السؤال
السلام عليكم
أنا شاب أدرس سنة أولى جامعة، أعيش في تونس، أفكر في الالتزام وإطلاق اللحية، لكنني أخاف أن أشتغل في وظيفة تفرض حلق اللحية.
إذا نجحت في دراستي علي أن أختار تخصصا من بين هذه التخصصات: المحاسبة، المالية، التسويق، أو إدارة الأعمال، وأنا أفكر في التسويق.
ما هو التخصص من تلك التخصصات الذي لا يفرض علي فيه حلق اللحية؟ وإذا رسبت في هذه الدراسة ما هو المجال الذي تنصحني أن أدرسه ولا أجبر فيه على حلق اللحية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
أشكر لك هذه العاطفة الجياشة التي تجدها في نفسك من الاستنان بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأسأل الله تعالى أن يوفقك وييسر أمرك، ولعلك تدرك أن مثل هذه الأمور لو ثبت عليها المسلم فقد لا يجبرونه على مخالفتها وخاصة في بعض المؤسسات، أما في بعضها فمن شبه المستحيل أن يترك المرء وأخص منها المؤسسات العسكرية.
بعض الناس يرضخ للقوانين مباشرة، بل يفعل ما يوافقها دون أن يطلب منه، ولا يحاول الثبات والتدرج فينتقل مثلا من ترك لحيته كما هي إلى التخفيف منها، فإن استمر المنع فيكون له عذر عند الله تعالى، فالضرورات تقدر بقدرها، والحاجة تنزل منزلة الضرورة.
إن القوانين الوضعية التي تسير عليها أنظمة الدول أغلبها وضعية، مستقاة من القوانين الغربية التي لا تراعي أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا أمر مؤسف، بل الأشد من ذلك أن تجد في بلاد الغرب أنهم يعطون الشخص حريته الشخصية في هذه الأمور، وفي بلاد المسلمين تحارب أشد المحاربة.
ما يخص اختيارك للتخصص في الدراسة أنصحك ألا يكون تحت التجربة، بل عليك أن تختار التخصص الذي تحبه وتميل إليه نفسك، وتحصيلك في المواد المتطلبة في مرحلة ما قبل الجامعة تؤهلك لذلك، فهذه الأسس ستعينك على الاستمرار والنجاح بعد توفيق الله تعالى.
أفضل ما يعين المرء على تطبيق الشعائر الإسلامية أن يكون له عمل شخصي كالتجارة مثل، فهذا العمل وما شابهه لن يستطيع أحد أن يجبرك على تغيير قناعاتك، وكذلك التخصصات الدقيقة التي تلجئ سوق العمل لقبول شروطك التي تضعها قبل دخولك أي مؤسسة.
أوصيك بالاجتهاد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
أكثر من التضرع بين يدي الله تعالى وتحين أوقات الإجابة، وسل ربك أن ييسر أمورك وأن يعينك ويوفقك، وأن يرزقك الثبات على الدين وأكثر من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
احذر من الذنوب صغارها وكبارها فإنها تقف سدا منيعا أمام التوفيق وتحصيل الرزق كما رد في الحديث: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم وسماعه وافعل ما تقدر عليه من نوافل الطاعات كالصلوات والصوم وحافظ على أذكار اليوم والليلة فذلك مما يقوي الإيمان ويجلب للقلب الطمأنينة.
كن متوكلا على الله في جميع أمورك، وأحسن الظن بالله تعالى، واعمل بالأسباب المشروعة التي تعين على الوصول لمبتغاك، وأخلص في ذلك فإن الأعمال الدنيوية إن فعلها المرء واحتسب الأجر يؤجر عليها.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.