السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
بدأت حالتي في شهر رمضان، ومنذ سنة ونصف في المسجد، وأثناء الصلاة لأول مرة خوف وهلع وتعرق وضربات قلب شديدة، وكأني سأسقط في الأرض، وأردت أن أهرب من المسجد، ومن ثم بدأت أفكر فيما حصل، فهو شيء غريب علي لأول مرة يحصل، ومن ثم بدأت حالتي بالتغير في التفكير والتوتر والتهرب من الناس.
إن خرجت أخرج قليلا وإن جلست مع أحد أجلس قليلا، وأتى العيد وذهبت للزيارات، وحصلت معي نوبة هلع شديدة جدا، أكاد أسقط أرضا، وحملوني إخوتي إلى البيت وأنا في حالة يرثى لها، وكأني مريض، وبدأت في التقيؤ.
أنا لست هكذا، فكيف تغير حالي فجأة؟ المهم قررت أن أبيع منزلي، وانتقلت إلى منزل آخر، وتركت إخوتي وأهلي، ورحلت، ويا ليتني لم أرحل، سكنت في بيت جديد، واعتزلت الناس والخروج، وانتابتني حالة من الوسواس الفظيع والتفكير والعزلة والخوف، وإلى يومي هذا لا أعرف ماذا حصل لي لا أستطيع الذهاب إلى نفس المكان الذي يسكن به إخوتي.
بدأت تزداد الأعراض كل يوم، حتى صرت أستغرب الأشخاص والأشكال، وأسأل نفسي ماذا أنا؟ ووساوس ما أنزل الله بها من سلطان، وأنا أعلم أنها ووسواس، ولكن لا أستطيع منع عقلي من التفكير، وكأني مغيب.
لا أستطيع الخروج من المنزل إلا للضرورة، الخوف يلازمنى والتوتر، ونومي متقطع جدا، ثقل في رأسي وعيني، وتأتيني دوخة يسيرة، أحيانا أستغرب الواقع وكأني غير موجود.
أتتني شكوك في زوجتي، والحياة ليس لها أي معنى، حزن وكآبة، فأريد أن أرجع إلى نفسي لكن لا أستطيع، اشتقت إلى نفسي وحياتي، حاولت أن أختصر الأعراض.
ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ;كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
طبعا ما حصل معك واضح أنه نوبة هلع، وأصبحت تتكرر، وبعد ذلك أتاك رهاب، رهاب من الخروج، حتى لا تأتي لك نوبة الهلع مرة أخرى. وأيضا أتاك رهاب من المواقف التي حصلت فيها هذه النوبة، فأصبحت تتهرب منها، ومن ضمنها بيعك للمنزل، وطبعا هذا كان قرارا غير صائب، لأن المشكلة ليست في المنزل، ولا في الأمكنة، المشكلة في داخلك أنت. هذا مرض نفسي – أخي الكريم – وبعد ذلك أصبحت عندك وساوس، واكتئاب، ورهاب.
هذا مرض نفسي واضح، يسمى بـ (اضطراب الهلع، مع رهاب الساحة أو رهاب الخروج من المنزل)، وكل الأعراض الأخرى هي أعراض مرض الاضطراب، وعلاجه يكون علاجا نفسيا ودوائيا، وأنا أرى أنك تحتاج الآن إلى دواء، وأنسب دواء لما تحس به هو دواء الـ (سبرالكس)، عشرة مليجرام، ابدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرام – بعد الإفطار لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وعليك الانتظار لعدة أسابيع، ستة أسابيع في المتوسط، حتى تبدأ هذه الأعراض في الزوال إلى أن تختفي تماما.
إن لم تزول وتختفي في خلال شهرين فيمكنك زيادة الجرعة إلى 15 مليجرام، ثم بعد أسبوعين إلى عشرين مليجراما، وبعد ذلك تواصل في العلاج حتى في حالة اختفاء الأعراض تماما. تحتاج لفترة ستة أشهر في العلاج حتى لا تحدث انتكاسة، وبعد ذلك أوقف العلاج بالتدرج، بسحب ربع الجرعة كل أسبوع، ثم يتم التوقف منه تماما.
إن استطعت التواصل مع معالج نفسي لكي يعلمك العلاج السلوكي المعرفي، مع تناول العلاج الدوائي، يكون هذا أفضل، والعلاج السلوكي المعرفي يحتاج لجلسات تتراوح ما بين 15 إلى 20 جلسة، والجلسة تكون أسبوعيا، لمدة خمسين دقيقة، يعلمك المعالج النفسي مهارات سلوكية معينة تتبعها، ويراجع معك ما وفقت فيه، ويراجع معك ما أخفقت فيه، حتى تختفي هذه الأعراض وترجع إلى حياتك الطبيعية. وفائدة العلاج السلوكي أنه عندما يتم التوقف من الدواء لا ترجع الأعراض مرة أخرى.
وفقك الله وسدد خطاك.