السؤال
السلام عليكم.
الموضوع: أني التقيت في العمل بشاب وأعجبت به وبأخلاقه، وبادرني بالإعجاب، وعندما فاتحت أهلي بالموضوع وهو كذلك أخبر أهله تبين أن أمي تعارض عليه معارضة شديدة لكونه بدويا، وهذا ليس شيئا يحاسب عليه الخاطب.
بالمقابل أبي لا يبدي رفضا، والشاب لم يتقدم لي بعد وعنده رقم هاتف والدي، هل في هذه الحالة يفضل أن يتصل بوالدي ويفاتحه بالأمر ليتكفل والدي بموضوع رفض أمي ويشجع الشاب على التقدم أم يجب أن يلجأ إلى شيخ ليسأل له والدي؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا، ما الأصلح والأحوط؟ علما أن الشاب يريدني بالحلال وأنا كذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا وسهلا بك بنيتي الغالية.
أتفهم حيرتك في أمرك، فمن المؤكد أن رغبة كل فتاة هي أن تلتقي بالشاب الذي يعجبها بأخلاقه وترتاح له وتراه مناسبا لها ليكون شريك حياتها وزوجها الصالح، وبالمقابل فرحة كل فتاة أن ترى رضا والديها على خياراتها، أدعو الله الكريم أن يرزقك راحة البال والقلب، وأن ييسر لك أمر هذا الشاب إن كان خيرا لك، وأن يبعده عنك إن كان شرا لك، ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
- لا أرى من الصواب أن يتكلم الشاب مع الشيخ ليتحدث هو مع والدك، أو أن يتكلم مع والدك مباشرة, على فرض منك أن والدك سيتكفل برفض والدتك، فما أدراك، قد يحدث العكس بأن تؤثر والدتك على رأي والدك، وهكذا تكونين قد خسرت قضيتك دون أن تعطيها وتعطي لنفسك الفرصة الكاملة لمعرفة إن كانت تستحق أم لا، ومن جهة أخرى أرى أنه من الأفضل أن تحلي الموضوع من جذوره، فلا أحد سيفهم على والديك أكثر منك، ولا أحد سيفهم عليك أكثر منهم، فقط افتحوا قنوات التواصل والنقاش الإيجابي الممتزج مع الحب.
- لا يوجد أجمل من تقارب وتلاحم أفراد الأسرة الواحدة خلال فترة القرارات المصيرية لكل فرد منها، فموضوع الارتباط والزواج هو بلا شك مصيري لكل فتاة 'بشكل خاص' ولا يوجد أحد أيا كان سيهتم بالتفكير لمصلحتها مثل والديها، لذا أرجح أن تفاتحي الموضوع مع أمك، كنقاش ودي بين فتاة وأمها، اختاري الوقت الذي تكون فيه مرتاحة، ويكون مزاجها فيه عال، وحاولي أثناء نقاشك معها أن تحيطي بجميع هذه النقاط:
- ناقشيها بالمنطق والهدوء بعيدا عن تحيزك الذاتي لخيارك، واسمعي منها وجهات نظرها التي تجعلها ترفض الشاب بشكل تفصيلي، ولكن بداية اكسبي قلبها لطرفك عن طريق كلامك اللين معها، بأن تخبريها بأنها ليست فقط أمك بل هي صديقتك التي تثقين برأيها وترتاحين للمناقشة معها، وأعطيها كامل التقدير وأخبريها أن رضاها عنك وعن خيارك هو من أولوياتك، وأخبريها أيضا أنك تثقين بها وبآرائها وتعرفين تمام المعرفة أن همها هو سعادتك، كل هذه الكلام سيجعل قلبها أكثر رقة نحوك ويجعلها تتحدث معك بلين أكبر.
- أخبريها أنك بحاجة لمناقشة الأفكار معها فكرة فكرة، بعيدا عن تعصبك لأفكارك، أو وجهات نظرك، فأنت متأكدة أنها تريد مصلحتك، ومتأكدة أنها تتمنى رؤيتك سعيدة مع زوجك المستقبلي، ورغبتها هذه متوافقة بالتأكيد مع رغبتك أنت، فأنت بلا شك لا تفضلين أن ترتبطي بشخص ثم تنفصلين عنه بعد فترة وجيزة لعدم التوافق بينكما، وتقولين لنفسك حينها "يا ليتني درست الموضوع أكثر في فترة التعارف".
- لذا اطلبي من والدك ووالدتك بشكل خاص أن يعطيا فرصة للشاب ليتعرفوا عليه قبل إعطائه أية كلمة، وذلك بهدف التعرف على أفكاره ووعيه ونضجه وهل هو من الشباب الذين يتحملون مسؤولية الزواج ويعتمدون على أنفسهم في ذلك أم لا، وكلمة الفرصة تحتمل القبول والرفض، أي بعد هذا التعارف قد تغير والدتك رأيها وقناعتها به نحو الإيجاب، وقد تغيرين أنت نفسك رأيك وقناعتك به نحو الرفض إن كان الشاب على عكس ذلك.
