نفسيتي متعبة وأشعر بضيق في الخُلق.. ما نصيحتكم؟

0 21

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، متزوجة ولله الحمد، وأنا حامل في أواخر شهري الثامن، أرجو منكم الدعاء لطفلتي بالهداية والصلاح.

أعاني في هذه الفترة من حالة نفسية تتعبني كثيرا، وأريد الخروج منها بما أكرمكم الله من العلم والفتح الرباني.

أشعر بضيق في الخلق كثيرا، وقرف من العالم كله، فلا أحد يفهم ولا أحد يقدر، وخاصة أني حامل فأنا أشعر بالقرف جدا من وضعي، ونفسيتي تعبانة، ولا أتحمل كلمة، حتى زوجي لا أتحمله، ولا هو يتحملني، تقريبا كل يوم نعمل مشكلة من أجل أشياء تافهة، والله شيء متعب، وانا مليت وهو مل، انا مقدرة شغله وظروفه، لكن ليس دائما لا أستطيع مسايرته، عنده بعض من الشدة في الطبع وغلظة في النصح، إلا أنه متخرج من الشريعة الإسلامية.

فما هو نصحكم لي للخروج من هذه الضيقة، وما اقتراحكم للعيش في حياة هنيئة وسعيدة، فرج الله همكم وأدام عطائكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك معنا، ونسأل الله عز وجل أن يتم لك الحمل والولادة على خير، وأن يرزقك الذرية الصالحة والمعافاة التي تقر بها عينك، إنه سميع مجيب.

إن الأعراض التي تشتكين منها - يا ابنتي- ليست ناتجة عن الحمل، فالحمل قد يسبب بعض التعب والإرهاق، وقد تشعر السيدة بشيء من الضيق والقلق أو التغيرات النفسية، لكن ليس إلى الدرجة التي تؤثر على مسار حياتها وتعاملها مع من حولها.

إن الحمل هو حالة فيزيولوجية، والله عز وجل قد خلق جسم المرأة مهيأ له بشكل تام، والأمومة شعور عظيم وجميل يزيد من حكمة و قوة المرأة، ويصقل شخصيتها يجعلها قادرة على تخطي كثير من الظروف، وهو شعور تفتقده الكثيرات، فاحمدي الله عز وجل بأنك ستعيشينه عما قريب.

إن الأعراض التي تشتكين منها توحي بوجود حالة اكتئاب عندك، وقد تكون هذه الحالة هي نتيجة علاقتك المتوترة مع زوجك، وعدم شعورك بالاستقرار، فإذا كانت هذه الأعراض تزداد شدة، وتلازمك طوال اليوم، ومستمرة منذ أكثر من أسبوعين فأرى بأن الحالة عندك تستدعي استشارة طبيبة نفسية لتقييمها عن قرب وتحديد إن كنت بحاجة إلى علاج سلوكي أو دوائي أو الاثنين معا.

وما أود أن أوضحه لك- أيتها العزيزة- هو أنه ليس بإمكانك تغيير سلوك زوجك بسهولة بين ليلة وضحاها، فهذا أمر بيده وحده، لكن بالطبع بإمكانك تغيير ردة فعلك على هذا السلوك، وهذا ممكن عن طريق اكتساب بعض المهارات في التعامل والتدرب على عدم تصعيد أي موقف مهما كانت الظروف، فأغلب المشاكل الزوجية تنجم عن تصعيد مواقف بسيطة بردود فعل سلبية ومضخمة، مما يحول هذه المواقف البسيطة والعفوية إلى إزمات كبيرة ومعقدة يصعب حلها.

ولمساعدتك الآن أقترح عليك أن تكوني المبادرة في محاولة تحسين العلاقة مع زوجك، فيمكنك مثلا اختيار وقت مناسب يكون فيه بمزاج جيد وإخباره بأنك تشعرين بأن علاقتكما الزوجية لا تسير على ما يرام، وأنها تفتقد إلى التواصل الجيد بينكما، وأنك تحبين لو تصبحا قريبين أكثر من بعض؛ لأنه يهمك شخصيا؛ ولأنك تحبينه وتحترمينه وراغبة في جعل حياتك معه سعيدة ومستقرة، ولديك آمال كبيرة للمستقبل تريدين تحقيقها معه؛ مثل هذه العبارات الإيجابية ستوصل إليه رسالة مفادها أنك متمسكة به، وبإمكانه الاعتماد عليك كزوجة وكصديقة، ثم اقترحي عليه أن تطلبا معا المساعدة (لكن ليس من الأهل) بل مساعدة طبية من مختصين.

