السؤال
السلام عليكم.
منذ ٣ سنوات اكتشفت أن جاري المسلم الذي يبلغ من العمر ٢٩ سنة يفطر في رمضان، وظللت حزينة لذلك لمدة أسبوع، وقررت بعدها أن أساعده بشيء، فبدأت أرسل له رسائل ورقية (دون كتابة الاسم) عن الله وأركان الإسلام، وأشياء يمكن أن تقربه من الله وتصلح حاله، ولكنني لم أر أي تغيير فيه، ولم يعر الأمر أي اهتمام، فتركت الرسائل وظللت أدعو له بالهداية في قلبي.
الآن بعد ٣ سنوات عرفت أنه يشرب الخمر، والمشكلة أن عائلته تعلم ولا مشكلة عندهم، فبيئتهم تسمح بالإفطار في رمضان، وشرب الخمر والاختلاط، لكنهم مسلمين.
أرجو مساعدتي، أنا أبكي لحاله، لا أريده أن يتعذب ويدخل النار، وأدعو له من قلبي ولكن لا يكفي، ماذا يجب أن أفعل لكي أستطيع هدايته، هل أتحدث له وجها لوجه، وماذا أقول، ماذا افعل له؟ فهو شخص طيب وجميل الخلق، وناجح في عمله، لذلك أريده أن يكون قريبا من الله لكي يصبح ناجحا في حياته كلها، كيف أستطيع دعوته؟
أنا مستمرة في الدعاء له في كل صلاة، وأريد أن تساعدونني ماذا أفعل؟ هذا الموضوع يشغل تفكيري، ولا أستطيع أن أنساه دون أن أنجح في شيء، وأريد أن أهديه لكي يهدي عائلته ليكونوا مسلمين بحق.
أرجو مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أيلول حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الرائع، ونسأل الله أن يهديك وييسر الهدى عليك، وأن يجعلك سببا لمن اهتدى، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن الإنسان ينزعج عندما يجد المسلم الذي أنعم الله عليه ونشأ في بيت مسلم لا يصلي ويشرب الخمر ويفطر في رمضان أو يقع في بعض المنكرات، وهذا دليل على الخير الذي عندك، ونسأل الله أن يزيدك خيرا وثباتا.
والمسلم أيضا -والمسلمة كذلك- لا بد أن يتذكر أن عليه واجب الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، فهي المهمة التي تركها النبي في أعناقنا؛ لأن النبي هو خاتم الأنبياء، فالذين يتحملون مسؤولية هداية الناس ونشر الفضيلة ومدافعة الرذيلة هم أتباع هذا النبي من الرجال ومن النساء.
ونحن نكرر لك التحية على هذه المشاعر، ونسأل الله أن يتقبل منك، وحق للإنسان أن يسعى ليفوز بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم).
ولكننا نحب أن ننبه على بعض الأمور الهامة، بعد أن نحيي هذا التدرج الذي مشيت عليه، فأنت استخدمت وسيلة الرسائل، ثم كثرت له الدعاء، وتستمري في الدعاء له بالهداية، وتتألمي لتأخر هدايته، هذا كله ستؤجرين عليه ثوابا وأجرا عند الله -تبارك وتعالى-.
ولكننا لا نريد أن تستعجلي في فكرة الدعوة المباشرة منك له، لكن لو أنك أوصلت الفكرة ونفس الحماس إلى أحد إخوانك، أو أي رجل من الرجال، أو داعيا من الدعاة؛ فاستطاع أن يصل إليه فذلك هو الطريق المفيد.
الشريعة لا تؤيد فكرة أن تقتحم الفتاة فتقدم الدعوة والنصح للرجال، لأن ذلك قد يكون على حساب أشياء أخرى، ولكن استمري فيما أنت عليه من الحرص على الخير، وإذا كان في أسرته نساء واستطعت الوصول إليهن لتبدئي بهن ليكن عونا لك على الوصول إلى ما تريدين فلا مانع من هذا.
ونحن عموما نريد للفتاة أن تشتغل بدعوة الفتيات، ونريد للشباب أن يشتغلوا بدعوة الشباب من أمثالهم، وإذا استطعت أن تصلي إلى أهل البيت -نساء البيت- فإنهن أكثر تأثيرا، وتستطيعين أن توصلي هذه الرغبة بعد أن يتجاوبن معك على هذا الطريق.
وأيضا لا مانع من التواصل مع جهات شرعية، كإمام المسجد، أو دعاة إلى الله -تبارك وتعالى-، أو مراكز للدعوة والإصلاح، حتى يقوموا بواجبهم تجاه الشاب المذكور، أما أنت فندعوك إلى الاستمرار في الدعاء، والاستمرار في اتخاذ كافة الوسائل في دعوته إلى الله -تبارك وتعالى-، ولكن لا نريد استعجال وسيلة المواجهة المباشرة، وأيضا هو قد لا يقبل من امرأة، وقد لا يقبل ممن هي أصغر منه سنا، وأنت تكوني قد أديت ما عليك عندما تبلغي هذا الهم لإخوانك أو لأعمامك أو لأخوالك أو للدعاة إلى الله -تبارك وتعالى- العاملين في حقل الدعوة، أو تبلغي هذه النصيحة لأخواته أو لمحارمه كعماته أو خالاته.
المهم: استمري في هذا الدرب، وهذا درب خير، والدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- من أفضل الأعمال وأرفعها عند الله، وقد قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}.
نحن سعداء بك وبهذه الاستشارة، ونسعد جدا بالاستمرار في التواصل، حتى نتفق على وضع الخطط المناسبة، وأرجو أن تعطينا الخيارات الموجودة حتى نتحاور حولها، ونسأل الله أن يهديك وييسر الهدى عليك، وأن يجعلنا جميعا سببا لمن اهتدى، وجزاك الله خيرا.