراسة، ظروفنا ليست سهلة، وأعيش على منحتي الجامعية وليس لي مصدر آخر للرزق.

نظرا لظروف الحرب في بلادي أصبح مستقبلنا غير معلوم، حيث جوازاتنا هي الأقل حظا في العالم من ناحية القبول، والتنقل والسفر، وقبولات العمل أو الهجرة، ولكن لدي أخ وأخوات يعملون في الخليج وبإمكانهم أخذ والدي معهم، ولكنهم لم يبذلوا السبب الكافي لذلك، يفضلون أن يساعدوهما هنا في تكاليف العلاج والإقامة، بالمقابل ليس لي مكان أستطيع اللجوء إليه بعد انتهاء فيزتي كطالبة إلا أن أعود إلى الحرب، أو أنجح في دراستي وييسر الله عملا أو زواجا.

بسبب مرض وعجز والدي واعتمادهما شبه التام علي في كل أمورهم أجد معاناة كبيرة في مواصلة فرصتي الأخيرة في إكمال دراستي، وما زاد الأمر سوءا هو أن أختي المقيمة في إحدى دول الخليج أرسلت ابنها المراهق للعيش معنا، والدراسة هنا، ولكنه ذو طباع صعبة، ومدلل وفوضوي، ومتكل على والدته، ولا يساعد بشيء، أو يحترم نظام ونظافة البيت، أو حتى يحترمني كخالة، ولا يريد أن يتحمل أي مسؤولية.

المشكلة أن أباه شديد ومخيف، ولديه مشاكل نفسية، وبلا عمل، وأمه من تقوم برعاية البيت والعمل، وهي أم لا تريد النقاش معنا حول ابنها، فتقول له: قم باحترام ومساعدة جديك فقط، وعش كما تريد، بما يفهم "تجاهل خالتك".

في حال لم أكمل دراستي، لا أدري أي مستقبل ينتظرني، في حال فشلت في دراستي بسبب هذه الأسباب، فأنا أشعر بالتوتر والضغط الشديد، وأختي غير متفهمة، ولا يساعدني أحد، ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ isra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل التحايا لك -أختي الكريمة-، حفظك الرحمن من كل مكروه، وفرج كربك، ونور بصيرتك.

عزيزتي أرى أن مشكلتك ليست في ضخامة المسؤوليات التي تحدثت عنها، ولا بوجود ابن أختك بينكم ومسؤولياته الذي يزيد عليك المسؤوليات، ولكن أرى أن مشكلتك الأساسية هي تلك الأفكار السلبية التي تسيطر على تفكيرك وتعكر مزاجك حول حياتك ومستقبلك، والتي تقوم بدورها لتهيئة نفسك للفشل، ما أريده منك أن ترفعي من حالتك النفسية لما لها من تأثير كبير على مستقبلك.

وكما أن هذه الظروف الصعبة والعقبات التي فرضت عليك يجب أن تحوليها إلى فرص مبنية على العزيمة والإرادة؛ لتمنحك القوة والنجاح، فإلانسان إذا ما أراد أن يغير الأحداث، وجذب النجاحات والطموحات والآمال إلى حياته فعليه أن يغير طريقة تفكيره.

إن الظروف التي أصبحت تصادفنا في هذه الحياة صعبة فحتى تصنعي التغيير، هذه الجملة الطويلة في نسق واحد والمفروض أن يكون بينهما فاصلة، فلا بد من أن تغيري من نفسك؛ لأن جذور التغيير تبدأ من خلالنا، فإذا تقاعسنا عن مبادرة التغيير، سنظل نشتكي ونخاف لآخر لحظة في عمرنا .

وبناء على ما تقدم عزيزتي أنصحك من قلب نصوح بما يلي:-

* تذكري أن نعمة الوالدين من نعم الله على الإنسان أن يكون له والدان على قيد الحياة، ومجرد أن تفكري أن والديك هما سبب في نعمة وجودك، وهذا سيجعلك تشعرين بالراحة والاطمئنان رغم المسؤولية التي تقع على عاتقك، وهل تعلمين يا عزيزتي أن معنى (بر الوالدين) لا يتم عبر برهما فقط إنما معنى بر الوالدين يكمن في ما هو أهم من ذلك، ألا وهو الصبر عليهما وتحمل خدمتهما.

* اعلمي أن اهتمامك وإحسانك إلى ابن أختك المراهق صدقة في ميزان حسناتك، وتحملك ما يصدر عنه يدل على أخلاقك العالية، فاجتهدي في التقرب منه ومناصحته بالحكمة، فالتغيرات الجسدية والنفسية تسبب لدى المراهقين الرغبة في التفرد والانعزال خاصة عن الأسرة، ولا تنسي يا عزيزتي أن المراهق يتسم في أغلب الأحيان بالتوتر والقلق وبعدم الشعور بالاستقرار، ولا تنسي أنكم جميعا في الاغتراب!

* اشكري الله واحمديه أن وهبك قلبا محبا وصدرا رحبا، وأنت متعلمة؛ فكوني أكثر حكمة ووعيا في علاقتك مع أختك؛ فصلة الرحم من أعظم العبادات، واعملي بقول الله العزيز الجبار: " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وتأكدي أنه سوف يتغير حالها بعد فترة وجيزة.

* أنصحك أن تغيري من نظرتك للأمر، فالأمر ليس بالصعوبة التي تعتقدين - فمع تنظيم الوقت بإذن الله ستتغلبين على هذه الصعوبات، إن أردت النجاح فعلا فعليك الانتباه لمجموعة المشاعر والأحاسيس التي تمتلكينها، فهي إن لم تكن موازية لما تأملين، وتطمحين، فلن تحقق لك ما تتمنينه؛ لأن الإحباط والنجاح لا يجتمعان.

وأخيرا -يا أختي الكريمة- أذكرك بأننا نحن البشر قوتنا محدودة مهما قويت، لذلك عليك الالتجاء دائما إلى مصدر القوة الروحية في داخلك لتمدك بالطاقة كالصلاة التي تمنحك الشعور بالقوة والطمأنينة والتفاؤل، وحافظي على تأدية الصلوات الخمس، وأكثري من تلاوة القرآن الكريم، واطلبي بقلب خاشع من المولى أن يهدي ابن أختك إلى الصراط المستقيم، وأن يصلح علاقته بك، الاغتراب والابتعاد عن الأوطان والأهل ليس بالأمرالسهل غاليتي.

مع تمنياتي لك بحياة هادئة، ونفس راضية، وثقة عالية، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك عزيزتي.

مواد ذات صلة

الاستشارات