- اسمعي من والدتك ما هي العواقب برأيها من كونه "بدوي" وحاولي أن تناقشيها بالمنطق بعيدا عن أية توتر، وتذكري أن هدفكما واحد وهو سعادتك.
- أوضحي لوالدتك النقاط والصفات الإيجابية التي لمستها في الشاب من خلال بيئة العمل المشتركة التي تجمعكما, فهذا سيجعلها ترتاح أكثر وتراك أنك لست معجبة به مجرد إعجاب عابر بل نتيجة فعلا اكتشافك لحسن أخلاقه جراء مواقف عملية.
- أخبري والدتك أنك مقتنعة تماما أن الزواج هو رحلة حياة وعمر، لذا إن رأيت نفسك غير مقتنعة في الشاب بشكل كامل فمن المؤكد أنك ستغيرين من رأيك ولن تعودي ترغبين بالارتباط بشخص لا تشعرين أنه يكملك ويسعدك.
- أخيرا: حاولي معرفة مفاتيح شخصية والدتك، التي من خلالها تستطيعين التأثير بها أكثر أثناء نقاشكما.
- بعد تطبيقك لجميع هذه النقاط إن رأيت أن والدتك لم تتأثر وتقتنع على الإطلاق، فحينها تستطيعين أن تجعلي الشاب يتواصل مع والدك.
-أريد أن أطرح عليك بعض النقاط التي أتمنى منك التفكير فيها مع نفسك:
- إن حدوث الإعجاب بين الفتاة والشاب عادة ما يحدث بسهولة، أما الذي من المهم جدا القيام به وقليل من الفتيات من يقمن به في فترة التعارف هو دراسة التوافق بين الطرفين، أي ما أريدك أن تعرفيه أنه كلما درست الآن التوافق بينك وبين الشاب على جميع المستويات (البعد الفكري/ الشخصي والنفسي/ الديني/ الاجتماعي/ الجسدي/ العاطفي) كلما انعكس ذلك على نجاح حياتك الزوجية اللاحقة.
لذا عليك أن تفرحي الآن لأية وجهة نظر مخالفة لرأيك، فصاحب العلاقة عادة لا يستطيع التفكير حياديا بشكل كامل، حيث تغلب عليه العاطفة وانجذابه لفكرة الزواج نفسها، لذا أتمنى منك أن تكوني عقلانية هذه الفترة وأن تجلسي مع نفسك وتكتبي كل نقطة معارضة قد أخبروك بها والديك، وفكري مع نفسك ماذا لو كانت صحيحة، ما هي حلولك المقترحة، كيف ستواجهين هذه الصعوبة، ما هي مرونة الشخص الآخر في مساعدتك لمواجهة الصعوبات سويا؟
- لذا أقترح عليك أن تقرئي وتبحثي في الإنترنت عن هذا الموضوع "أسس اختيار شريك الحياة" فهذا سيفيدك جدا في زيادة قناعتك إن كان قرارك نحو الشاب صائبا أم لا.
- فيما يخص دراستك الجامعية التي أنت في سنواتها الأولى غالبا، أرى في هذا الموضوع أن الزواج بالرغم من أهميته المقدسة في الحياة، إلا أن الدراسة "وخاصة في زماننا الحالي" لا تقل أهمية على الإطلاق، لذا أتمنى منك أن لا تتخلي عنها سواء تزوجت الآن أم لا.
-أخيرا اعلمي عزيزتي أن فائدة الأهل في أغلب حالات زواج بناتهم هي فعليا "لا شيء"، فقط رؤية ابنتهم سعيدة، لذا لا ينفعك تعصبك لرأيك وعدم سماعك لوالدتك بعقلك وتفكيرك مع نفسك مطولا بوجهات نظرها، فأنت الوحيدة التي ستدفع فاتورة حياتها سواء من السعادة بإذن الله أو من التعاسة لا قدر الله مع زوجك المستقبلي، إن كان شخصا جيدا ومناسبا لك أم لا، لذا ما أريده منك هو أن تدرسي جميع الأفكار المعارضة أو المؤيدة التي ستطرح عليك لتصلي إلى قناعة عقلية وقلبية نحو الشاب، ومن ثم لا تنسي صلاة الاستخارة فالله تعالى هو الأعلم بالخير بحقنا على المدى القريب والبعيد.
ختاما: أتمنى أن تكوني قد وجدت الفائدة في إجابتي لك، وأتمنى أيضا أن لا تترددي في مراسلتنا مجددا إن كانت لديك أية استفسارات أخرى وللاطمئنان عنك.
بأمان الله.