السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سأتكلم عن حالتي منذ البداية، قبل شهرين بعد بداية أزمة كورونا صحوت من النوم وتناولت غدائي، وجلست قليلا مع الشباب، وجاءتني حالة غريبة: ضيق في التنفس وخوف، أشعر أني محتاج إلى أوكسجين ولم أستطع، وحاولت الوقوف وشعرت بدوخة.
ذهبت لمستوصف قريب، وقاسوا الضغط والسكر، وكانت النتيجة سليمة، وأعطوني محلولا وريديا ومسكنا، وخرجت من المستشفى بعدها ونمت في المنزل، وصحوت في اليوم التالي، وكان وضعي غريبا، نفسيتي تغيرت 180 درجة، أصبحت عصبيا لا أتقبل كلام أحد، حتى الأصوات تربكني مع ضيق في التنفس قليلا.
ذهبت للمستشفى، وأجروا لي التحاليل فلم يجدوا شيئا، عملت تخطيطا وأشعة إيكو، وفحصا للدم كاملا والفيتامينات، فلم يجدوا شيئا، وذهبت لمستشفى خاص، وأيضا لم يجدوا شيئا، وإلى الآن مستمرة معي الأعراض!
نفسيتي ليست كما كانت في السابق، وساوس، وخوف من الموت، وعزلة، أحب أن أكون دائما مع أخي، لا أعلم ماذا أفعل؟
الأعراض: عصبية، ضيقة، أرق، خوف، وساوس الموت.
أرجو إفادتي، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منصور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وإن شاء الله تعالى حالتك بسيطة، أنا تفهمتها تماما.
الذي حدث لك هو نوبة هرع أو فزع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد. أحيانا كثيرة قد لا تعرف أسبابه، لكن الأزمات والضغوطات النفسية والاجتماعية ربما تكون هي المحرك لهذه الأعراض، وكما تفضلت موضوع الكرونا أثر كثيرا على الكثير من الناس، لا نقول أنها السبب فيما حدث لك، لكنها قطعا أحد العوامل المهيئة لاستثارة نوبة القلق الداخلي لديك، والتي ظهرت في شكل نوبات هرع وفزع.
أخي الكريم: يعرف عن نوبات الفزع حتى بعد أن تنتهي وتتوقف الأعراض وتجهض الحالة تماما؛ يبدأ الإنسان في الوسوسة والمخاوف والتوترات، ويحدث ما نسميه بالقلق التوقعي، وهذا هو الذي حدث لك.
أنا أريدك أن تعتبر أن الحالة بسيطة وبسيطة جدا، والأعراض الجسدية التي تحدث لك هي أعراض نفسية في الأصل.
كن أكثر عزما وثقة بالله تعالى أكبر، واحرص على صلواتك في وقتها والدعاء والذكر، ومارس رياضة، رياضة المشي على وجه الخصوص ستفيدك كثيرا. أيضا أريدك أن تطبق تمارين الاسترخاء – تمارين التنفس المتدرج (الشهيق والزفير) ببطء وقوة، مع حصر الهواء في الصدر - مفيدة جدا، كما أن تمارين قبض العضلات وشدها ثم إرخائها أيضا أراها ممتازة، وأراها سوف تفيدك. توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، فأرجو أن تحرص عليها.
أرجو أيضا أن تنام نوما ليليا مبكرا، وتتجنب النوم النهاري، وأن ترفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، هذا مهم جدا. والتواصل الاجتماعي، يجب أن يكون جيدا وفعالا في هذا السياق، ولا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية أبدا. لا بد أن تبحث عن عمل، العمل ضروري، والعمل يعتبر فيه نوع من التأهيل النفسي والاجتماعي والمهني للإنسان، فمهما كانت الظروف ومهما كان سوق العمل فيه صعوبات كثيرة الآن، لكن ابحث، وأسأل الله تعالى أن يرزقك عملا مناسبا.
أنا أراك محتاجا لعلاج دوائي بسيط، عقار (سبرالكس) والذي يسمى علميا (استالوبرام) من أفضل الأدوية التي تعالج مثل هذه الحالات، يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناول هذه الجرعة الصغيرة لمدة ستة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول السبرالكس.
السبرالكس دواء بسيط ورائع وغير إدماني، وإن شاء الله تعالى سوف يفيدك كثيرا، بشرط أن تطبق التطبيقات السلوكية الإرشادية التي ذكرناها لك سلفا، لأن العلاج الدوائي يدعم من خلال التطبيقات السلوكية، وإن شاء الله تعالى تعيش حياة طيبة وسعيدة، وتختفي كل هذه الأعراض.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.