أعاني من عزلة اجتماعية وأحس أن الناس يراقبونني!

0 31

السؤال

السلام عليكم..

أعيش في غربة، انتقلنا من سوريا إلى النمسا، لا أخرج من المنزل سوى للمدرسة والرجوع، أحب الانعزال، شخصيتي متناقضة نوعا ما، أشعر أن شخصا يراقبني من ورائي لما أكون لحالي بالشارع، ولما ألتفت لا أجد أحدا، أحس أن الناس يراقبونني أحيانا.

لا أريد الخروج من المنزل حتى لا يلاحقني أحد، مع أني أحيانا أنسى أن أحدا يلاحقني، ولا أحس به.

في الفترة الأخيرة صرت أخرج من البيت في الليل، لا أحب الحركة، وخصوصا الرياضة دائما، في الرياضة لا أركز، والأنسة تسألني ماذا بك، فلا أقول شيئا، أحيانا أحس أن الدنيا وهم، مع أني أعرف الدنيا حقيقة، لكن لم أستطع السيطرة على هذا الشعور.

قبل أسبوعين راودتني أحلام غريبة، وهلوسات في الليل، أسمع صوت ريح برأسي، وصارت معي أيضا برأسي صوت شحنات، وأحس أن يدي تتحرك، وأحس أني أسقط، وحلمت أن رأيت بنتا كانت لطيفة، وبعدها تحولت لبنت عيونها فيها حول وكبيرة، ومعوقة برجليها، كان شعوري عادي، أشفقت عليها، وحضنتها فبسرعه عضتني من رجلي، وفقست عيونها علي.

لدي أحلام أخرى، أنا أنزعج أحيانا من الأصوات، العادية، وأحيانا من أصوات الأكل بعض الأحيان، لدي تبلد في المشاعر، وعندي اضطرابات في النوم، فأنا أسهر على الجوال، وأنام الساعة الثانية ليلا أو الواحدة.

لدي تفكير ومشاعر سلبية أحيانا تجاه الآخرين، وتجاه نفسي، أتمنى للناس الموت، وأكره العالم تتكاثر، وكلما مات شخص أقول في نفسي عادي، ارتاح من الدنيا خصوصا في زمن كورونا، وأتمنى للأطفال دائما الموت، حتى لا يكبروا ويتزوجوا وينجبوا أولادا، ويتكاثر العالم، لأني جدا قرفة، أتمنى العالم كله يموت لأرتاح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابنتي العزيزة: أنت في مرحلة المراهقة، وفي هذه المرحلة تراود الشخص أفكار تتراوح بين الحقيقة والخيال، وينسج من مخيلته أحداث يربطها بالواقع، وإذا شاهد فيلما "لا واقعيا" سرعان ما يربطه بالواقع، ويعكس شخصيات وأحداث الفيلم على حياته اليومية أثناء سيره في السوق أو تواجده في المدرسة أو البيت، وتبدأ تأتيه هلاوس سمعية وبصرية لا تمت للواقع بصلة، فإذا سمع صوتا لباب الجيران يرتعد من الخوف، ويبقى يراقب الشارع حتى مطلع الفجر، وغالبا ما تنتج هذه الأفكار والمشاعر أيضا عن القلق النفسي سواء كان قلقا ظاهرا أو مكبوتا، والذي يجعلك أكثر حساسية لأفعالك وأفعال الآخرين وكلامهم معك، ويجعل بالك مشغولا بموضوعات لا تستحق كل ذلك.

فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية، نأمل أن تساعدك على حل مشكلتك:
- بما أنك خرجت في الليل، ولم تجدي الرجل الذي كنت تعتقدين أنه يسير وراءك، إذا الموضوع كله "نسج من الخيال"؛ لذا عليك إبعاد هذه الشكوك عن نفسك، وكوني أكثر واقعية.

- عليك إعادة تنظيم حياتك، بحيث يكون لديك جدولا تتبعينه بشكل يومي، منذ الصباح وحتى وقت النوم، وتضمني ذلك الجدول جميع المهام والأحداث اليومية التي عليك القيام بها.

- أنصحك بالالتزام بأداء الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها.

