السؤال
السلام عليكم
أنا متزوجة منذ تسع سنوات، في السنة الأولى من الزواج كانت علاقتي بحماتي جيدة؛ لكن مع مرور الوقت بدأت العلاقة تتوتر، ووصلت إلى حد القطيعة؛ بحجة أنني من أفتعل المشاكل؛ حيث طردتني من منزلها عدة مرات، مع العلم أن لدي مسكنا مستقلا في مدينة أخرى، ونأتي فقط في العطل، في كل مرة كانت تطردني، وتتهمني بأشياء باطلة، رغم أنني لم أرها منذ مدة أربع سنوات، إلا أنها دائما تقول لزوجي بأنني سيئة، وأنني أخذت ابنها منها؛ حيث وصل الأمر إلى أن أنها أمرت زوجي بأن يطلقني فرفض؛ مما عقد الأمور أكثر بين زوجي وأهله، وهذا المشكل يرهقني، وأحس بالذنب.
مع العلم أن زوجي يحبني وأنا أيضا، ودائما أوصيه بأهله، فكيف أتعامل مع هذه المشكلة؟ والله تعبت!
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عزيزتي: قرأت رسالتك أكثر من مرة، وتألمت لما آلت إليه الأمور بينك وبين حماتك وزوجك، وهذه المشاكل اعتدنا على سماعها ومعايشتها، ولا شك أن طرد والدة زوجك لك من بيتها أمر مؤلم، كما أن حرص زوجك على بر أمه من علامات صلاحه ودينه، ولكنك لم تخبرينا عن نوعية المشاكل التي حصلت بينك وبين حماتك، وخاصة أنك ذكرت أن المشاكل بدأت بعد السنة الثانية من الزواج، هل زوجك هو الابن الوحيد لأمه؟ وهل سألت نفسك ماذا لو كانت والدتك هي من تختلفين معها، هل سيكون رد فعلك بنفس الطريقة؟ هل تعلمين أن نصف مشاكل أهل الزوج تحل لو اعتبرنا والدة الزوج بمثابة الأم الثانية، وخفضنا لها جناح الطاعة والاحترام، وعاملناها بالحسنى؛ ولما وجد الشيطان طريقا إلى نفوسنا ليعبث بها ويودي بحياتنا في نفق الغم والهم؟
أوصيك ببعض الخطوات لعلها تساهم في إعادة الود بينك وبين زوجك ووالدته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه:
- اعلمي أن حماتك ليست سيئة كما تظنين، ولا تحسبيها عدوة لك في ميدان المعركة، ولا تنتظري من زوجك إعلان الفائز، حقا إن موقف زوجك صعب للغاية؛ فهو يعيش في حيرة بين أمه التي حملته وأنجبته وربته، وسهرت الليالي من أجل راحته، وبين زوجته وشريكة عمره.
- تذكري أن حماتك تريد سعادة ابنها، وتتضايق إذا شعرت أن دورها ألغي بمجرد زواجه، وبعض الأمهات تنتابهن الغيرة من زوجة الابن، وهذا أمر مألوف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ بحكم العلاقات المبنية على الطاعة والاحترام، وأن دور الأهل لا ينتهي بمجرد زواج ابنهم؛ لذلك عليك بنيتي أن تتفهمي هذه الأمور، وتذكري أنك سوف تصبحين أما، وتعيشين نفس اللحظات وربما أكثر.
- اجتهدي وهدئي من روعك، واسعي في إرسال الوسطاء الصالحين من أهل الخير والعلم، وممن لهم عقول راجحة ومكانة عند أهل زوجك، وليستمعوا إلى حماتك، وليبحثوا في الأسباب التي أدت إلى ما آلت إليه الأمور بينك وبينها، ثم يعالجوا الموقف بحكمة، ودورك هنا أن تضبطي نفسك، وتتنازلي وتعتذري إذا صدر منك (رفع صوت، وأخذ ورد ومناقشة، ومحاولتك الدفاع عن نفسك، وإثبات أن أمه أخطأت وما شابه..)، ولا تنسي أنك تتحاورين مع امرأة كبيرة في السن، وربما صحتها لا تحتمل النقاش والغضب، وما شابه ذلك، ولكنها لحظة شيطان تخرجنا عن طوعنا فنخسر دون أن نعي إلا بعد فوات الأوان.
- اكسبي رضا حماتك، ولا تعكري صفو حياتك، واهتمي بها، واستمعي إليها بكل احترام، ولا تنتقدي كلامها ولو لم يعجبك؛ فالزوجة التي تحب زوجها تحب أهله وتكرمهم إكراما له، وتذكري كيف تحملنا انتقاد أمهاتنا لنا دون أن نرد عليهم، وهذا من باب الاحترام والبر والصبر على الأذى، وتذكري أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
- اعلمي أن طاعة الزوج مفتاح الجنة، والزوجة التقية هي التي تسعى إلى إرضاء زوجها التقي البار بأهله، فديننا يا -بنيتي- يسير وسهل، ونحن نصعب الأمور على أنفسنا، والله ليس بظلام للعبيد، والعبيد يظلمون النفس، والإسلام قرر الحقوق والواجبات لكلا الزوجين، ولو قاما بها لسعدت وهدأت النفوس وشعرت بالحب والمودة والرحمة والسكينة، فإذا أساؤوا استخدامها فشلت العلاقة الزوجية.
- ساعدي زوجك على بر أهله، واعلمي أن زوجك لن يدخل الجنة إلا برضا أمه عليه، ولا تخبريه بما يصدر من أهله إلا كل الخير، وعاملي حماتك كما تحبين أن تعامل زوجة أخيك والدتك، وعندما نقلب الأدوار ونضع أنفسنا في موقف الآخرين؛ تصغر الخلافات والهموم، ويصبح بمقدورنا رؤية الأمور من منظار آخر، ونركز على الحلول لا على المشاكل.
- صلاة الاستخارة محببة وجائزة لإصلاح الأمور بينك وبين زوجك، واطلبي من الله -عز وجل- أن يمن عليك بالخير والصلاح، وأن يؤلف بين قلبك وقلب زوجك، وأبعدي عن نفسك فكرة الطلاق، واصبري؛ فالله -جل جلاله- قال لنا في كتابه الحكيم: "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين".
- وثقي علاقتك بالله -العزيز الحكيم- من خلال المحافظة على أداء الصلوات الخمس، والصوم، والزكاة، والإكثار من الاستغفار.
أسأل الله لك الهداية وإصلاح الحال بينك وبين زوجك ووالدته، والله سميع مجيب.
طمئنينا عنك، وبإمكانك معاودة الكتابة إلينا فنحن نسعد بمساعدتك.