قل النوم لدي، وصرت أخاف من فكرة عدم النوم مطلقًا

0 44

السؤال

السلام عليكم

بدأ الموضوع معي بعدم القدرة على النوم لمدة يومين، فأصبت بخوف من عدم القدرة على النوم مجددا، وتطورت حالتي لأنني لا أرغب بفعل أي شيء، ولا أشعر بفرح أو حزن، وكنت لا أشعر بالحر أو بالعرق، بالرغم من شكوى من حولي بحرارة الجو.

تناولت نايت كالم، وفي اليوم التالي لم أستطع النوم، ولكن لم أتناوله مجددا خوفا من الإدمان، واستمر الموضوع فأصبحت لا أنام إلا ساعة في اليوم وبصعوبة.

ذهبت لطبيب مخ وأعصاب وصف لي توبتيزول ١٠ حبة قبل النوم، وقال لي: إنه توتر وقلق، ثم تحسنت، ولكن الصيدلاني نصحني بالاستمرار على نايت كالم، والتوقف عن التربتزول، فأصبحت أتناول ربع قرص يوميا.

في يوم كنت جالسة فجاءتني ذكرى انتحار شاب بجوارنا بسبب عقار، وأصبحت أفكر أن تلك الفكرة لن تزول نهائيا من دماغي، ولكنها زالت -الحمد لله-.

ومرت الأيام وتوقفت عن النايت كالم منذ أسبوعين، وعندما كان يصيبني أي أرق كنت أتناول ملعقة دواء أوبلكس وأصبحت أستطيع النوم.

في يوم آخر كنت جالسة راودتني فكرة ماذا سأفعل إن لم أستطع النوم مجددا، فذهبت هذه الفكرة وجاءت فكرة ماذا لو أنني لم أستطع التوقف عن التفكير؟ أعرف أنها فكرة غريبة وسخيفة وغير منطقية وغير سليمة، ولكن لا زالت تلك الفكرة عالقة برأسي منذ ثلاثة أيام، ولا تذهب عني للحظة، حتى إنني لم أستطع فعل أي شيء في يومي سوي التفكير، ولم أنم في تلك الليالي الثلاث بسهولة بسبب تلك الفكرة، فهل سأظل طوال حياتي بهذه الفكرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

لا شك أن النوم حاجة بيولوجية، وهو أمر طبيعي، بمعنى أن الوضع الصحيح هو أن نجعل النوم يبحث عنا ولا نبحث عنه.

في بعض الأحيان تحدث صعوبات كثيرة في النوم مثل ما هو عندك الآن، والسبب في أنه لديك درجة مرتفعة نسبيا من القلق، ليس ارتفاعا شديدا، لكن أحس أن النواة القلقية لديك قوية بعض الشيء.

والقلق هو طاقة نفسية مطلوبة، وهي طاقة نفسية من المفترض أن تكون إيجابية دائما، لأن القلق يساعدنا على التحفز، يساعدنا على الإنتاجية، يساعدنا على النجاح، الشخص الذي لا يقلق لا يقوم بأي دور إيجابي في الحياة، لكن القلق قد يحتقن، وقد يزداد، وقد يسلك مسارات خاطئة، وهذا هو الذي يؤدي إلى التوترات.

لذا أنا أنصحك أن تسعي لاستهلاك قلقك بصورة إيجابية، وتجعله يسير في الاتجاهات والمسارات الإيجابية المطلوبة، وهذا يتم من خلال الاجتهاد في العمل، لا بد أن تعطي عملك حيزا من الوقت، وتكوني مهتمة ومستمتعة به.

الأمر الآخر هو: أن تنامي نوما مبكرا، وتتجنبي السهر والنوم بالنهار، النوم الليلي المبكر يجعل الإنسان حقيقة يعيش في كثير من راحة البال وتنتهي التوترات غالبا، يستيقظ الإنسان مبكرا وهو نشط، يؤدي صلاة الفجر، ثم يبدأ يومه بكل أريحية، وبكل إقدام وبكل إيجابية.

أيضا أمر آخر: ممارسة الرياضة، الآن أثبت علميا أن الرياضة نشاط ضروري للصحة النفسية لدى الإنسان، ولصحته البدنية، ولصحته الاجتماعية، فأرجو أن تهتم بالرياضة، -وما شاء الله- أنت في بدايات الشباب، والله حباك بطاقات ممتازة، فأرجو أن تستغليها وتفعليها وتمارسي الرياضة.

أريدك أيضا أن تهتم بالترفيه عن النفس، تخرجي مع أصدقائك، يكون لديك شيء من الترفيه، هذا مهم جدا للإنسان، وأريدك أن تهتمي بالواجبات الاجتماعية، تلبي دعوات الأفراح مثلا، دعوات الأعراس، تشاركين الناس في أحزانهم، تزورين المرضى، تصلين رحمك، تتفقدين أصدقائك، وتقرئين القراءات المفيدة.

بهذه الكيفية تكونين قد وجهت القلق توجيها صحيحا، وهذا يقلل لديك التوتر كثيرا.

أرجو أن تتبعي ما ذكرته لك من تلك النصائح.

أما بالنسبة للدواء: فأعتقد أن الطبيب الذي وصف لك التربتزول قد أحسن الاختيار، التربتزول بالرغم من أنه دواء قديم؛ لكنه دواء ممتاز، ودواء فاعل جدا لإزالة القلق وتحسين النوم، وهو لا يسبب الإدمان أبدا، قد يسبب آثارا جانبية بسيطة كالشعور بالجفاف مثلا في الفم في الأيام الأولى للعلاج.

أنا أعتقد -ومع احترامي الشديد للأخ الصيدلي الذي نصحك- أن تستمري على (نايت كالم) وطالبك بإيقاف التربتزول، أعتقد أن نصيحته خاطئة تماما، (نايت كالم) يتكون من بعض مضادات الهيستامين، والإنسان يمكن أن يتعود عليها على المدى البعيد، لكن التربتزول لا تعود عليه.

أنا أنصحك الآن أن تتناولي التربتزول بانتظام، وذلك من أجل بناء قاعدة علاجية دوائية سليمة وممتازة، ويكون تناول التربتزول ليلا وبجرعة خمسة وعشرين مليجراما، وهذه جرعة ليست كبيرة أبدا؛ لأن الجرعة الكلية هي مائتي مليجرام في اليوم، ومدة العلاج في حالتك تكون لمدة شهرين، حبة واحدة ليلا -أي خمسة وعشرين مليجراما- وبعد ذلك خفضي الجرعة واجعليها عشرة مليجرام ليلا ولمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول التربتزول.

هذه هي الطريقة الصحيحة لتناول التربتزول في حالتك، وأنا أؤكد لك أن الدواء سليم، وأن الجرعة صغيرة، وبسيطة، وإذا بالفعل انتظمت على هذا الدواء بهذه الكيفية مع الأخذ بالإرشادات السلوكية العلاجية السابقة سوف تتحسن حالتك، وصحتك النفسية ستكون إيجابية جدا -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك مرة أخرى على الثقة في إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات