السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم..
أنا أم لسبعة أبناء، خمسة أولاد وبنتين، يعلم الله كم أبذل من الجهد لتوجيههم لأمور دينهم، مشكلتي مع ابنتي تؤرقني، عمرها 15 سنة، بدأت ألاحظ عليها وهي في سن الحادية عشرة أنها تكتب رسائل حب لأحد أولاد العائلة، واكتشفها كذلك أخوها، وحاولت توجيهها بالحسنى أولا، ثم استخدمت العنف معها؛ لأنها كانت جريئة، واكتشفت مع الأيام أنها تعودت على ذلك وتحادث شباب في التليفون وفي الشات.
ستقولون: كيف تهيأ لها ذلك وأنه لابد من المراقبة؟ أقول: لقد تعبت أنا وأبوها من المراقبة والحرص والتوجيه بالحسنى والنصح، وكذلك حاول إخوانها ولكن دون جدوى، اتبعت كل الأساليب معها، حرمانها ، نصحها، حبها، حضنها، حتى أنها صارحتني أنها تحب شابا يكبرها بأربع سنوات، وذكرت لي اسمه، واكتشف إخوتها معها هاتف جوال على الرغم من أنها وعدتني بأنها لن تتكلم في التليفون، ولكن يبدو أنها تكلمت من عند صديقاتها أو أقاربنا.
المشكلة التي تؤرقني وأجد الدنيا سوداء أنها مقتنعة أنها لا ترتكب خطأ، وأن حبها ليس حراما، وأن هذا الشخص وعدها بالزواج، وكلما تكلمت معها أن الحب الحلال سيكون في المستقبل عندما تتزوج توهمني أنها تصدقني وأفاجأ أنها لا زالت تتكلم معه، والأدهى من ذلك أنها أخبرت عمتها وصديقاتها وبنات خالاتها على الرغم من أنني نصحتها مرارا بكتمان أسرارها وعدم البوح بها إلا لي فأنا أمها وحبيبتها، ولكن دون جدوى.
دائما أبكي وأتوجه إلى الله بالدعاء أن يهديها ويصبرني أنا وأبوها على تصرفاتها، فلا تعرفون كم نعاني معها، هي تصلي ومحجبة، ولكن ذلك لم يردعها عن المعصية، ولكم أن تدركوا مدى المعاناة التي أعانيها وأنا محافظة وأقوم بتعليم وتوجيه فتيات أكبر من ابنتي، وأفشل مع ابنتي، أنقذوني وأرشدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذة الفاضلة/ أم أحمد .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بكم في موقعكم استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بكم، وكم يسعدنا اتصالكم بالموقع في ظروف ومناسبات أحسن من تلك التي هي محور هذه الاستشارات، ونسأله جل وعلا أن يجعلنا عند حسن ظنكم، وأن يقيكم كل مكروه وسوء، وأن يوفقكم لمساعدة ابنتكم على سلوك الطريق المستقيم، وأن يصرف هذا الطيش وتلك التصرفات المخجلة، وأن يرد إليها صوابها حتى تكون أسوة صالحة لغيرها .
إن القلب ليعتصر ألما لهذه التصرفات المشينة، رغم هذه الجهود الطيبة المبذولة من قبل الأسرة كلها في رد هذه الفتاة إلى رشدها، واسمحوا لنا أن ندخل إلى موضوع العلاج وفق ما لدينا من خبرة ومعرفة.
1- أخشى أن تكون هذه البنت ضحية فراغ أسري منذ صغرها، مما جعلها لقمة سائغة للشيطان يلعب بها كالكرة، وذلك نتيجة عمل السيدة الفاضلة الوالدة وعدم تواجدها بصفة دائمة في بيتها نتيجة عملها الجامعي؛ لأنه يصعب فعلا أن نتصور فتاة في هذا الوسط الراقي المتدين تسلك هذا الطريق دون عوامل داخلية أو صحبة غير سوية أثرت بصورة مباشرة أو غير مباشرة على اكتساب البنت لهذا السلوك المشين.
عفوا هذا مجرد تحليل واحتمال، وقد يكون خطأ ولكن يبقى شيء وارد .
2- إن مما ذكره علماء التربية وعلم النفس أن الشعور بالحرمان العاطفي قد يدفع الشاب أو الفتاة إلى البحث عن ذلك خارج محيط الأسرة، وقد لا تنتبه الأسرة لذلك لظنها أنها وفرت كل شيء، وقامت بكل ما عليها من رعاية وتوجيه، إلا أن الفتاة قد ترى من وجهة نظرها أن هذا العطاء غير كاف، مما دفعها للبحث عن مصدر آخر ولو كان غير مشروع.
هذا أيضا مجرد تحليل واحتمال، ولكنه يبقى كذلك له دوره وأثره الفعال.
3- إذا لم يوجد أحد هذين العاملين السابقين فأرى عرض الفتاة على أحد الأخصائيين النفسيين لمعرفة دوافع هذه الظاهرة، أو عرضها على بعض المتخصصين في البرمجة اللغوية العصبية، وهم بكثرة، أو أحد أساتذة وعلماء التربية وعلم النفس للوقوف على الدوافع ومن ثم العلاج، إذ أنني أشدد على ضرورة عدم إهمال الحالة، وضرورة الوقوف مع الفتاة وليس ضدها؛ لأنني أعتبرها ضحية بصورة أو بأخرى، فأرجو وأشدد على ضرورة إشعار البنت بأنكم جميعا معها وليس ضدها؛ حتى لا تتفلت أكثر مما هي عليه الآن، وأنصح السيدة الفاضلة الوالدة بمزيد من العطف والحنان والقرب والاحتضان، مع التوقف تماما عن التأنيب والتوبيخ؛ لأنه يعقد المشكلة ولا يساعد في حلها، قدموا كل عون ممكن لابنتكم، واعتبروها مريضة تحتاج إلى عناية ورعاية بدلا من اعتبارها مجرمة خارجة عن الشرع والعرف والقانون.
4- إياكم ومقاطعتها أو نبذها ومعاملتها على أنها مجرمة لا تستحق التقرير أو الحب والاحترام.
5- راقبوها بحذر دون أن تشعر؛ حتى لا تتفنن في المراوغة.
6- اجلسوا معها -خاصة الوالدة- واطلبي منها هي شخصيا المساعدة في حل المشكلة، واستفيدوا من وجهة نظرها حتى وإن كانت خطئا؛ لأنها المفتاح الحقيقي للحل.
7- لا تظهروا أمامها الانهزام والشعور بالهزيمة واليأس والعجز؛ لأنكم بذلك تكسبونها نوعا من الزهو والمباهاة والإصرار على هذه التصرفات بل وزيارتها، إذ أن بعض الأولاد أحيانا يفرح من أسرته عندما يراها مهتزة وعاجزة بل ويشمت فيها، فأظهروا لها الأمر كأنه شيء عادي وأنكم لا تعيرونه أي اهتمام حتى تشعر بضالة نفسها وخبث تصرفاتها.
8- لا مانع من عرضها على بعض المعالجين بالرقية الشرعية؛ لعل وعسى أن تستفيد من ذلك.
9- عليكم بالسلاح الفعال سلاح الدعاء، وخاصة الوالد والوالدة، ولا تبخلوا عليها بذلك، واعلموا أنه ((لا يرد القضاء إلا الدعاء))، وأنه ينفع مما نزل ومما لا ينزل وأن دعاء الوالد والوالدة لا يرد.
10- إذا لم تفد هذه الأمور كلها فأرى أن تزوجوها من هذا الشاب إن كان كفؤا لها حتى ولو أن تساعدوهم في الجهاز والنفقة.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق وصلاح الحال والاستقرار الأسري، وبالله التوفيق.