السؤال
أبي أجبرني على الخطوبة من شخص هو بصراحة محترم، هذا ما وصلني من كلام الناس، وقد تعاملت معه أكثر من مرة وهو جيد لكني استخرت كثيرا فلم أجد أي قبول، ولم أجد إلا خوف وعدم قبول، وأحس بظلم وقهر وحزن شديد.
الآن الكل قد قال لي أني على خطأ وأنه شخص لا يتعوض في احترامه، وهو يشتريني ودخل البيت من بابه، ولكن ماذا أفعل في عدم القبول ذلك؟ احترت من نفسي، هل القبول شيء مهم في الزواج؟ مع العلم أني الآن مخطوبة ولكن أشعر بحزن وقهر شديد لعدم قبولي له! مع العلم أن مظهره حسن ولكن لا أشعر تجاهه بأي ميل، ولم أقبله، ولا أعرف لماذا؟ فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتي الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
اعلمي أن والدك هو أكثر الناس حرصا على سعادتك، وأنه لا يمكن أن يرميك ويتسبب لك في الحزن والهم والغم، ولن يختار لك إلا ما فيه الخير وطاعتك له ستجلب لك الخير -بإذن الله تعالى-.
عليك أن تتيقني من توفر الصفات التي أرشدنا إليها نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.
الفتنة تحدث إن تم رفض الشخص الذي تتوفر فيه الصفات التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى جزء مما يحبه الشخص من الصفات الأخرى كالكرم مثلا ففي الحديث السابق قال عليه الصلاة والسلام: (إلا تفعلوا)، أي إن لم تقبلوه تكن فتنة .... إلخ.
إذا توفرت فيه هذه الصفات فنصيحتي لك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعي بالدعاء المأثورة ومن ثم تتوكلين على الله تعالى، ولا تسمحي للوساوس بالاستيلاء عليك فإن الشيطان الرجيم هو من يدخل هذا الحزن والنفور في القلب؛ لأنه لا يحب لك العفاف.
إن صليت الاستخارة ودعيت بالدعاء المأثور فهذا يعني أنك وكلت أمرك لله تعالى ليختار لك ما يراه لك، فإن كان هذا الرجل ليس مناسبا لك فسوف يصرفه الله عنك، وإن كان مناسبا فسوف يقذف الله في قلبك حبه وسوف ييسر أمركم؛ لأن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
لا عبرة بما في النفس من تردد إن كان قد توفرت فيه الصفات وأنت قد ذكرت أن الناس يمدحونه، لكن عليك التيقن من أنه صاحب دين وخلق؛ لأن ثناء الناس قد يكون ظاهريا لما يرون من حسن تعامله معهم.
ربما أنك متأثرة بما تتكلم به بعض الفتيات في هذه الأزمنة المتأخرة من بناء علاقات قبل الخطوبة مع بعض الشباب فما تفعله هؤلاء الفتيات ليس جيدا بل هو مخالف لديننا وسلوكياتنا كمسلمين، وهذا الشاب أتى البيت من بابه دون أن تكون له أي علاقة بك من قبل، وهذا ما سيجعل زواجك به مباركا -بإذن الله تعالى- فإن المحبة يقذفها الله في القلب بعد كتابة الكتاب مباشرة، كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).
أنصحك أن لا تبقي على تواصل معه أثناء الخطوبة كما تفعل الكثير من الفتيات؛ لأن الخطوبة لا تبيح التواصل إلا مرات محدودة من أجل التعرف عليه أو يتعرف عليك، وعليكما ألا تطيلا فترة الخطوبة فإن طول الفترة تتسبب في مشاكل كثيرة وقد تتسبب في فسخ الخطوبة.
أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة وسلي الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير وأن يقذف حب هذا الشاب في قلبك وأن يجعل فيه الخير وأن يصرف عنك كل شر.
أكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
اطلبي من والديك الدعاء فدعاؤهما مستجاب كما أخبر عليه الصلاة والسلام.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الخير وأن يرزقك السعادة.