السؤال
السلام عليكم.
تعرضت لعدة صدمات في حياتي، وأصحبت أعاني من أعراض تجعل من تعاملي مع الناس والمجتمع صعب، مثلا: سرعة تقلب المزاج من السعادة للقلق والحزن في مدة قصيرة، حساس بطريقة شديدة، ومن السهل أن أنفعل أو أحزن، وأخرج من تركيزي، وأتوقع الفشل، وعند حدوثه أشعر بنشوة غريبة (فقري فقري مثل ما يقولون).
بالإضافة لبعدي عن التجمعات إلا مع أصدقاء قليلي العدد، حتى عند آخر أيام الدراسة أتوتر عند أي سؤال رغم أنني متفوق دراسيا أو بالأصح تحريريا.
مع الإشارة إلى أنني كنت شخصا اجتماعيا في الطفولة والمراهقة، ومتفوقا دراسيا، وطليق اللسان، وأحب التحديات والمسابقات إلى ما غير ذلك، من السهل جدا أن تهتز ثقتي من كلمة وهذا مؤثر سلبا علي من ناحية العمل، وأفرح جدا عند أي إنجاز أو عمل بسيط أو عادي لمجرد أنني أنهيته.
والحمد لله مواظب على الصلاة منذ عام، وابتعدت أيضا عن التدخين، عمري حاليا 28 سنة، وأشعر أن الزواج موضوع بعيد عني من ناحية تحملي للمسؤلية وكأنني لا زلت في عمر 20 سنة.
نسيت أحد أهم تلك الصدمات أمراضي التى لا تذهب وتصبح رفيقة معي رغم أنها ليست خطيرة على الحياة بفضل الله وأعيش بالمسكنات تقريبا، فهل هو اكتئاب، أم هو قدري، أم حسد؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
أنا لا أرى هنالك اكتئابا، ولا أرى هنالك حسدا بإذن الله تعالى، والله خير حافظا وهو أرحم الرحمين.
أنت في مراحلك الدراسية الأولى كنت متفوقا، وكنت اجتماعيا في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة، وكانت مقدراتك وأداؤك المتميز ينعكس عليك معنويا مما يعطيك ثقة أكبر في نفسك، والآن حصلت لك هذه التأرجحات المزاجية، وأعتقد أنك قد انتهجت المنهج السلبي في التفكير، وهذا أثر عليك معنويا، وحتى من الناحية العملية.
علماء السلوك يرون أن المزاج مرتبط ارتباطا تاما بالتفكير، يعني أن خلل التفكير هو الذي يؤدي إلى خلل المزاج.
فإذا – أخي الكريم – حين تحدث لنا هذه الاضطرابات المزاجية يجب أن نفكر بصورة إيجابية وبصورة متفائلة، وهذا ليس فيه خداع للنفس أبدا.
أنت الآن لك اجترارات فكرية سلبية كثيرة جدا، قولك أنك بعيد عن الزواج، وكثير من الفكر التشاؤمي يهيمن عليك، أبدا، يجب أن تبحث عن البدائل الإيجابية من حيث التفكير، ومن حيث المشاعر، ومن حيث الأفعال. ونحن أيضا ننصح الناس - حين يطبق عليهم الفكر السلبي والمشاعر السلبية – أن يجتهدوا في حياتهم وتكون أفعالهم إيجابية، لأن الفعل الإيجابي ينعكس على الإنسان معنويا وفكريا ليؤدي إلى تغيير إيجابي كبير.
إذا احرص على الأفعال، التواصل الاجتماعي، القيام بالواجبات الاجتماعية، الصلاة في وقتها، النوم الليلي المبكر، القراءة، الاطلاع، الاجتهاد في عملك، الحرص على بر الوالدين ... فإذا – يا أخي – من خلال هذه الأعمال الأصيلة والمهمة يتغير فكرك ويتغير شعورك، وتتحول من إنسان محبط وسلبي في التفكير وفي الشعور إلى إنسان إيجابي ومتفائل. هكذا – يا أخي – تكون الحياة.
ألفت نظرك أيضا لأمر مهم، وهو: أن الرياضة أثبت أنها ذات إفادة كبيرة للناس فيما يتعلق بصحتهم النفسية وصحتهم الجسدية. فيا أخي: احرص على الرياضة، اجتهد في الرياضة، وهذا إن شاء الله تعالى يعود عليك بخير كثير، على الأقل رياضة لمدة ساعة إلى ساعة ونصف، بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع.
أنا حدثتك أيضا عن الصحبة الطيبة، مهمة، الإنسان يحتاج لمن يأخذ بيده، لمن يدعمه، لمن يأخذه كنموذج.
أما موضوع الصدمات: هذه كلها تجارب في الحياة، ولا تعش على ضعف الماضي، الماضي دائما ضعيف، يجب أن تعيش على قوة الحاضر، لأن قوة الحاضر تجعلك تقف على أرجلك بصورة صحيحة، وتندفع نحو الحاضر ونحو المستقبل.
والله الموفق.