السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب عمري 30 سنة، منذ أسبوعين تسلطت علي فكرة مجنونة ليس لها معنى ولا أستطيع الخروج منها، فقد تذكرت أن صديقي عندما كنا في المدرسة شبهني بسمكة، وجزء من عقلي الآن مصدق أنني سمكة ولكن أتخيل نفسي إنسان.
في داخلي أعرف أن الفكرة سخيفة، ولا يمكن لأحد أن يصدقها، وأعرف أن المقصود من كلام صديقي هو التشبيه فقط، لكن الفكرة مسيطرة على عقلي ولا أستطيع تجاهلها، وصلت مرحلة اليأس، علما أنه تم تشخيص حالتي باضطراب الأنية؛ لأني كنت أنكر وجودي سابقا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
هذه ظاهرة وسواسية لا شك في ذلك، الرسالة التي وصلت من صديقك لك تم تحليلها وتشفيرها وتخزينها في دماغك وفي كيانك الوجداني بصورة خاطئة جدا، وتولدت عنها هذه الوسوسة، وبما أنه أصلا لديك قابلية للقلق، وكان لديك تاريخ مع اضطراب الأنية أعتقد أن هذا قد عزز هذه الفكرة السخيفة.
إذا الفكرة فكرة سخيفة، والحمد لله تعالى أنت مقتنع بذلك، ويجب أن تحقرها تحقيرا مطلقا، ويجب أن تصرف انتباهك عنها تماما، حين تبدأ الفكرة في بدايتها يجب أن توقفها، خاطب الفكرة مخاطبة مباشرة قائلا: (أنت فكرة سخيفة، أنت حقيرة، أنا لن أهتم بك، انصرفي عني) وهكذا، وتبدأ تشغل نفسك في شيء آخر، مثلا: تتأمل في تنفسك، كيف أن الله تعالى قد وهبنا القدرة على التنفس، وكيف تعمل الرئتان، كيف يدخل هذا الهواء، وكيف يشبع الدم بالأكسجين، وكيف أن الأكسجين ينتشر في الجسد، وهكذا، هذا نسميه بالاستغراق العقلي الإيجابي، وهذا قطعا يصرف انتباه الإنسان عن الوسوسة، هذا نوع من العلاجات الجيدة.
أنصحك بتكثيف ممارسة الرياضة، والتمارين الاسترخائية، وحسن إدارة الوقت، والتميز في عملك، وأنصحك أيضا بتناول عقار (سيرترالين Sertraline) ويعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لوسترال Lustral) دواء فعال جدا، وممتاز جدا، الجرعة في حالتك هي جرعة صغيرة إلى متوسطة، تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميا – أي مائة مليجرام – لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
جرعة المائة مليجرام يوميا – أي حبتين – هي الجرعة العلاجية في حالتك، علما بأن الجرعة العلاجية الكلية هي أربع حبات في اليوم، لكنك لن تحتاج لهذه الجرعة أبدا بإذن الله تعالى.
السيرترالين دواء غير إدماني، ممتاز جدا، وله خاصية وقابلية في أنه يحسن المزاج، ويعالج القلق والتوتر والوسوسة، وكذلك المخاوف.
هنالك دواء آخر، دواء إسعافي، جيد جدا، يسمى (ألبرازولام Alprazolam)، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (زاناكس Xanax)، يمكن أن تتناوله أيضا، لكنه يحتاج قطعا لوصفة طبية، تتناوله بجرعة ربع مليجرام صباحا ومساء، لمدة خمسة أيام، ثم ربع مليجرام مساء لمدة خمسة أيام أخرى، ثم ربع مليجرام يوما بعد يوم لمدة خمسة أيام، ثم تتوقف عن تناوله.
وإن لم يكن بالإمكان أن تتحصل على الزاناكس فيمكن أن تعتمد على السيرترالين، سوف يفيدك حتى وإن كان بطيئا بعض الشيء.
ركز كثيرا على تمارين الاسترخاء، توجد برامج ممتازة على اليوتيوب، تشير وتوضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
ومن أهم الأشياء أيضا ألا تترك مجالا للفراغ، تجعل حياتك فاعلة، أشغلها بالمفيد لك في دينك ودنياك، تميز في مهنتك وفي عملك في مجال التجارة، والحرص على الصلاة في وقتها، وكذلك تلاوة القرآن، لا بد للإنسان يكون لديه ورد من القرآن يقرأه يوميا، ولا بد للإنسان أن يتعلم تجويد القرآن حتى يكون من السفرة الكرام البررة، لا عذر لأحد في عدم التعلم، والأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ – عظيمة ومجربة وتبعث طمأنينة كبيرة في النفس.
سعدت -يا أخي- جدا بمشاركتك، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ويمكنك مراسلتي بعد شهرين من الآن لأعرف درجة التقدم في العلاج لديك، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.