فمثلا اطلبي أن تراجعا معا طبيبة أو أخصائية في العلاقات الزوجية لتساعدكما في كيفية بناء جسور التواصل بشكل صحيح؛ وخلال الحديث يجب عليك أن تستخدمي عبارات لبقة وودية فيها صيغة الجمع (نحن، معا، سويا) وتفادي صيغة المفرد (أنا، أنت، وحدك) حتى يشعر بأنك إلى جانبه وشريكه له في المشكلة، فإذا قبل زوجك بالفكرة، فهذا هو المطلوب، وهو الطريق الصحيح، حيث إن الأخصائية في العلاقات الزوجية ستضع لكما خطة أو جلسات لتحسين التواصل والتقارب بينكما، أما إذا رفض الفكرة فالخيارات أمامك ستكون محدودة، والعمل سيكون من طرفك أنت فقط، وأنصحك باتباع ما يلي:

1- حاولي وبأسلوب رقيق ولطيف وغير مباشر التعرف على ماضيه، وعلى ما مر به تجارب ومشاكل خاصة في مراحل الطفولة والمراهقة، وحاولي قدر الإمكان إظهار تعاطفك له ومشاركته مشاعره.

2- ساعديه في بناء جسور التواصل والثقة بينكما بأي طريقة تجدينها مناسبة له، والمهم هو: أن تشعريه بأنك لست زوجته فقط، بل صديقته وشريكة حياته، وبإمكانه أن يثق بك ويعتمد عليك؛ فقد يكون افتقاد زوجك لأناس يثق بهم ويعتمد عليهم دور كبير في طريقة تعامله معك.

3- عندما لا يتجاوب معك أو يكون في حالة انسحابية أو مزاجية سيئة او عصبية لا تصدري عليه أحكاما سلبية، ولا تعاتبيه بشكل مؤلم أو جارح، بل ركزي على مساندتك له وتفهمك لظرفه وأكدي له ثقتك به وبأنه إنسان جيد ومعطاء، وأنك راضية به كما هو عليه؛ فهذا سيشعره بالأمان وبالثقة نحوك، وقد يكون له مردود إيجابي في التغيير.

4- لا تدققي في الأمور الصغيرة، ولا تجعلي منها سببا لحدوث سوء تفاهم معه، بل على العكس حاولي أن تشتتي المواقف التي تشعرين بأنها ستؤدي إلى سوء تفاهم، وحوليها إلى مواقف إيجابية تجعله يطمئن لحسن تعاملك معه، ولتحملك له؛ فهذا أيضا سيزيد من ثقته بك، وسيرى بأنه يمكن الاعتماد على علاقته معك ليس فقط كزوجة، بل كصديقة وفية لا تبحث عن الأخطاء والزلات، ولا تختلق المشكلات.

5- ركزي على بعض التصرفات والمواقف الإيجابية التي تصدر منه نحوك واشكريه عليها، وأكدي له بأنك سعدت جدا بها، وتحبين أن تتكرر، فمثلا: إذا أحضر لك شيئا أو ساعدك بعمل شيء، أو قال لك كلمة طيبة ، فقولي له مثلا: لقد أسعدتني كثيرا بذلك، وهذا يزيد من حبي لك وتمسكي بك، وكم أتمنى أن يتكرر مثل هذا الموقف منك، وهكذا...، وثمني وضخمي التصرف الإيجابي الذي يصدر منه، وهمشي وتجاهلي التصرف السلبي.

6- يجب أن تعلمي بأن تصرفات زوجك ليس موجه ضدك أنت بالذات، بل هي على الأرجح تصرفات تعكس اضطرابا في شخصيته، وفي قدرته على التعامل بشكل صحيح؛ لأنه لم يتعلم طريقة التواصل السليمة منذ الطفولة، وعليك حينها التدرب على كيفية تفادي الاصطدام معه عن طريق الانسحاب مبكرا من أي موقف أو نقاش تشعرين بأنه غير مجد، أو قومي بتشتيت الفكرة التي يدور حولها النقاش، وحوليه إلى نقاش في موضوع محبب له.

7- أنصحك بالاهتمام بنفسك، وذلك عن طريق ممارسة أعمال أو هوايات تحبينها، فهذا سيمنحك شيئا من البهجة والسعادة التي تفتقدينها، وسينعكس إيجابا على حياتك الزوجية، وعليك الاهتمام أيضا بعلاقاتك الاجتماعية وإقامة صداقات جديدة لتكون متنفسا لك للتواصل بطريقة صحية وطبيعية، وهذه نقطة هامة جدا من أجل الحفاظ على صحتك النفسية، وصحة طفلك القادم بإذن الله تعالى.

أسأله -جل وعلا- أن يكتب لك كل الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات