السؤال
السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا على إجابتكم على استفسارات الناس وأسئلتهم.
أود طلب نصيحتكم بخصوص مشكل عائلي يؤرقني منذ فترة، ولا أعرف كيف أخطو لمعالجته: أعيش مع أمي وأختي وبناتها بنفس المنزل، وعادة ما تحدث نقاشات بيننا غالبا لانتقادي إحدى تصرفات بناتها، لا أنكر أنني أحيانا أبالغ في هذه الانتقادات، لكن أمي دائما تقف في صفهم سواء كنت على صواب أو مخطئة، مثل هذه المواقف تتكرر كل مرة، ويحدث خصام بيني وبينهم، حيث لا يوجه أحدنا الكلام للآخر لمدة أيام، ثم تدريجيا يتغير هذا الوضع، لكن لما يزيد عن الشهر حدث خلاف بيني وبينهم ولا نتكلم مع بعضنا منذ ذلك الوقت.
السبب أنني كنت أثق فيهم ثقة عمياء وأطلعهم على كل تفاصيل حياتي الكبيرة والصغيرة، لكنني اكتشفت مع الوقت أنهم يخفون كل ما يتعلق بهم عني وأكتشفه هذا من أشخاص أجانب، ولا أعرف لماذا، فأصبحت أعاملهم بالمثل بعد شعوري بالخذلان.
أعرف أن هذا الوضع لا يرضي الله وسبب في عدم التوفيق في الدنيا والآخرة، ولكنني لا أعرف ماذا أفعل ولا كيف أتصرف، لا سيما أنهم يعتبرون أنفسهم غير مخطئين بالمرة.
جزاكم الله خيرا انصحوني بالطريقة الصحيحة للتعامل معهم بما يرضي الله، ويزيل هذا الغل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك عزيزتي:
أود أن أبدي إعجابي الشديد بك، وعلى شعورك النبيل، أسأل الله أن يزيدك برا وأن يصلح ما بينك وبين بنات أختك، فهذا يدل على إحساسك بأهمية صلة الرحم، رائع منك كل النوايا الطيبة.
غاليتي سنا: تتمثل العلاقة الأسرية في المحبة والوفاق وتقدير كل فرد لباقي إخوته، وفي التضامن الذي يقوم على محاربة الأنانية وأن تعيشوا كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا في الأحزان والأفراح، يقول رسول الله عليه صلوات من رب رحيم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)،"رواه مسلم" فهذا ينطبق على حال عامة المؤمنين، فما بالك بالإخوة الذين يعيشون في بيت واحد!؟.
لا تحزني من كلمات والدتك؛ فإنها لا تقصد القسوة عليك، وإنما هو قلب الأم الدائم التعاطف مع الأضعف، ووقوفها بجانب أختك، قد لا يكون تفضيلا أو تمييزا بقدر ما هو رحمة لها، وربما تمر بمواقف تحتاج من أهلها أن يقفوا معها ويساعدوها حتى تتغلب على تلك المواقف والمشكلات حتى تستقر حياتها وتنجح في حياتها الأسرية، فاصبري وأحسني الظن، والتمسي العذر.
إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط"، هذه المشاكل التي تعترضنا هي ابتلاء من الله، اختبار ليرى مدى صبرنا وقبولنا لما كتبه لنا والمؤمن يبتلى على قدر الدين، وقد بشر الله الصابرين بقوله:" إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ".
وجوابا على سؤالك: انصحوني بالطريقة الصحيحة للتعامل معهم بما يرضي الله ويزيل هذا الغل.
أقول لك:
- اعلمي أن قطيعة الرحم من أكبر الكبائر، قال الله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}، واجتهدي أن تكوني متعاطفة معهم جميعا، وحثيهم على التواد والتراحم والتواصل، وتأكدي أن إسعادهم ينعكس عليك إيجابيا.
- تصرفي بتلقائية الخالة العاقلة التي تسمح لبنات أختها ببعض التجاوزات الصغيرة في مقابل عدم افتعال مشاكل، والتي تقابل السيئة بالحسنة حتى تجمعهم على الخير؛ فأنت خالتهم والخالة وريثة الأم في تجميع الأبناء وأخذ الأجر من الله على ذلك.
- الحد من الانتقاد؛ لأنه يزيد الفجوة والجفاء والمشاحنات؛ لذلك أنصحك بتوجيه كلمات الود والثناء التي تقرب وتزيد من أواصر الترابط والاحترام بينكم.
- اعلمي أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإلا ما آتاها.. فلا تجعلي حياتك كلها وسعادتك وقفا على الآخرين، ولكن اتركي لنفسك مساحة تقومين فيها بما تحبين من نشاطات تسعدك بما تسمح لك به الظروف.
- أشغلي نفسك بأمورك الخاصة واستمتعي بوقت خاص لك مع صديقات صالحات، ولا تنسي أن تدعي لبنات أختك أن يصلح حالهن وينور بصيرتهن، واعلمي أن كل ما تقومين به معهن يقع في ميزان حسناتك، فعند الله لا تضيع الأجور.
- طوري نفسك وثقفيها، فالعلم لا يتوقف عند عمر معين، وأشغلي نفسك بمستقبلك، وكل هذا يكون بالتوكل على الله جل وعلا، والتزامك بالطاعات من صلاة وصوم، وأكثري من الاستغفار والدعاء أن يفرج الله عليك، وأن يرزقك بالزوج الصالح.
وفقك الله لما يحب ويرضى يا سنا ليعم السلام والاحترام والمحبة منزلكم.