- وعليك بتلاوة القرآن الكريم، يقول الله عز وجل { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله } أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها، { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } أي: حقيق بها وحري أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له، هذا على القول بأن ذكر الله، ذكر العبد لربه، من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك.

- احرصي على أخذ قسط وافر من النوم، وابتعدي عن السهر والأكل غير الصحي، وحاولي التفكير بأشياء سارة.

- حددي المواقف التي يرتفع فيها مستوى الخوف والقلق لديك، وقومي بترتيبها من الأكثر تأثيرا إلى الأقل تأثيرا.

- ابدئي الآن باختيار مشكلة واحدة وابدئي بتطبيق استراتيجية "لإزالة الخوف والقلق" وصولا إلى المواجهة، من خلال:
(أ‌) استرخي على سرير في مكان هادئ.
(ب‌) تخيلي المشكلة التي ستواجهك، وستحدث فيك القلق والخوف.
(ت‌) أغمضي عينيك وتخيلي الموقف الذي تصفينه.
(ث‌) تصوري الموقف يحدث، وتخيلي أنك هناك فعلا.
(ج‌) عندما تفعلي الخطوة (ث) فأنت ستشعرين ببعض القلق.
(ح‌) إذا حدث ذلك أوقفي المشهد التخيلي حالا.
(خ‌) استرخي وأريحي عضلات جسمك.
(د‌) ارجعي وتخيلي المشهد ثانية، وإذا شعرت بالتوتر والقلق، أريحي ذهنك.
(ذ‌) كرري الخطوات السابقة للمستوى الذي تستطيعين فيه تخيل المشهد دون أن تشعري بالخوف والقلق.
- عندما تخافين من موقف ما حاولي أن تسترخي أو تكوني هادئة، فبذلك تكوني استخدمت استجابة تتناقض مع الخوف.

الاسترخاء يخفف من التوتر بالتدريج، وفكري كيف أنت عليك أن تتصرفي لا أن تفكري في ردة فعل الطرف الآخر.

- قدري الموقف المخيف، فلا تمنحي الموقف "خوفا" أكثر مما يستدعي، فإذا قمت بعملية تقييم الموقف فإن ذلك سوف يساعدك على التصرف السليم بقدر ما يستدعي الموقف.

- لتخفيض مستوى الخوف وتستطيعين "تهدئة نفسك"، تعلمي أن تسترخي: في البداية اجلسي في كرسي أو استلقي على السرير، ومن ثم قولي لنفسك "سوف استرخي بشكل كامل، وسوف أبدأ بمقدمة الرأس وفروته (تخيل أعضاء جسمك). وسأجعل عضلات مقدمة رأسي وفروته تسترخي وتستريح بشكل كامل أيضا، والآن سوف أجعل عضلات وجهي تسترخي، ولن يكون هناك أي توتر في فكي، وبعد ذلك سأجعل عضلات عنقي تسترخي، بل سأجعلها تهدأ وسأطرد كل الضغط منها، إنني أشعر أن عضلات عنقي تسترخي، والآن سأجعل عضلات كتفي تسترخي، وسوف يمتد ذلك الاسترخاء إلى المرفقين، فالرسغين، فاليدين، فالأصابع.

وسأجعل عضلات صدري تسترخي الآن، وسوف أتنفس نفسا عميقا وأسترخي، وأجعل كل الشد والتوتر يختفي، وسيصبح تنفسي الآن طبيعيا ومسترخيا، وسأجعل عضلات بطني تسترخي، وبعد ذلك سأجعل عضلات ظهري تسترخي، والآن سأجعل عضلات الحوض، والفخذين، والركبتين تسترخي، والآن سيمتد الاسترخاء إلى بطتي الرجلين، والكاحلين، والقدمين، وأصابع القدمين، وسوف أبقى حيث أنا وأدع كل عضلات جسمي تترهل، وسأسترخي بشكل كامل من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي".

وإذا جربت هذا مرة أو مرتين، فسوف تدهشين بالاسترخاء الذي ستشعرين به، وستجدين أنك أكثر هدوءا، ولن يستغرق ذلك أكثر من 15 – 20 دقيقة يوميا بواقع 5 دقائق في كل مرة، مما يخفض مستوى القلق والخوف لديك بشكل ملحوظ.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات