السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا لكم على ما تفعلون وفقكم الله.
قبل 3 أشهر أصبت بنوبة خوف ورعشة، وضيق تنفس وتعرق، وذهبت إلى الطبيب النفسي، وأعطاني استالوبرام، وكانت آثاره الجانبية قوية جدا سلوك انتحاري غثيان كوابيس، والحمد لله خفت هذه الأعراض، والآن رجعت على شكل نوبات بأفكار انتحارية ووسواس جنسي كأني سأمارس الشذوذ، أو أني مصاب بالفصام أو بثنائي القطب، وتنتابني النوبة من ساعتين إلى خمس ساعات، ثم أهدأ.
أصبحت أقرأ كثيرا عن الأمراض النفسية، أحارب نفسي وعقلي، وأحاول السيطرة على نفسي، وتأتيني بعض الأسئلة عن عائلتي من هم؟ وعندما أراهم بعد سنين الغربة هذه كيف ستكون ردة فعلي؟
الوسواس والأفكار والخيال يسيطرون على عقلي، وبعض المرات تأتيني أفكار أني مصاب بجنون العظمة، أو أني سأفقد عقلي، أو سأصبح مجنونا، أو سيحدث لي شيئا.
أصبحت أخاف حتى من أخذ الدواء، وأهرب من هذه الأشياء للاستمناء بعض المرات.
ولقد بحثت عن دكتور عربي مسلم ولم أجد أبدا، مع ذلك فأنا طالب في ألمانيا، أعيش وحيدا، ونومي جيد نوعا ما في الليل مع القليل من الصعوبة في النهوض صباحا.
شكرا لكم، ووفقكم الله وسدد خطاكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أخي: معظم وساوسك هي وساوس فكرية، والوساوس الفكرية تستجيب بصورة جيدة للعلاج الدوائي، مع تحقير الأفكار وتجاهلها، وصرف الانتباه عنها من خلال الإتيان بأفكار جديدة طيبة ومسالمة ومخالفة لهذه الأفكار. فيا أخي: اجعل هذه المبادئ السلوكية هي المبادئ التي تعتمد عليها في علاج الوسواس، يعني: لا تترك الفكرة الوسواسية تكتمل، في بدايتها وهي خاطرة حاول أن تحقرها تماما، بل تخاطبها قائلا: (أقف، أقف، أقف، أقف) حتى تحس بالإجهاد، كرر هذه الكلمة حتى بالإجهاد، ولابد أن يكون وجدانك وكيانك متجها نحو مخاطبة الكلمة ذاتها. هذا الأمر يتطلب شيئا من الاستقرار الذهني وشيئا من التأمل، ليس قبل الكلمة فقط، المهم أن تقولها وكأنك ترى الوسوسة أمامك متجسدة وأنت تخاطبها بأسلوب رفض كامل.
وأيضا يمكن أن تربط هذه الخواطر الوسواسية في بدايتها بأحداث سيئة، تتذكر أي حدث قبيح، حدث كارثة، حريق، شيء من هذا القبيل. وأيضا وجدنا أن حضور الجنائز، وأن يتدبر الإنسان وضع الميت حين ينزل في اللحد ويربط ذلك بالفكرة الوسواسية؛ وجدنا أيضا أن هذا الأمر ينفر كثيرا من الوساوس.
هذه الحيل السلوكية أنا أراها جيدة ومفيدة جدا، وفي ذات الوقت ابعد نفسك تماما عن الفراغ (الفراغ الزمني، الفراغ الذهني، الفراغ الاجتماعي)، لابد أن تحسن إدارة وقتك، وتستفيد منه بصورة فاعلة، تخصص وقتا للقراءة، ووقتا للرياضة - مهم جدا - ووقتا لتمارين الاسترخاء، ووقتا للعبادة، ووقتا للترفيه عن النفس...
فيا أخي الكريم: بهذه الكيفية تكون قد قللت تماما من الزمن المتاح للوسواس.
ودائما عليك بالتأمل الإيجابي والاستغراق الذهني حول المستقبل، واستشرافه وإشراقات المستقبل وجماله، وأهدافك تحاول أن تضع لها خططا، أهدافك الآنية، أهدافك متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى (إكمال الدراسة، الوظيفة، الزواج)، وهذا ليس خداعا للنفس، هذه أفكار حقيقية، تنقل الإنسان مما هو سلبي إلى ما هو إيجابي وثابت.
أخي: الفكر الانتحاري أنا أعتقد أنه فكر قبيح، والمسلم دائما يتذكر عقيدته، ويتذكر شر مآل الانتحار وحرمته المطلقة، وأعتقد أن الاستعانة بالاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم حين تأتي هذه الأفكار الموحشة، هذا من وجهة نظري مفيد جدا ويمثل جدارا إيمانيا صلبا يفتت الفكر الوسواسي.
أضف إلى ذلك أنك صغير في السن، والحياة جميلة، ولا يعني أبدا أن ينكسر الإنسان للصعوبات في الحياة، يجب أن نعيش على الأمل وعلى الرجاء، وأن نلتزم بالدين، لأن الدين حصن حصين من هذه الأفكار الانتحارية وغيرها من الأفكار السلبية والسيئة، ويجب أن نحسن الظن بالله تعالى، لأن من أحسن الظن بالله فإن الله عند حسن ظنه. ... وهكذا يجب أن تعطي نفسك فكرا إيجابيا.
من ناحية العلاج الدوائي: أنا أعتقد عقار (زيروكسات CR) سيكون مفيدا جدا بالنسبة لك، تضاف له جرعة صغيرة من عقار (رزبريادون). جرعة الزيروكسات: تبدأ بجرعة 12,5 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم 12,5 مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم 12,5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
أما بالنسبة للرزبريادون فتبدأ بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلا لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلا لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
كلا الدوائن - الزيروكسات والرزبريادون - مفيد وسليم وفاعل وغير إدماني.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.