السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدم لخطبتي شخص منذ فترة، وكان هناك قبول من الطرفين وتمسك، وهو على خلق ودين، ولكن أمي رفضته كونه أكبر مني بكثير، بيننا فارق 27 سنة تقريبا، وأخبرت أختي بالأمر ورفضت كذلك، أنا أعلم بأن فارق السن كبير جدا، ولم أفكر يوما أن أتزوج من شخص يكبرني بهذا القدر، ولكنني وجدت ميلا في نفسي إليه وانسجاما بالفكر والشخصية.
بالرغم من رغبتي، قررت في النهاية أن أتنازل كي لا أخسر رضا أمي ولا أحزن قلبها بهذا الزواج، لكنني دخلت في حالة نفسية صعبة، وفي كل يوم أبكي، لعلمي بأن هذا الشخص محترم وطيب، ولقلة الخطاب المتقدمين لي أمثاله، لا أعلم هل أستمر بتنازلي، أم أصر على الزواج، وكيف لي حينها إقناع أهلي بالأمر؟ فكلما كلمت أمي غضبت وتعجبت من رغبتي وقناعتي بهذا الزواج! ولم أجرؤ على محادثة أبي في الموضوع؛ كونه يغلب على ظني أنه سيعارض أيضا.
ما نصيحتكم لي بارك الله فيكم؟ وفي حال لا تنصحونني بهذا الزواج؛ فكيف لي أن أنسى هذا الشخص وأستعيد استقراري النفسي؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنده حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال.
أرجو أن يعلم الجميع أن فارق العمر لا علاقة له بوجود الحب والميل، فإن الحب بين رجل وامرأة إنما هو كما تلاق بالأرواح كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))، وقد تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- من عائشة وهي تصغره بأكثر من أربعين سنة تقريبا، وسعدت معه سعادة لا حدود لها، وتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- من خديجة وهي تكبره، وسعدت معه سعادة لا حدود لها، وهذا يتكرر في الناس دائما.
لكن أيضا أنت تشكرين على اهتمامك برغبة الوالدة ورغبة الأخوات، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وأرجو أن تستمري في الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وإذا وجدت في نفسك إصرارا على الشخص المذكور، وتأخر الخطاب عنك؛ فيمكنك أن تطلبي مساعدة الأعمام والعمات والعقلاء، أو تكلمي الوالد، أو تبحثي عن من يتكلم مع الوالد، فإن الإنسان ينبغي في هذه الأمور ألا يترك سبيلا مشروعا إلا سلكه، ومن السبل المشروعة اتخاذ الواسطات التي تعين الإنسان على ما يريد، ورغم حسن نية الوالدة ورغبتها في أن يأتيك شاب إلا أن هذه الأمور لا تحسب بهذه الطريقة، فقد يأتي شاب في سنك أو أكبر أو أصغر، لكن لا يتوفر هذا الميل.
وعليه: نحن نرجو أن تحافظي على علاقتك بالوالدة، وتتقربي إليها، وابحثي عمن يتكلم أو تتكلم بلسانك من عماتك أو خالاتك أو من الأعمام، حتى يتابع معك هذا الموضوع، يعني: يعرف أنك تميلين إلى الشخص المذكور، ولكونه محترما، وأيضا وجود القبول من الطرفين، هذه كلها أشياء ترجح أن الاستمرار مع الرجل المذكور سيكون فيه الخير، والإنسان عليه أن يبذل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى. ونتمنى ألا يؤثر ذلك على نفسك، فإن الأمر الذي قدره الله سيكون، وما من شخص في هذه الدنيا، وما من حدث يحدث في هذه الدنيا إلا في كتاب عند الله تبارك وتعالى، فالكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
ننصح بالتوقف إذا كانت هناك علاقة، ولكن لا مانع من المحاولات، ونتمنى من الرجل أيضا أن يكون له دور، يكرر المحاولات، ويأتي بالوساطات وأصحاب الوجاهات، حتى يقنع أسرتك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونتمنى ألا تأخذ المسألة أكبر من حجمها، فإن نفسك واستقرارها هو أغلى شيء عندك بعد إيمانك بالله تبارك وتعالى، فكوني راضية بقضاء الله وقدره، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.