السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 23 سنة، أدرس في إحدى الجامعات المتميزة، ومن الله علي بالتفوق الأكاديمي والحمد لله.
مشكلتي أنني انطوائية، وليس لدي صديقات مقربات، وعلاقتي مع والدي متوترة منذ فترة، لست أنا فقط بل إخوتي وأمي أيضا، وهذا الشيء يزعجني كثيرا، وأثر على نفسيتي بصورة كبيرة جدا.
وما يزعجني أكثر أن أبي قاس ومتحجر المشاعر، لا أشعر بدفء الأبوة، لا يكترث لشأني، ولا يهتم بمتطلباتي، يعاملنا كأننا كائنات مستهلكة ليس إلا، ولم يكترث لرأي أمي أو إخوتي في اتخاذ قرارات مصيرية، ولا يكترث لمصالحنا؛ مما أثار حقدا بداخلنا تجاهه، بالرغم من ذلك أنا أعلم تماما أن من واجبي بره، وعدم عقوقه، أحاول ذلك مرارا، لكني أفشل مرات أخرى.
تدنت نفسيتي ودراستي كثيرا، وأصبحت أنسب أي عوائق في طريقي إلى علاقتي المتزعزعة مع والدي، وأنه عدم توفيق من الله، وانهرت نفسيا مرات كثيرة.
وفي السنة الماضية تعرفت على شاب يدرس في نفس جامعتي يكبرني بسنة، في سنته الدراسية الأخيرة، تعلقنا ببعضنا البعض كثيرا، كان ذا خلق وعقل، فأخبرت والدتي عنه، فزجرتني بشدة ورفضته بسبب قبيلته؛ فتأثرت كثيرا وأحسست بالظلم، رغم ذلك لم أتركه، واستمر تواصلنا، ثم تركني وقال بأنه لن يتزوجني، وأنه تعلق بي كأخت له، وسيستمر بالتواصل معي على هذا النحو، رغم أني لا أزال أحبه!
أعرف أني فعلت الكثير من الأخطاء والذنوب، وما يقلقني أنني كلما أتوب وأشعر بقربي من الله لا أمكث حتى أرتكب ذنبا يرجعني إلى الخلف!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختي الكريمة- في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه وأن ييسر أمرك، والجواب على ما ذكرت:
مما أنصح به في التعامل مع الوالد..
* ينبغي أن تؤكدي في نفسك أن البر والإحسان بالوالد والرفق به، ومهما كان لديه من أمور قد تكون ليست مرضية لك، فهو أبوك في النهاية، والتعامل معه بجفاء لا يؤدي إلى تغيير ما هو عليه، وأرجو مراعاة سنه.
* أكثروا من الدعاء للوالد في ظهر الغيب بأن يصلح الله حاله، وأن يحسن الله له الختام.
* اجتهدي أن تكوني قريبة أكثر من الوالد، وتلمسي الأسباب التي جعلته بهذه الصفات، فأنت أصبحت كبيرة، ويمكن أن يتقبل منك أي رأي، إذا جلست معه واستمعت له كثيرا.
التعامل مع ما يحصل من الوالد حتى أثر على نفسيتك ومستواك الدراسي هذا أمر غير مقبول تماما، وينبغي أن تعالجي الأمور بالسعي في حلها، لا أن تؤثر على نفسيتك أو في دراستك، فأرجو أن تكثري من الدعاء والاستغفار، وأن تستعيني بالله في إصلاح شأنك.
وأما بخصوص تواصلك مع الشاب الذي تعرفت عليه:
فهذا أمر ينبغي تركه، لأن تواصل الفتاة مع شاب أجنبي عنها فيه محاذير كثيرة، ويخشى الوقوع فيما حرم الله من نظر بعضكم لبعض، أو الملامسة أو الخلوة، وبما أن الوالدة قد أبلغتك برفض الزواج منه بحسب عادات البلد، وهو قد قرر أن لا يتقدم لخطبتك، فلم يبق للتواصل معه أي فائدة، إنما تضييع للوقت، وكل فتاة صالحة تريد الستر والعفاف سيأتي من يطلبها من أهلها من هو كفء لها بإذن الله تعالى.
وبخصوص المعاصي والآثام: إذا وقع فيها الإنسان لزم عليه شرعا التوبة، وإذا تاب فإن ذنبه يمحى عنه، ولا ينبغي أن تتصوري أنك ما زلت مذنبة بعد التوبة، فالله غفور رحيم، يغفر الذنب ويقبل التوبة عن عباده.
ثم اعلمي أيضا أنك إذا تبت من ذنب ثم رجعت له فإنه يجب عليك أن تتوبي منه مرة أخرى، ولو تكرر منك عدة مرات، ولا تفكري في ترك التوبة؛ لأن هذا من القنوط من رحمة الله، فرحمة الله واسعة، ولأن هذا من مداخل الشيطان على النفس حتى يصرفك عن طاعة الله والتوبة إليه.
وفقك الله لمرضاته.