السؤال
السلام عليكم.
لا أعرف من أين أبدأ؟ أنا مهموم جدا، وأفكر كثيرا في نفسي وفي كل شيء.
تعرضت منذ حوالي سنتين إلى تحرش، وهذا إلى الآن يشعرني بأنني لست رجلا، وبدأت أخاف كثيرا من الناس ومن نظراتهم، ولماذا ينظرون لي هكذا؟
عندما أقود السيارة أخاف من البشر سواء من معي، أو الذين في الطريق، وأريد أن أعود إلى المنزل بأسرع وقت.
أفكر كثيرا زيادة على اللزوم حتى عندما أتحدث مع أحد يؤنبني ضميري كثيرا، وأشعر أنني لم أتحدث معه بشكل جيد.
أشعر أن الناس أفضل مني بكثير، عندما تحدث مشكلة بيني وبين أحد أخاف كثيرا، حتى إذا كان الشخص أصغر مني سنا، وتبدأ يداي وجسمي بالارتعاش، ولا أستطيع التحدث بشكل جيد، وأشعر ببرود شديد وكأننا في فصل الشتاء، -هذا الشعور ليس عندما تحدث مشكلة فقط، بل حتى عندما أتحدث مع أحد بشكل جدي في أمر مهم، يراودني هذا الشعور بالخوف والبرودة والرعاش-.
يؤنبني ضميري كثيرا على أي شيء، حتى عندما أتصل بأحد وأسأله على حاله يؤنبني ضميري كثيرا، ولا أستطيع النوم لساعات طويلة وأنا أفكر وأبكي لماذا اتصلت به وهو لا يحبني؟ وأقول لنفسي: أنا لست محبوبا، أنا لست رجلا.
أقضي كل ليلة وأنا أبكي، ولا أستطيع النوم، وفي الصباح لا أشعر أنني في الصباح، فظلام الليل يلاحقني دائما، يراودني شعور بأنني لن أتغير وستزداد حالتي سوءا.
لا أستطيع أن أعيش حياتي، ولا يوجد لدي أصدقاء، لا أحد يسأل عني، وأشعر بالقلق دائما من كل شيء، حتى إذا تكلمت مع أحد غريب يراودني القلق، وأنه يريد مني شيئا، دائما أشعر بخنقة وكأن جبالا على صدري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تعرضك للتحرش ترك آثارا سلبية على شخصيتك، وجعلك أقل ثقة بنفسك وبالآخرين، وإذا كان التحرش حدث ولم يتكرر، وإذا كان لا يعلم أحد أنك تعرضت للتحرش فذلك شيء جيد.
ما حدث حدث وانتهى، نحن علينا التفكير بما سوف يحدث غدا، وماذا علينا أن نفعل بالحاصر والمستقبل، أنصحك بما يلي:
- اعلم أنه لم يكن خطأك، لم تفعل أي شيء يمكن أن يبرر أو يدفع شخصا آخر لاغتصابك أو الاعتداء الجنسي عليك أيا كان.
- قد يحدث الاغتصاب والاعتداء الجنسي لأي شخص وفي أي مكان، تخلص من اللوم الذاتي أو الشعور بالكره لنفسك أو لكونك "لست رجلا".
- استوعب أن ما حدث قد جرى غصبا وضد رغبتك، لم تفعل أي شيء كان بحد ذاته سببا في مرورك بتلك التجربة الصعبة، واستوعب كذلك أن كل البشر عرضة لهذا الأمر وأنك لست أول أو آخر من يتعرض له.
- تحدث عن ما حدث معك لشخص تثق به، ويفضل أن يكون أبا أو أما فقط، ولا تتحدث لأي شخص إذا كنت لا ترغب بذلك.
- اعط نفسك الوقت الكافي للتعافي، قد يستغرق الأمر عدة سنوات، وسوف تستعيد مع الوقت تعريف ذاتك ونظرتك للعالم وعلاقاتك به.
- حاول أن تتكيف مع واقعك اليومي، فالتفكير فيما حدث لن يغير من الأمر شيئا.
- حاول الاشتراك بأنشطة اجتماعية، أو الانتساب لناد رياضي، ومارس هواياتك المحببة.
- بالنسبة لخوفك وارتعاشك عند الحديث مع الآخرين، فهذا نتيجة للحساسية الزائدة والتفكير في أن الناس يقولون أو يظنون شيئا.
الحل هو تطبيق طريقة التجاهل: والتي تكمن في عدم الاهتمام لكل كبيرة وصغيرة، فأحيانا التركيز المفرط يجعلنا أكثر حساسية للكلمة والنظرة والحركة، وبذلك وكأننا نسلم أنفسنا للمعاناة النفسية المتمثلة في التفكير في فلان وفلانة وماذا قلت أنا، وكيف أجابني؟ وكان علي أن أقول كذا وكذا.
- اجعل مسافة في العلاقات بينك وبين الآخرين، وليكن التفاعل بينك وبين شخص آخر تفاعلا قائما على التقارب المتكافئ، فلا تشعر الطرف الآخر أنك دائم السؤال عنه حتى وإن لم يسأل عنك، فهذا تفاعل خاطئ.
- أنصحك بالالتزام بأداء الصلاة في وقتها وعدم تأخيرها، وتلاوة القرآن الكريم. يقول الله -عز وجل- { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} أي: يزول قلقها واضطرابها، وتحضرها أفراحها ولذاتها {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} أي: حقيق بها وحري أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره، فإنه لا شيء ألذ للقلوب ولا أشهى ولا أحلى من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.