ما ذنب الفتاة التي خلقت بعاهة أن تحرم من الزواج؟

0 27

السؤال

السلام عليكم.

فتاة تبلغ من العمر ٣٩ سنة، تحرم من الزواج والاستقلال والعيش في جو أسري بسبب عاهة خلقت معها (عرجاء).

تتعرض للتنمر والقهر النفسي، ما ذنب هذه الفتاة المسكينة تحرم من حقها كباقي الفتيات؟ وفاتها قطار العمر وربيع الحياة، لماذا نعيش في مجتمع أناني يرفض العيب للفتيات ويقبل للشباب؟

أسفي على الزمان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة-، في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يشرح صدرك، ويسعدك في الدارين.

أولا –ابنتنا العزيزة– نود أن نذكرك بأن هذه الدار التي نحن فيها ليست دار الراحة والنعيم، وإن كان بعض الناس قد يحقق فيها بعض ما يهواه ويتمناه، ولكن قد يقدر الله تعالى على آخر فوات بعض المحبوبات ووقوع بعض المصائب عليه، وما ذاك إلا لأن الله سبحانه وتعالى يريد أن يعوض هذا المصاب ويسوق إليه من الخيرات والسعادات أضعاف أضعاف ما فاته في هذه الدنيا، ولكن ذلك يكون في دار الجزاء، أما الحياة الدنيا فهي دار الابتلاء والامتحان، فالواجب على المؤمن والمؤمنة أن يكون بصيرا بهذه الحقيقة، وأن يعلم أن هذه الحياة التي نحن فيها مؤقتة، قصيرة، وأنه يأتي بعدها الحياة الباقية الدائمة، وفيها السعادة الحقيقية أو الشقاوة الكاملة.

فعلى الإنسان أن يذكر نفسه بهذه الحقيقة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا، من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط).

فهذا هو الميزان الصحيح، أن يعلم الإنسان المؤمن والمؤمنة أن السعادة الكاملة والهناء الحقيقي في دار الجزاء، وعليه أن يستعد لذلك، وعظم هذا الجزاء مع عظم البلاء، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)، يعني: قطعت بالمقاص ونحوها من الأدوات.

فمن ابتلاه الله تعالى بشيء في هذه الدار فإن ثوابه وسعادته الآجلة لا تحصى ولا توصف، يحسده أهل العافية، ويتمنون أن لو كانوا مثله، وهذا جزاء من جنس العمل، كما أنه كان ينظر إلى أهل العافية أيضا في الدنيا ويتمنى أن يكون مثلهم، فإنهم يتمنون أن يكونوا مثله، مع فارق الوقت الذي تحصل فيه هذه الأماني، وفارق السعادة واللذائذ التي ينالها هذا، ولكن هذا عدل الله تعالى، وهذه حكمته، فإنه إذا أخذ منك شيئا أعطاك أشياء.

فلا تضجري إذا مما قدره الله تعالى عليك، واعلمي أن الله تعالى أرحم بك من نفسك، وأنه لم يقدر عليك ذلك لإهلاكك، ولكنه يبتليك بلاء يسيرا ليعطيك عطاء كثيرا، ففوضي أمرك إلى الله، وارضي بما قدره الله تعالى لك، واعلمي أن الإنسان إذا فاتته بعض النعم فإنه يتقلب في نعم كثيرة، وكم من الناس من أصيبوا ببعض الإعاقات ولكنه لم تعقهم عن استكمال حياتهم، فتقدموا على كثير من أصحاب العافية والسلامة، والتاريخ الماضي والحاضر مليء بحياة السعداء والناجحين من ذوي الإعاقات الذين استغلوا نعم الله تعالى التي هم فيها.

فإذا كان الله تعالى قد قدر عليك أن فاتك الزواج فاجعلي من هذا فراغا لك في نيل المطالب العالية والوصول للدرجات العظيمة، احرصي على استغلال وقتك وعمرك فيما ينفعك في دنياك وفي آخرتك، وستفوزين فوزا عظيما -بإذن الله تعالى-، فكم من العلماء من ذوي الإعاقات، سواء من فقد بصره، أو فقد يده، أو رجله، أو غير ذلك من أنواع الإعاقات، سادوا وفازوا وسبقوا أهل العافية بمراحل كثيرة، والأمثلة كثيرة، ولعلك تعرفين منها الشيء الكثير.

فاستغلي نعم الله تعالى عليك، وحاولي أن تنتفعي بما أعطاك الله تعالى من نعم، وهي كثيرة، وأعظمها نعمة الحياة، والقدرة على تحقيق أشياء وإنجازها، وستلقين أمامك -بإذن الله تعالى- من السعادات ما لا يحصى ولا يوصف.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير وييسره لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات