زوجي يعاني من الاحتراق النفسي، فكيف أساعده؟

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ 3 سنوات وأعيش مع عائلة زوجي، ومنذ بداية زواجنا اكتشفت أن زوجي يعاني من الضغط النفسي الشديد جراء علاقته بعائلته وأسلوبهم في الحياة، لا أنكر بأنهم من أطيب خلق الله تعالى، لكنهم متسلطون ويفتقدون للحوار أو الإفصاح عن مشاعرهم.

زوجي مهندس مدني يعمل مع والده في شركته، بحيث أنهم فقدوا علاقة الابن بأبيه، وصار ينظر لأبيه على أنه رب العمل، والأب يرى أن ابنه موظف ويحمله مسؤوليات ليست في استطاعته، كإدارة الشركة وجل مشاكلها، والضغط عليه بشتى أنواع الضغوط، إذ أنه يبدأ دوامه من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة 9 مساء، مع يوم واحد للراحة في الأسبوع، وعندما يعودان للمنزل فإن حديثهما عن العمل فقط، وقليلا ما يتحدثان عن شيء آخر.

زوجي الآن يعاني من أزمة نفسية شديدة، أعتقد أنه الاحتراق النفسي، فقد ثقته بنفسه والرغبة في الحياة، امتنع عن الأكل والنوم والكلام، وعن كل أنواع مظاهر العيش الطبيعية، وبدأت علاقتنا الزوجية وصحته تتدهور تدريجيا، وأنا أيضا أمر بفترة صعبة، لأنني أجد صعوبة في التأقلم مع أسلوب عائلته في العيش، وأخاف أن أنجب في هذه الظروف، وأخشى على زوجي كثيرا، فلا أريده أن يخسر نفسه، وبذلك أخسره، فأنا أحبه بشدة، ولا أريد أن يخسر عائلته ففيها جنته، أرجوكم أنا في حاجة شديدة للمساعدة.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة: الأعراض التي ذكرتها في رسالتك هي أعراض الاستنفاد النفسي، والذي هو: متلازمة تنتج عن إجهاد مزمن في مكان العمل لم تتم إدارته بشكل ناجح، ويتم بإحساس الموظف بنضوب الطاقة أو استنفادها، وزيادة الفجوة بين تفكيره العقلي والوظيفة التي يعمل بها، بالإضافة إلى المشاعر السلبية والسخرية المرتبطة بالعمل، وانخفاض الكفاءة المهنية.

يشير الاستنفاد النفسي على وجه الخصوص إلى ظاهرة تحدث في مكان العمل، ولا يجب تطبيق أعراضه لوصف خبرات الموظف في مجالات الحياة الأخرى، ويظهر الاستنفاد النفسي عند الموظف على شكل أعراض من خلال ثلاثة أبعاد:

1- الإجهاد الانفعالي: شعور عام بالتعب ينتاب الموظف نتيجة لأعباء العمل، والمسؤوليات الكثيرة التي تلقى على عاتقه.
2- تبلد المشاعر: شعور عام يتولد لدى الموظف سببه ضغط العمل الزائد، مما يترتب عليه اللامبالاة، وعدم الشعور بالقيمة الإنسانية للآخرين الذين يتعامل معهم.
3- نقص الشعور بالإنجاز: ميل الموظف إلى تقييم نفسه بطريقة سلبية، في مجال علاقته بالأشخاص الذين يتعامل معهم من زملاء وعملاء.

للتخلص من الحالة التي يعانيها زوجك، بالإمكان الأخذ بالإرشادات العملية التالية:

- على زوجك أن يناقش والده بشكل صريح ومباشر، ويقول له: أنا غير مرتاح بالنسبة لطبيعة العمل، وحبذا لو تغير سياسة العمل، يبدو أن زوجك جعل والده يعتاد عليه بطريقة معينة في العمل وساعات العمل، والآن يجد زوجك صعوبة في التغيير والمواجهة، ولكن يجب أن لا يستمر ذلك، بل يجب أن يبدأ زوجك بأسلوب المفاجآت، لكي يبدأ والده يتعود على الأسلوب الجديد في حال لم تنجح الخطوة الأولى، والمفاجآت تكون بأخذ إجازة لمدة أسبوع، ويغادر المنطقة كلها، وتذهبان سويا في رحلة استجمام واسترخاء.

- على زوجك البدء بتقليل ساعات دوامه بالتدريج، إلى أن يشعر أن عافيته بدأت ترجع إليه، وهو الذي يحدد فيما إذا كان الدوام للساعة الخامسة مساء مثلا يعد جيدا.
- يجب أن يمارس زوجك نشاطات أخرى غير العمل، مثل: الرياضة الخفيفة، رحلات أسبوعية ولو خلال الفترة الحالية.
- يجب أن يحصل على قسط كاف من النوم.
- تجنب العادات غير الصحية: قد يتعامل بعض الأشخاص مع الضغط النفسي عن طريق شرب الكثير من الكافيين أو التدخين أو الأكل كثيرا، هذه العادات يمكن أن تضر بالصحة.
- التواصل مع الآخرين: كزيارة الأصدقاء والأقارب، فلها فاعلية كبيرة في تحسين الجانب النفسي.
- قول كلمة لا: فأحد العوامل التي تزيد من مستوى الضغط والاستنفاد النفسي عند الشخص هي قوله كلمة "نعم" دائما، مما يجعل الآخرين يعتادون على أن هذا الشخص لا يرفض ما يقال له أو ما يكلف به من أعمال، ويبدؤون بإسناد جميع الأعمال إليه باعتباره "مطيعا"، بينما كلمة "لا"، أو "لا أستطيع" تجعل الآخرين يفكرون كثيرا قبل أن يكلفوه بأعمال.

لذا يجب على زوجك أن يقول "لا" أو عبارة لطيفة عندما يكون غير قادر، مثل (أنا مشغول بعمل آخر الآن) وهذا لا يقصد فيه عقوق والده، بل تنظيم علاقة العمل بينهما بأسلوب مهذب.

- تغيير الطريقة التي ينظر ويفعل من خلالها مهام عمله مثل: تجنب أداء المهام المتعددة والتركيز على مهمة واحدة في المرة الواحدة، وتقسيم المشاريع الكبيرة إلى مهام صغيرة يسهل تنفيذها، وتجنب قضاء وقت زائد بعد انتهاء أوقات العمل، والحصول على استراحات قصيرة خلال أوقات العمل، وتجنب الاتصال بالعمل في الإجازات.

وفقه الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات