لم أعد أطيق العيش مع حماتي!

0 31

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ 14 سنة، وعندي بنتان، وأسكن مع حماتي في شقتها، وأنا صراحة متضايقة من السكن معها، وهي كذلك لا ترح نفسها فهي دائما المشاجرة.

هي لا تحبني وكذلك أنا، لكني أعاملها بما يرضي الله، وكانت في آخر مشكلة ستتسبب في طلاقي من زوجي، وأنا منذ وقت المشكلة لا أكلمها ولا أريد أن أجلس في البيت بعد هذه المشكلة، وكلما أطلب من زوجي أن يوجد لنا شقة لنسكن فيها يقول لي ليس عندي مال، وأنا بصراحة لا أعرف ماذا أفعل! فقد استخرت الله كثيرا لأصل لحل لكني لم أجد حلا، فلا أجد نفسي إلا مجبرة على الجلوسي معها.

نفسيتي تعبت وأفكر بترك البيت، لكن لا أعرف كيف!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عزيزتي: دينا، قرأت رسالتك أكثر من مرة، وتألمت لما آلت إليه الأمور بينك وبين والدة زوجك، وهذه المشاكل اعتدنا على سماعها ومعايشتها، ولا شك أن جفاء العلاقة بينك وبين والدة زوجك غير جائز، كما أن حرص زوجك على بر أمه من علامات صلاحه ودينه، ولكنك لم تخبرينا عن نوعية المشاكل التي حصلت بينك وبين حماتك، وخاصة أنك ذكرت أن المشاكل تحدث يوميا، وهل سألت نفسك -يا دينا- ماذا لو كانت والدتك هي من تختلفين معها؟ هل سيكون رد فعلك بنفس الطريقة؟ هل تعلمين أن نصف مشاكل أهل الزوج تحل لو اعتبرنا والدة الزوج بمثابة الأم الثانية، وخفضنا لها جناح الطاعة والاحترام وعاملناها بالحسنى؛ لما وجد الشيطان طريقا إلى نفوسنا ليعبث بها ويودي بحياتنا في نفق الغم والهم؟

هل تم الاتفاق على السكن مع والدة زوجك؟ وأنت وافقت بالطبع!

أوصيك -بنيتي- ببعض الخطوات لعلها تساهم في إعادة الود بينك وبين زوجك ووالدته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه:

- اعلمي أن حماتك ليست سيئة كما تظنين، ولا تحسبيها عدوة لك في ميدان المعركة، ولا تنتظري إعلان الفائز، حقا إن موقف زوجك صعب للغاية؛ فهو واقع في حيرة بين أمه التي حملته وأنجبته وربته وسهرت الليالي من أجل راحته، وبين زوجته وشريكة عمره.

- صلاة الاستخارة محببة وجائزة لإصلاح الأمور بينك وبين والدة زوجك، واطلبي من الله -عز وجل- أن يمن عليك بالخير والصلاح، وأن يؤلف بين قلبك وقلبها، وأبعدي عن نفسك فكرة الطلاق، واصبري؛ فالله -جل جلاله- قال لنا في كتابه الحكيم: "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين".

- اجتهدي وابحثي في الأسباب التي أدت إلى ما آلت إليه الأمور بينكما، ثم عالجي الموقف بحكمة، ودورك هنا أن تضبطي نفسك، وتتنازلي وتعتذري عن ما صدر منك من رفع صوت وأخذ ورد ومناقشة، ومحاولتك الدفاع عن نفسك وإثبات أن أمه تظلمك، ولا تنسي أنك تتحاورين مع امرأة كبيرة في السن، ونسيت ربما صحتها لا تحتمل النقاش والغضب وما شابه ذلك، ولكنها لحظة شيطان تخرجنا عن طوعنا فنخسر دون أن نعي إلا بعد فوات الأوان.

- اعلمي أن طاعة الزوج مفتاح الجنة، والزوجة التقية هي التي تسعى إلى إرضاء زوجها التقي البار بأهله، فديننا يسير وسهل، ونحن نصعب الأمور على أنفسنا، والله ليس بظالم للعبيد، والعبيد يظلمون النفس، والإسلام قرر الحقوق والواجبات لكلا الزوجين، ولو قاما بها لسعدت وهدأت النفوس وشعرت بالحب والمودة والرحمة والسكينة، وأما إذا أساءوا استخدامها فشلت العلاقة الزوجية.

- تذكري أن حماتك تريد سعادة ابنها، وتتضايق إذا شعرت أن دورها ألغي بمجرد زواجه، وبعض الأمهات تنتابهن الغيرة من زوجة الابن؛ وهذا أمر مألوف في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بحكم العلاقات المبنية على الطاعة والاحترام، وأن دور الأهل لا ينتهي بمجرد زواج ابنهم؛ لذلك عليك أن تتفهمي هذه الأمور، وتذكري أنك سوف تصبحين أما وتعيشين نفس اللحظات وربما أكثر.

- ساعدي زوجك على بر أهله، واعلمي أن زوجك لن يدخل الجنة إلا برضا أمه عليه، ولا تخبريه بما يصدر من أهله إلا كل الخير، وعاملي حماتك كما تحبين أن تعامل زوجة أخيك والدتك، فعندما نقلب الأدوار ونضع أنفسنا في موقف الآخرين؛ تصغر الخلافات والهموم، ويصبح بمقدورنا رؤية الأمور من منظار آخر، ونركز على الحلول لا على المشاكل.

- اكسبي رضى حماتك، ولا تعكري صفو حياتك، واهتمي بها، واستمعي إليها بكل احترام، ولا تنتقدي كلامها ولو لم يعجبك، فالزوجة التي تحب زوجها تحب أهله وتكرمهم إكراما له، وتذكري كيف تحملنا انتقاد أمهاتنا لنا دون أن نرد عليهم، وهذا من باب الاحترام والبر والصبر على الأذى، وتذكري أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ورسولنا الأكرم قال لنا: "ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا".

- وثقي علاقتك بالله العزيز الحكيم من خلال المحافظة على أداء الصلوات الخمس، والصوم، والزكاة، والإكثار من الاستغفار، كما أخبرنا نور الهدى وقال: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية".

أسأل الله لك الهداية وإصلاح الحال بينك وبين زوجك ووالدته، والله سميع مجيب.

طمئنينا عنك، وبإمكانك معاودة الكتابة إلينا فنحن نسعد بمساعدتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات