السؤال
السلام عليكم
تخرجت وامتهنت المحاماة، ووالدي كان يعمل بالخارج ورجع الى مصر، وهو شخص غني جدا، الآن رزقه الله من الأموال والأملاك، ولكنه دائما ناقم، ودائما في شجار مع أمي حتى أنه كاد أن يقتلها ويقتلني، وهو سيء السلوك.
أما عني فلم أوفق في المحاماة؛ نظرا لشخصيتي، وقلة خبرتي في الحياة، فقررت أن أدرس التصميم الجرافيكي، وتفوقت فيه -الحمد لله- وقررت أن أستقل بنفسي، وأؤجر شقة للعيش فيها وحدي، وأبدأ من الصفر، لكن أمي تلح علي أن أبقي، لا أدري لماذا! لكن ربما الأخ الأكبر ووجودي معهم يحد من الشجار واعتداء أبي على أمي بالضرب، لكني ذقت ذرعا، وعمري يذهب سدى.
الآن عمري 27 عاما، أشهد الله أنني عاملت والدي بكل البر، حتى أنني التحقت بكلية الحقوق، وامتهنت المحاماة فقط لأشرفه وأرفع رأسه أمام الناس، فما الحل؟
هل أستقل عن أهلي وأبدأ حياتي أم أبقي في المنزل لأجل أمي وإخوتي ويضيع عمري؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Salem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الفاضل – في موقعك، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة التي دفعتك للتواصل معنا، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم الطمأنينة والسعادة والآمال.
ليس في وجودك مع أسرتك بهذه النية الطيبة، وبغرض الحد من الشجار، وفرض وجودك مع الوالد والإخوان، ليس في هذا تضييع لعمرك، بل هذا هو أهم ما ينبغي أن يسعى الإنسان لإنجازه في عمره، وندعوك أيضا إلى مواصلة البر للوالد، واحتمال ما يصدر منه، فإن الصبر على الوالد من أوسع أنواع البر، وإذا لم يصبر الإنسان على والده فعلى من يكون الصبر؟
ونتمنى وأنت بهذا النضج والعقل والقدرة أن يكون لك دور أيضا في تخفيف الشجار، في التواصل مع الأب، في القرب منه، في قراءة الطريقة التي يفكر بها، في الحد من أسباب الشجار، وأنت تستطيع أن تكون وسيطا جيدا جدا بين الوالد والوالدة، فإذا جلست مع الوالدة فطيب خاطرها، واذكر لها محاسنها، واشكرها على ما قامت به تجاهكم، وبين لها أن صبرها على الوالد مما تؤجر عليه عند الله تبارك وتعالى، وحاول أن تفهم أصول الإشكالات التي تحدث بينهم، ثم اجلس مع الوالد وأسمعه الخير، وأخبره بأنكم سعداء به، وحاول أن تعرف النقاط التي يتضايق منها الوالد، بعد ذلك تستطيع أن تضع النقاط على الحروف.
ونحن أيضا على استعداد إذا جاءتنا مثل هذه التفصيلات، أن نتعاون جميعا في وضع الحلول المناسبة والتي تتطلب معرفة بشخصية الوالد والوالدة، والأمور التي تعجبهم، والإيجابيات التي فيهم، ثم بعد ذلك النقائص والسلبيات التي تراها، حتى نستطيع نرى الصورة كاملة، فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
نحن نؤيد وجودك في البيت، ووجودك مع أسرتك، وسنخطط معك في قضية المستقبل، والإنسان عليه أن يسعى ويبذل المجهود، لكن لا يوجد إنسان قدم بر والديه وحرص على مصلحة أمه إلا كان التوفيق حليفا له في حياته، فأبشر بالخير، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
واعلم أن المستقبل بيد الله تبارك وتعالى، وأن على الإنسان أن يسعى، لكن أيضا ما ينبغي للكبير أن يتخلى عن أسرته في وقت هي أحوج ما تكون إليه، خاصة مع إصرار الوالدة على أن تكون معهم، يعني: إقرارهم بوجودك معهم في البيت يخفف من حدة الشجار، ويوفر نوعا من الحماية والأمن للوالدة.
نسأل الله أن تكون مصدر إسعاد لوالديك، وأن يكتب لك التوفيق في حياتك، هو ولي ذلك والقادر عليه.