أعجبت بشخص على مواقع التواصل وأتمناه زوجا لي.. كيف أكبح مشاعري؟

0 26

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة معجبة بشدة بشخص مشهور على مواقع التواصل الاجتماعي، معجبة بشخصيته وبفكره ومنشوراته، ولكن الوضع زاد معي، فتقريبا أنا أتصفح منشوراته وصفحته يوميا، حتى أنني أقرأ منشوراته لأكثر من مرة دون أن أشعر بالملل، بالعكس أشعر بسعادة كبيرة، وراحة نفسية، خاصة عندما أقرأ أنه لم يرتبط أو يتزوج حتى الآن، وذلك جعل مشاعري وعقلي بدون وعي مني يفكر فيه بشكل كبير، وجعلني أتمنى أن أكون معه يوما ما، فأنا أفكر به كثيرا، ربما كل يوم، ولكن تلك المشاعر ترهقني، وتعذبني كثيرا، فأحاول دائما أن أقهرها، ولكن دون فائدة.

لا أريد أن أظل موهومة بمشاعر، وبشخص احتمالية أن تتلاقى أقدارنا ضعيفة جدا، فهو يعتبر مجرد وهم نسجته في خيالي، وأخاف على قلبي عندما يأتي الشخص المناسب لي، فلا أستطيع أن أحبه بسبب الوهم الذي صدقته مع الأسف، أو أن يرتبط في يوم ما، وأنا لا زلت متعلقة به، فأنهار وأحزن بشدة، فأنا مع الأسف أحبه كثيرا، أحاول كثيرا أن أتناسه، وأبتعد عنه، ولكنني لا أستطيع أريد النصيحة في كيفية كبح تلك المشاعر، وأن تدعوا لي بأن يطهر الله قلبي، فأنا متعبة جدا بسبب تلك المشاعر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك يا بنيتي.

مشكلتك تكمن في تعلقك في شخص مشهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإعجاب من طرف واحد.

سررت لما وجدت فيك من طموح وأمل في مستقبل واعد ومشرق، وأنت ما زلت صغيرة في ريعان الشباب، ومليئة بالحيوية والطموح، وحب الحياة والكفاح، هل تعلمي -يا بنيتي- أن المصطفى –عليه صلاة وسلام رب البرية- نبه إلى غفلة الألوف من الناس عما وهبوا من نعمة العافية والوقت فقال:" نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"، فالفراغ وسيلة من وسائل إبليس يوسوس فيها للإنسان، فيثير فيه كوامن الغرائز، ويلهبها فتحرقه، وتفلت من لجامها لتحرق ما حوله.

أولا: إن الإسلام ليس ضد الحب؛ لأنه أصلا دين الحب، بشرط أن يؤدي هذا الحب إلى غاية وهدف، وهو الزواج، لكن الحب من أجل الحب فقط مرفوض؛ لأن عواقبه وخيمة.

فالإسلام دعا إلى الحب، والحياة الزوجية إذا لم تقم على الحب فلا قيمة لها، فالله -عز وجل- عندما تحدث عن الزواج جعل أساسه المودة والرحمة وهما درجة أعلى بكثير من الحب؛ حيث يقول تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" فلم يقل الله -عز وجل- "حبا ورحمة" وإنما "مودة ورحمة".

وتأكدي أن ما تشعرين به الآن ما هو إلا سيل من العواطف الجياشة التي تصيب الكثير من الفتيات في مثل سنك، وتأكدي أنه مهما بلغ حجم الحب الذي يسكن القلوب؛ فإن القلوب يقلبها رب العالمين.

وقد سألت في نهاية استشاراتك على: " كيفية كبح تلك المشاعر" ؟ وجوابي لك ما يلي:

يعرف علماء النفس السريري الهوس: بأنه التعلق الزائد بغرض أو بشخص أو بنشاط، الهوس في نظر علم النفس يعرف بكونه استمرار فكرة أو منطق أو صورة أو رغبة ملحة يتم اعتبارها مجتاحة وغير ملائمة، ينتج عنها خوف شديد أو صعوبة أو عدم راحة.

والعلاج بهذا التعلق الذي من أسبابه المهيئة الفراغ العاطفي على مستويات ثلاث: المستوى الروحي، والمعرفي، والسلوكي.

العـلاج الروحي:
* وجهي قلبك إلى الله تعالى، فيكون شغلك ذلك عن كل ما دونه، وأكثري من ذكر الله تعالى: قرر علم النفس المعرفي أن ما يكثر الإنسان من ذكره يترسخ في أعماقه باعتباره معتقدات صلبة، وأنت يا ابنتي إن أكثرت من ذكر الله تعالى أصبحت مراقبة الله عز وجل نواة أصيلة لشخصيتك وساهم ذلك في زيادة الحيطة لقلبك حتى لا يدخل عليه هوى فيفسده.

أكثري من الصلاة: فبها يزداد قربك من الله سبحانه وتعالى، وتستنزل رحمته.

* أما بالنسبة الى العلاج المعرفي:
فانظري إلى هذا التعلق باعتباره عاطفة بشرية فقط لا غير؛ لأنك إن ضخمت هذه المشكلة، فإنك لن تقومي بحلها أبدا ولكن، إذا نظرت إلى هذا التعلق باعتباره طبيعة بشرية، أصلها سوي، إلا أنه يطرأ عليها ما يتجاوز بها عن موضوعها الأصلي إلى مواضيع بديلة، أمكنك أن تجدي لها الحلول.

* ابحثي عن الأسباب، ابحثي عن سبب تعلقك بهذا الشخص؟ هل تعانين من الفراغ العاطفي أم تبحثين عن الحب؟! اعرفي الأسباب حتى تستطيعي معالجتها.

فكري في نقائص الطرف الآخر؛ لأن التعلق عادة يلبس الطرف الآخر ما ليس فيه من المحاسن، وإلغاء ما هو فيه من المساوئ.

ابحثي عن بدائل، اشغلي نفسك قدر المستطاع بأمور وأنشطة تخفف من كثرة جلوسك على مواقع التواصل، فالمتعلق يجعل محبوبه مركز كل شيء، ويصب عليه طاقة كانت ينبغي أن توزع على موضوعات كثيرة، والطاقة إذا لم يكن لها إلا مسرب واحد تشبثت به، فإن تعددت مصارفها قل ضغطها على مسربها القديم، فابدئي في العمل الفعلي لاستثمار هذه البدائل.

أما العلاج السلوكي:
* إن كنت تعانين من مشاكل أسرية، فقومي بحلها؛ لأن الأسرة المضطربة مرتع خصب للمشاكل والاضطرابات الانفعالية، ويكون التعلق المرضي مهربا.

* الزواج: هو العلاج الأساسي لاضطرابات التعلق، فاتركي لنفسك فرصة بالتعرف على الخاطب إن أتاك يريد الزواج.

* فرغي طاقاتك في الهوايات المحببة، وإن لم يكن لديك فتعلمي هواية جديدة.

مارسي الرياضة؛ فهي عامل مهم لملء الفراغ، وتفريغ الطاقة التي بداخلنا، ومن فوائدها: صرف الطاقة الغريزية فيما ينفع البدن، وتفريج الكرب والحصر النفسي، وتساعدك على النوم بشكل أفضل.

* تجنبي التفكير فيه: أعرف أن ذلك صعبا، ولكن هذه آلية رئيسية، فلا يمكن علاج التعلق مع إدامة النظر إليه والتفكير فيه ومتابعته، وإن أمكنك أن تقومي بإلغاء صفحته نهائيا يكون ذلك أفضل بكثير.

* ابتعدي قدر الإمكان عن مشاهدة الأفلام الرومانسية، وتجنبي الدخول في غرف الشات والإنترنت التي تشعل لديك تلك المشاعر، فهذه المواقع ما هي إلا هم وغم وسراب.

* أنصحك بالتحكم في عواطفك ومشاعرك تجاه هذا الشخص؛ وذلك عن طريق التركيز في دراستك ومستقبلك واستثمار وقت فراغك في أشياء تحبينها... فلا تجعلي ميلك واندفاع عواطفك لذلك الشخص سببا في هدم مستقبلك.

* أنصحك -ابنتي الحبيبة- بإكمال دراستك بكل حب، وأن لا تتنازلي عن حلمك، والاجتهاد في بناء مستقبل مهني ناجح، وتحقيق أهدافك.

ويقال: إن صاحب الطموح يرى طموحه أمامه كالقمر في السماء ليلة البدر، أو المنارة التي تهتدي إلى ضوئها السفن.

أسأل الله أن يجعلك على هدى ونور، ويملأ حياتك بهجة وسرورا غاليتي سارة.

مواد ذات صلة

الاستشارات